نحن في حاجة إلى تجديد خطابنا السمعي – البصري

  • 6/26/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نحن في حاجة إلى تجديد خطابنا السمعي – البصري ملايين الساعات يمضيها الناس أمام الشاشات بكل أشكالها وهم يتلقون خليطا متنافرا من الخطابات التي لا سبيل لتجديدها. من السهل تجاوز إشارة "يصلح لمن هم فوق 18 عاما" كثيراً ما نسمع عن تجديد الخطاب ويمكن أن ينسحب ذلك على الخطاب السياسي أو الفكري أو الديني، دون أن يمر من قريب ولا من بعيد على الخطاب السمعي البصري. هذا النوع من الخطاب بقي حتى الساعة لا ينتمي إلى الأولويات الشائعة والتي تتصدر الواجهة، ومثال ذلك بارز حتى في معارض الكتاب حيث تجد أن الكتب الأكثر رواجا هي التي تتحدث عن تجديد الخطاب الديني أو السياسي أو ما شابه، أما الخطاب السمعي – البصري فهو مؤجل أو هامشي أو غير ذي أولوية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في وسط هذه المعادلة المتهالكة خلاصته كم من الساعات يوميا يمضيها الشخص الواحد في قراءة كتاب تجديد الخطاب السياسي أو الديني أو ما شابه، وكم عدد الساعات التي يمضيها في مواجهة الشاشة، وقل كم من الساعات يمضيها في مشاهدة مقاطع الفيديو وصولا إلى الأفلام والفيديو كليب؟ المؤكد والذي لا شك فيه أن ملايين الساعات يمضيها ملايين الناس في العالم العربي أمام الشاشات بكل أشكالها وهم يتلقون خليطا متنافرا وفوضويا من الخطابات السمعية البصرية التي لا سبيل لتجديدها أو البحث فيها. لا استطلاعات يمكن الوصول إليها ولا توصيات يمكن الركون إليها، وبذلك بقيت المسارات متداخلة وكل شيء يسير إلى نهاياته المجهولة، وبذلك شاعت الفوضى في عملية التلقي. يجب حماية الأطفال من أفلام ومسلسلات لا تغرس سوى العنف والانتقام والخوف والكراهية وصولا إلى السادية والمثلية لا يوجد رادع ولا مانع مثلا أمام الصبيان والفتيان والمراهقين من مشاهدة مواد مصورة تتناسب مع البالغين وموجهة لهم، مشاهد الجنس والجريمة والعنف والقتل مباحة حتى للأطفال الصغار بسبب الفوضى وعدم وجود أي انضباط في التعامل مع تدفق المواد السمعبصرية وسرعة انتشارها وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في موازاة ذلك كثر الحديث في أوساط الرأي العام في العديد من الدول العربية وتعددت التساؤلات حول مصادر التأثير التي يستمد منها عتاة القتلة وهم في بدايات مرحلة الشباب نزعتهم الإجرامية، وصرنا نسمع مثلا أنهم يتماهون ويقلدون شخصيات سبق وتمت مشاهدتها في أعمال درامية حيث يجهز القاتل أيا كان على ضحاياه ببرودة دم إما انتقاما أو طمعا ومن خلال ذلك تم ترويج صورة “السوبر هيرو” مفتول العضلات الذي يقتل بلا رحمة وبلا هوادة. التدفق في الأفلام والمسلسلات الذي نشهده وتعززه عمليات القرصنة بما جعل المصنفات السمعية – البصرية متاحة ومباحة مجانا، جعل من السهل تجاوز إشارة “يصلح لمن هم فوق 18 عاما” والتعامل معها على أنها مجرد إشارة ساذجة لا معنى لها. بالطبع ليس من وظيفة المؤسسات التعليمية ترشيد وتوجيه الخطاب – السمعي البصري، فبالإمكان حشو عقل التلاميذ بأي شيء ما عدا الكلام عن محتويات هواتفهم النقالة وأجهزتهم اللوحية وما شابه وما تتضمنه من أفلام ومسلسلات لا تغرس سوى العنف والانتقام والخوف والكراهية وصولا إلى السادية في التعامل مع الآخر. إنه ركام من المؤثرات الشعورية – الحسية التي تتدفق على الوعي واللاوعي من دون أدنى اهتمام ولا وجود لفلترات تحد من ذلك التدفق الجنوني، والذي صار من علاماته الأخرى تبسيط موضوع المثلية الجنسية والتعامل معه على أنه تحصيل حاصل يتسلل من خلال مشاهد الأفلام والمسلسلات غير المسيطر عليها. بالطبع لسنا في حاجة إلى إطلاق دعوات وشعارات وتمنيات، فمثل تلك الدعوات والتمنيات أمام واقع الحال القائم تشبه صرخة في واد، لأن ما هو قائم حاليا هو أبعد بكثير من إمكانيات الإلمام به والسيطرة عليه وخاصة لجهة تجديد المؤسسات التربوية والتعليمية أدواتها لتتفاعل مع قضية تجديد الخطاب السمعي – البصري وتحديد ما هو نوع الخطاب الذي يخدم فئات المجتمع المختلفة. طاهر علوان كاتب عراقي مقيم في لندن

مشاركة :