تعاني الدراما العربية من نقص كبير في الأعمال الفانتازية التي تتناول نقد الواقع، ولكن في السنوات الأخيرة بتنا نرى بعض الإنتاجات التي تنتهج الفانتازيا أو الخيال العلمي لبث رسائلها، وهو ما يبدو مغامرة أمام مشاهد عربي لم يتعود مثل هذه الأعمال عربيا فيما يقبل عليها في الأعمال الهوليوودية والعالمية، وفي هذا الإطار أعد الشاعر فوزي خضر سيناريو سباعية جديدة مأخوذ من رواية الكاتب المصري أحمد فضل شبلول “الحجر العاشق”. الحجر الكريم “زمرد” الموجود في إصبع الدكتورة منال عثمان تحبه كثيراً، فكأن هذا الحب ينتقل إليه ليكتسب وعياً تدريجياًّ. يتقدم هذا الوعي، ويكتسب زمرد صفات جديدة في إصبع منال البنصر الذي تضغط به على مفاتيح اللاب توب الخاص بها، فيتحول لون شبكة الإنترنت إلى اللون الأخضر الزمردي بدلاً من الأزرق الذي اشتهرت به، وتتحول المواقع والأيقونات الشهيرة لفيسبوك وتويتر وغيرهما إلى الأخضر مما يلفت انتباه علماء جامعة روتشستر للعلوم والتكنولوجيا في نيويورك ورئيسهم كيتو كاكو الياباني. يبدأ هؤلاء في البحث عن السبب، ويكتشفون أن اللون الزمردي وإشعاعه الأخضر صادر عن جهاز لاب توب يخص إحدى المتعاملات مع الشبكة بمدينة الإسكندرية، فتتحرك الأحداث من أجل التوصل إلى السبب والاهتداء إلى الحل بعد أن أبلغهم البورفيسور جورج ماكلين رئيس الجامعة بهذا الأمر الخطير. هذه هي الفكرة الأساسية لسيناريو “زمرد الولهان” الذي قدمه الشاعر فوزي خضر في معالجته لرواية “الحجر العاشق” للروائي والشاعر أحمد فضل شبلول، وتحويلها إلى سباعية تلفزيونية تنتظر الإنتاج والإخراج ليشاهدها السادة المشاهدون. الحادث الغريب فكرة العمل جريئة وجديدة تعتمد على العلاقة العاطفية التي نشبت بين الحجر الكريم زمرد وإصبع الدكتورة منال عثمان عالمة الفيزياء بكلية العلوم جامعة الإسكندرية. القصة التلفزيونية التي صاغها فوزي خضر جاءت في سبع حلقات، وتمكن من الإمساك بخيوطها لتحافظ على تشويقها والأمر لا يخلو من غيرة زوجها وزميلها في الكلية نفسها الدكتور علي خليل من تلك العلاقة العاطفية بين زوجته منال وزمرد الذي في خاتمها، فيشكوها إلى جدتها الدكتورة فتحية الشال عالمة الآثار، موضحاً عدم اهتمامها به بوصفه زوجها، فتحاول الجدة أن تلطِّف بينهما، وتحكي له حكاية الحجر زمرد الذي عثرت عليه أثناء أدائها فريضة الحج وكيف يعود إليها في كل مرة تحاول تسليمه لكي يستقر في النهاية في خاتم حفيدتها منال، ومن ناحية أخرى تلح الحاجة إجلال أم الدكتور علي خليل بأن يتزوج بأخرى كي يسعدها بحفيد. وفي نيويورك يتأكد كيتو كاكو رئيس فريق البحث بالجامعة أن مصدر اللون الأخضر هو اللاب توب الخاص بالدكتورة منال عثمان عضو هيئة التدريس في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية. وينتبه علماء في جامعات أخرى في دول مختلفة إلى اللون الأخضر، ويسعون إلى اكتشاف السبب، ويتوقعون وجود غيرهم يحاول اكتشاف السبب أيضاً، ويتسابق الجميع، ولكن يسبق علماء نيويورك ويرسلون “إيميلات” لدعوة الدكتورة منال كي توافيهم لبحث الأمر، ذلك أن تحول الشبكة العنكبوتية إلى اللون الأخضر يستدعي بحثاً علمياّ على أعلى مستوى أثناء وجودها عندهم في جامعة روتشستر، لكن زوجها علي خليل يرفض سفرها بمفردها خصوصاً أن والدته لا تترك فرصة إلا وتذمها له. ويزيد توتر منال بسبب كلام زميلتها الدكتورة سُها التي تحذرها من إمكانية تعرضها لمخاطر كثيرة مثل التي تعرض لها علماء مصريون وصلت إلى الاغتيال، وينعكس توترها على كل تصرفاتها في الكلية وفي البيت وحتى في السوق وهي تشتري بعض الأغراض، وحين تجلس ليلاً تنظر إلى زمرد وتناجيه وهو في إصبعها، تقرر السفر في سبيل تحقيق إنجاز علمي يفيد البشرية، بعد أن أوحى لها زمرد بأنها يجب أن تؤدي دورها المأمول في البحث العلمي المنتظر. في الأثناء تقوم ثورة 25 يناير، وتخوض منال مواقف متنوعة، وتتعطل إجراءات السفر، ويتم قطع الاتصالات فتعود الأيقونات إلى لونها الأزرق المتميز، ويتفاعل العلماء في بلدان كثيرة مع عودة اللون الأزرق، ثم تهدأ الأحوال في مصر، وتعود الحياة إلى طبيعتها في الشوارع والأسواق والمصالح، وتجلس منال إلى اللاب توب ويتفاعل زمرد مع المفاتيح، فيعود اللون الزمردي مرة أخرى يسري في مفاصل الشبكة ويصبغها بلونه الأخضر. تستأنف الاتصالات مرة أخرى بين الدكتور كيتو كاكو رئيس فريق البحث في روتشستر والدكتورة منال. وتتأزم الأمور مرة أخرى لتكرار رفض زوجها سفرها بمفردها إذ لا تسمح له ظروف عمله في الكلية بالسفر الآن، ومن ناحية أخرى فإن التأشيرة المرسلة من نيويورك خاصة بمنال وحدها، وهم يتعجلون سفرها إليهم، أما تأشيرة زوجها فسوف يصدرونها فيما بعد، وفي جلسة هادئة بين منال وزوجها نجدها تقنعه بكل الوسائل أنها ذاهبة في مهمة علمية مقدسة ينتظرها العالم، وتؤكد له أنها سترسل له تأشيرة كي يلحق بها إلى نيويورك فيوافق على مضض. وتظهر شخصية موشيان عميد كلية ساوندرز للأعمال بجامعة روتشستر حيث يتابع كل ما يجري ويبلغه أولاً بأول لشخص مجهول. تصل منال إلى مطار نيويورك حيث تكون في استقبالها الدكتورة حسناء إبراهيم الباحثة المصرية في روتشستر، ومعها الدكتورة سلوى محمود مندوبة القنصلية المصرية في نيويورك وهي تؤدي عملها بكفاءة ودقة، فتشعر منال أن حسناء هي التي ستكون صديقتها. تذهب منال في اليوم التالي إلى الجامعة فيرحب بها الجميع ويحاولون التعرف على زمرد، لكنها ترفض أن تخلع الخاتم من إصبعها بل وترفض أن يلمسه أحدهم عدا كيتو كاكو رئيس فريق البحث. ثم تسمح لهم بعد ذلك بالقيام ببحوثهم على زمرد حيث يكتشفون أنه يمتلك وعياً عجيباً مذهلاً، فقد عاش زمرد آلاف السنين، وهو يعيش قصة حب في إصبع منال، ليكتسب وعياً حجرياًّ وبشرياًّ معاً، يفوق أي وعي يمتلكه الإنسان المعاصر، ويقررون ضرورة إجراء تجربة علمية فريدة ومثيرة، وهي نسخ محتويات دماغ الحجر زمرد، حينذاك يتحرك موشيان بسرعة لإبلاغ الأخبار للشخص المجهول، ويقرر العلماء نسخ محتويات دماغ زمرد بما يمتلكه من وعي ونقلها إلى دماغ قرد، ودماغ إنسان آلي، ودماغ إنسان بشري عادي، وحين ترسل منال ذلك إلى زوجها علي خليل يبعث إلى فريق البحث برغبته المؤكدة التي يصر عليها أن يتبرع بأن يكون هو الإنسان العادي الذي يُنسخ إلى دماغه وعي زمرد ليعرف حقيقة قصته مع زوجته منال عثمان. في تلك الفترة تتعرض منال لعدد من المواقف المخيفة في المصعد والسوق والجامعة تجعلها في قمة التوتر وفي غاية الاحتياج إلى زوجها بجوارها لعلها تشعر بالأمان. أحداث مثيرة ? معاناة لأجل العلم (لوحة للفنان صفوان داحول) ينجح كانتب السيناريو في حبك قصته بعناية، حيث تمر أيام من الترقب، تقع فيها حوادث متعاقبة، وتشعر منال أنها مراقبة طوال الوقت من أشخاص لا تعرفهم، ويقابلها موشيان فيعرض عليها عقد صفقة لشراء زمرد منها بمبالغ ضخمة فترفض، ويحاول إقناعها مع صديقه الذي جاء معه، فيزداد رفضها حدة حين تشك أثناء حوارها معهما أن صديقه هذا أحد ضباط الموساد. تتأزم الأمور خصوصاً بعد مقتل حارس المبنى الذي تسكن فيه، وتظل منال مشغولة طوال الوقت بالحفاظ على زمرد وعدم مفارقته إصبعها. وبينما هي في أحد المكاتب الإدارية بالجامعة تستعجل استخراج التأشيرة لزوجها يتدخل موشيان في الحديث ويبلغها أنه يريد إخبارها عن سر يخص زوجها، وبالرغم من عدم ثقتها فيه فإنها تنتبه لما يقول حين يذكر بعض تصرفات زوجها مؤكداً أنه يتعاطى المخدرات. كان لديها شك لكن كلام موشيان يؤكد لها صحة ما كانت تشك فيه، خمول زوجها وكسله وانطواؤه وعصبيته، وإحساسه بأن لا شيء يساوي شيئاً في الحياة، وعدم حماسه لاستكمال ترقيته لدرجة الأستاذية، وتسترجع منال كثيراً من مواقفه حين كان ينتهز فرصة أي خلاف بينهما ليظل طوال الوقت خارج البيت، وأخذت تسترجع بعض كلمات المدمنين التي يطلقها مثل “هاعمل دماغ عالي مع دماغ زمرد”. ? فكرة العمل جريئة وجديدة تعتمد على العلاقة العاطفية التي نشبت بين الحجر الكريم زمرد وإصبع عالمة الفيزياء وهنا تكتشف أنه لا بد أن يكون لها دور في إيقاف هذا النزيف في جسد مصر العلمي. وحين تقول له في التليفون إن تغيرات كثيرة تراها عليه، فيواجهها بأنها السبب لأنها ترفض الإنجاب منه، وتكاد تنهار، لكنها تؤكد له أن ما تسعى إليه فيه فائدة للبشرية التي سوف تتحقق إذا نجحت عملية نسخ وعي زمرد، وأنها تضحي بكل شيء شخصي في سبيل إسعاد الإنسانية. ويقع انفجار في المبنى، وتنجو منال، وهنا يظهر دور المخابرات المصرية متمثلة في المقدم فريد الذي يتكرر ظهوره أمام منال أكثر من مرة خلال الأحداث منذ وصولها إلى نيويورك، فيهمس في أذنها بنصائح مهمة. تطلب منال عقد اجتماع عاجل، وتقترح على لجنة علماء جامعة روتشستر نقل إجراء نقل وعي زمرد إلى مدينة دبي التي تضم فرعا للجامعة والتي هي أكثر أماناً بالنسبة إليها. يتحمس جورج ماكلين للفكرة، ويعترض موشيان ويفنّد ماكلين اعتراضات موشيان ويتم التصويت والموافقة بأغلبية الأصوات على نسخ وعي زمرد في دبي. تستريح منال للموافقة على انتقال البحوث إلى دبي، فهكذا يمكنها الابتعاد عن دوائرهم الخبيثة، وتجلس إلى اللاب توب تتحدث إلى زمرد، وتسأل: هل ستتمكن فعلاً من الابتعاد عن دوائرهم الخبيثة؟ يطمئنها زمرد ويذكّرها بموقفه من “بلطجية” الثورة في مدخل عمارة جدتها في الأزاريطة بالإسكندرية، فهو يحرسها ويرعاها بإطلاق شعاع يصيب عيون “البلطجية” فيهربون. هذه هي القصة التلفزيونية التي صاغها فوزي خضر وجاءت في سبع حلقات، وتمكن من الإمساك بخيوطها لتكون عشرات المشاهد المشوقة، ومن هذه المشاهد المشهدان الأخيران اللذان جاءا على هذا النحو.
مشاركة :