الاقتصاد العالمي بين الألم المالي أو الركود التضخمي

  • 6/26/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بلغ الوضع الحالي في الاقتصاد العالمي، المفاضلة بين بعض الألم الاقتصادي للتخفيف من حدة تداعيات الأزمات العالمية المتتالية، أو الوقوع في براثن الركود التضخمي، والذي بدأ يطل برأسه في عدد من الدول. يتجه الاقتصاد في العديد من دول العالم لتحمل تبعات هذه الأزمات العالمية، بداية من تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي تخللتها مشاكل التضخم على جميع الدول. ففي أكبر اقتصاد في العالم، أبرزت كريستالينا غورغييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أهمية مكافحة التضخم الآن لتعزيز بوادر نمو اقتصادي في المستقبل، محذرة من أن القيام بذلك يمكن أن يتسبب في «بعض الألم» للمستهلكين على المدى القصير. وفي الوقت الذي قلص فيه صندوق النقد الدولي توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي لعام 2022 بنسبة 0.8 في المائة إلى 2.9 في المائة، قالت غورغييفا: «النجاح بمرور الوقت (في خفض الأسعار) سيكون مفيداً في النمو العالمي، لكن بعض الألم للوصول إلى هذا النجاح يمكن أن يكون ثمناً من الضروري دفعه». وقلص الصندوق يوم الجمعة توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي بسبب زيادات جريئة في أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، لكن الصندوق توقع أن الولايات المتحدة ستتجنب «بالكاد» ركوداً اقتصادياً. وقال الصندوق في تقييم سنوي للسياسات الاقتصادية الأميركية إنه يتوقع الآن نمو إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 2.9 في المائة في 2022 مقابل أقرب توقع له ونسبته 3.7 في المائة في أبريل (نيسان). وبالنسبة لعام 2023 خفض الصندوق توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 1.7 في المائة من 2.3 في المائة، ويتوقع الآن معدل نمو ضئيلاً نسبته 0.8 في المائة لعام 2024. في أكتوبر (تشرين الأول)، قبل موجة (كوفيد - 19) التي أشعلتها السلالة أوميكرون وقبل وقت طويل من تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع حاد في أسعار الوقود والأغذية، توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 5.2 في المائة. من جانبها قالت وزارة الخزانة الأميركية، رداً على تقليص الصندوق توقعه لنمو الاقتصاد الأميركي إنها تقدر الرؤية الاقتصادية التي قدمها الصندوق. ويرى مسؤول من صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، أنه في حالة سقوط الولايات المتحدة في حالة من الركود فمن المرجح أن تكون «قصيرة نسبياً» مع زيادات بسيطة فقط في البطالة، وقد تكون مماثلة للتباطؤ الأميركي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وقال نيجل تشوك، نائب مدير إدارة نصف الكرة الغربي بصندوق النقد الدولي، إن عمق أي ركود سيعتمد على حجم الصدمة التي ستدفع الاقتصاد الأميركي بعيداً عن المسار الذي توقعه صندوق النقد الدولي لتفادي الركود بصعوبة. وقال تشوك في مؤتمر صحافي حول مراجعة صندوق النقد الدولي للسياسات الاقتصادية الأميركية: «هناك الكثير من المدخرات الموجودة في النظام والتي من شأنها أن تساعد في دعم الطلب... وحيث إن كل هذه الأشياء ستساعد في دعم الاقتصاد، لذا فإنه إذا تعرض لصدمة سلبية، فسوف تمر بسرعة نسبياً وسيحدث انتعاش سريع نسبياً بعد ذلك». كما يرى جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياط الاتحادي لسانت لويس، إن المخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي تفجرت في الوقت الذي يندفع فيه المستهلكون لإنفاق السيولة النقدية التي تراكمت لديها أثناء فترة الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد. أضاف بولارد عضو مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) في كلمة له بمدينة زيوريخ السويسرية: «أعتقد فعلاً أننا سنكون في وضع جيد... من المبكر جداً الدخول في مثل هذا الجدل بشأن احتمالات الركود في الولايات المتحدة»، مجدداً دعوته إلى المسارعة بزيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم. كانت لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الاتحادي قد قررت في الأسبوع الماضي زيادة الفائدة الرئيسية بمقدار 75 نقطة أساس، فيما أشار جيروم باول رئيس المجلس إلى اعتزام اللجنة زيادة الفائدة بمقدار 50 أو 75 نقطة أساس خلال الاجتماع المقرر أواخر يوليو (تموز) المقبل. ورغم تزايد عدد المحللين والخبراء الذين بدأوا يتوقعون ركود الاقتصاد الأميركي قال بولارد إن هذا الكلام كان يقال: «في المراحل الأولى من التعافي أو النمو الأميركي ونحن الآن تجاوزنا التعافي وسيكون من غير الطبيعي العودة إلى الركود في هذه المرحلة». وأضاف أن «زيادات الفائدة ستؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد، لكن من المحتمل أن يكون التباطؤ في وتيرة النمو وليس نحو الركود... لا أعتقد أنه سيكون تباطؤاً كبيراً أعتقد أنه سيكون تباطؤاً معتدلاً للاقتصاد». وتعاني الدول النامية من تبعات أشد على اقتصادها جراء الأزمات العالمية المتتالية، وظهرت أزمات بالفعل في مصادر توفير الدولار وبالتالي استيراد السلع والطاقة والغذاء، فضلاً عن أزمة التوظيف التي تهدد السلام والسلم الاجتماعي.

مشاركة :