تعلق تونس آمالا كبيرة على منتدى للاستثمار انطلق الخميس ويستمر يومين لإنعاش أوضاعها الاقتصادية المتداعية منذ سنوات، في ظل دعم من المانحين الدوليين اعتبره خبراء أنه يؤكد الثقة في الإصلاحات التي تنكب الحكومة على تنفيذها. ويأمل المسؤولون في تحقيق بعض النتائج المثمرة من تنظيمها لهذا الحدث، الذي يأتي تحت شعار “تونس الإصلاحات والقيم التنافسية”، بتنظيم من وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي وبالشراكة مع البنك الدولي. وتعكس مشاركة المؤسسة المالية الدولية في المنتدى التزامها بمواصلة دعم جهود تونس في مسارها الإصلاحي الاقتصادي والتنموي، في وقت أعلن فيه صندوق النقد الدولي أنه جاهز لبدء مفاوضات مع البلد في الأسابيع المقبلة حول برنامج قرض طال انتظاره. فريد بالحاج: المنتدى فرصة للتعريف بالإصلاحات والترويج لمناخ الأعمال والمنتدى واحد من ثلاثة أحداث اقتصادية مقررة هذا العام، تشمل القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا “تيكاد 8” المقررة نهاية أغسطس، والمنتدى الاقتصادي للفرنكوفونية في نوفمبر. وتأتي الخطوة فيما تسعى السلطات إلى إعطاء قطاع الاستثمار، الذي لا يشكل سوى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، دفعة أكبر خلال الفترة المقبلة، وتحسين صورة البلاد خارجيا من حيث مناخ الأعمال الذي لا يزال ضمن نطاق المؤشرات الضعيفة. وتركز الحكومة من خلال المنتدى على التعاون بين القطاعين العام والخاص كآلية لإنجاز المشاريع المزمعة، إلى جانب تنظيم لقاءات ثنائية بين أصحاب الأعمال والمستثمرين المحليين ونظرائهم من الخارج لتدارس فرص إرساء شراكات مثمرة. وتقول وزارة الاقتصاد إن هذه الدورة تعد فرصة لإبراز الميزات التفاضلية والتنافسية لتونس، ولتسليط الضوء على الإصلاحات التي يتم تنفيذها لتنشيط الاقتصاد ودفع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال. وأكدت أن الحدث سيعمل على تقديم “مميزات تونس للمزيد من الاندماج في خارطة الاستثمار العالمية، وإعادة التموقع ضمن سلاسل القيمة الناتجة عن التطورات الجيواستراتيجية الأخيرة”. ويرى متابعون أن مضي السلطات التونسية في الإصلاحات مع التركيز على تعزيز مناخ الأعمال باعتباره أحد المحاور المهمة في دفع عجلات التنمية، رغم الصعوبات الكثيرة، جعلها محل ثقة أكبر من قبل المانحين الدوليين. ويُنظر إلى حزمة الإجراءات التي يتبعها الرئيس قيس سعيّد منذ يوليو الماضي على أنها اختبار حاسم لقدرة تونس على طرق أسواق الدين الخارجية، حتى مع النظرة السلبية التي منحتها وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية للبلاد في الأشهر الماضية. وتضررت المالية العامة للبلاد جراء سوء إدارة الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الماضية، ناهيك عن التداعيات الكارثية التي خلفتها الجائحة على مجمل النشاط الاقتصادي ثم آثار الحرب في أوكرانيا، والتي تجلت أيضا في تدهور القدرة الشرائية للناس بشكل غير مسبوق. وقال فريد بالحاج نائب رئيس البنك المكلف بمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في بيان، عقب لقاء جمعه بوزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيّد الأربعاء الماضي، إن “البنك سيستمر في دعم تونس”. وأكد بالحاج، الذي يزور تونس للمشاركة في المنتدى، وقام بسلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين التونسيين، أهمية الإصلاحات والإجراءات التي تم إقرارها، باعتبار ما ستتيحه من إمكانية لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتسريعها. مضي تونس في الإصلاحات مع التركيز على تعزيز مناخ الأعمال، رغم الصعوبات الكثيرة، جعلها محل ثقة أكبر من قبل المانحين الدوليين واعتبر في بيان نشرته وزارة الاقتصاد التونسية على حسابها في فيسبوك، أن “المنتدى سيوفر فرصة للتعريف بهذه الإصلاحات وسيساعد على استعادة جاذبية تونس ويعزز موقعها في خارطة الاستثمار”. وتلقت تونس دعما من البنك الدولي لسنوات، وكان آخرها في مارس الماضي حينما وافقت المؤسسة المانحة على قرض بقيمة 400 مليون دولار يهدف إلى مساعدة نحو 900 ألف أسرة تونسية ضعيفة، في إطار الدعم الطارئ للحماية الاجتماعية من تبعات الوباء. ومن المتوقع أن يبدأ صرف القسط الأول من القرض خلال هذا الصيف لمساعدة الأسر التي تضم نحو أربعة ملايين شخص، وتعاني من الفقر. وأشار وزير الاقتصاد إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمالية المتراكمة في تونس، وزادت حدّتها جراء تداعيات جائحة كورونا واندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية مؤخرا. وقال سعيّد إن “المرحلة القادمة ستركز على إطلاق الإصلاحات والتسريع في تفعيل الإجراءات، خاصة تحسين مناخ الأعمال وتبسيط مسار الاستثمار”. وتتجه الحكومة التونسية لمراجعة رواتب موظفي القطاع العام، ضمن رزمة إصلاحات اقتصادية أعلنتها الدولة. وكانت وزيرة المالية سهام بوغديري أعلنت عن برنامج يهدف إلى مراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية في البلاد، هدفه إعادة ضبط التوظيف وفاتورة الرواتب. كما تتضمن حزمة الإصلاحات إعادة توجيه الدعم الاجتماعي من خلال نظام جديد، وإعادة ضبط الإيرادات الضريبية وتخفيف الدعم جزئيا، وإصلاحات أخرى مرتبطة بمناخ الأعمال.
مشاركة :