كشف المؤرخ د. فؤاد بن ضيف الله المغامسي، جانباً من معاناة الباحث التاريخي ومواجهته التحديات والمعوقات كاندثار بعض اللغات، وصعوبة الوصول إلى مترجمين لها، وتزوير الوثائق، وحساسية كثير منها حتى وإن كانت تعود لقرن أو قرنين أو ثلاثة من الزمن، فبعضها يمسُّ مجتمعاً أو أفراداً مما يضاعف المسؤولية تجاه التعاطي معها. جاء ذلك في معرض رده على أسئلة حوارية على هامش فعاليات معرض المدينة المنورة للكتاب 2022، مؤكداً أن المعرض يختزل قصة نجاحه من خلال خلقه أجواء متكاملة للأسرة في مكان واحد، وتنوع دور النشر وتعددها، وثراء برامجه المصاحبة، وإلى نص الحوار: متى يستحق الباحث لقب «مؤرخ»؟ هناك فرق بين المؤرخ، والباحث التاريخي، والمهتم بالتاريخ؛ فالمؤرخ: هو العالم الذي درس ودوَّن التاريخ، وأصبح مصدراً ومرجعاً وفق منهج علمي وقواعد ومعايير منهجية وضعها أصحاب هذا الفن، أما الباحث فهو الذي يتمتع بروح القراءة الجيدة والاستنباط والنقد وتتبع الخبر من المصدر وإحكام المنهجية العلمية عليه والوقوف على أطلاله إن أمكن. والمهتم بالتاريخ: هو الذي يستلطف القراءة التاريخية والمعلومات القصصية دون حرص أو بذل جهد. ما تقييمك للعناية بالمواقع التاريخية والتراثية؟ في كل أسبوع أقف ميدانياً على بعض المواقع التاريخية، وأستطيع أن أقول جازماً إن بلادنا تشهد نقلة نوعية كبرى، وتطوراً متتابعاً في هذا الملف، نتج عنه الانتهاء من بعض المعالم والمواقع واستمرار العمل في أخرى، ومما تم الانتهاء منه: المساجد التاريخية والآبار النبوية، كمسجد بني أنيف الذي أصبح وجهة تاريخية، وبئر غرس التحفة الفنية الجميلة، ووادي العقيق الوادي المبارك، وهناك عددٌ من المواقع التاريخية تخضع لبرامج الترميم من قبل الجهات المعنية: وزارة الثقافة، وزارة السياحة، برامج الرؤية، هيئة تطوير المدينة، هذا الحراك يشمل معالم المدينة وامتداد الوطن. - ما الذي تحتاجه الكراسي البحثية وأقسام التاريخ في الجامعات؟ تهدف الكراسي العلمية إلى الإثراء المعرفي والإنساني، وخلق الابتكار ودعمه وتطويره، وصناعة الفكرة واستثمارها، واستقطاب الكفاءات المتخصصة ودعمها، وخلق أفكار متجددة، وذلك بالاستفادة من الخبرات العلمية، ولكن لا بد أن تحدد الأهداف والمعايير بدقة، إضافة إلى تخصصية القائمين عليها والاحتكام إلى معيارية الإنتاج. هل واجهت تحديات أو عوائق في البحث والتوثيق؟ الباحث الجاد يواجه التحديات بروح البحث والتحقيق والتقصّي، وهو من يملك مفاتيح الحل إذا كان متخصصاً في فنه وعلمه، هناك تحديات ليست بالسهلة منها: صعوبة ترجمة الوثائق الأرشيفية التي كتبت في فترات زمنية متباعدة، وبلغات بعضها اندثرت أو تطورت، وكذلك التحقق من صحتها، وحساسية كثير منها حتى إن كانت تعود لقرن أو قرنين أو ثلاثة من الزمن، فبعضها يمسُّ مجتمعاً أو أفراداً مما يضاعف المسؤولية تجاه التعاطي معها، وعلى الباحث أن يُحسن التعامل مع التحديات وينتفع بالمراكز البحثية.
مشاركة :