يصف مسؤولون مصريون الجولة المقبلة لاجتماع وزراء الخارجية والري (الاجتماع السداسي) لدول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان وإثيوبيا)، بـ«الحاسمة»، في إشارة إلى عزم القاهرة تطوير موقفها بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا، وتخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل. ويسعى المفاوض المصري، خلال الاجتماع المقرر انعقاده في العاصمة السودانية الخرطوم يومي 27 و28 من الشهر الحالي، إلى التأكيد على أن القاهرة لن تسمح باستمرار معدلات بناء السد بالوتيرة الحالية، في وقت لم تبدأ فيه بعد أعمال المكاتب الاستشارية التي أنيط بها تحديد الأضرار الناجمة عن السد بالنسبة لدولتي المصب، مصر والسودان، بحسب مسؤولين مصريين. وقال المسؤولون المصريون إن الدراسات بفرض أنها بدأت من الآن تحتاج لنحو عام ونصف العام لإتمامها، وهو أمر لا يسمح بالاستفادة منها في ضوء معدلات البناء الحالية. وطالبت القاهرة الجانب الإثيوبي بوقف بناء السد لحين انتهاء الدراسات، لكن من المستبعد أن تقبل أديس أبابا هذا المطلب. وقال مسؤولون على صلة وثيقة بملف المفاوضات إن القاهرة قد تلجأ إلى اقتراح بإرسال مراقبين لمتابعة معدلات البناء. وفشل الاجتماع السداسي الذي عقد في الخرطوم يومي 11 و12 الشهر الحالي في التوصل لقرارات بشأن المطالب المصرية. وقال مستشار وزير الري لشؤون السدود الدكتور علاء ياسين لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا في الاجتماع السداسي الأخير طلبات واضحة وننتظر الرد الإثيوبي على هذه المطالب.. الإثيوبيون طلبوا مهلة أسبوعين للتشاور مع القيادة السياسية». وأضاف ياسين أن المفاوض المصري يدخل الاجتماعات المقبلة، مستندًا إلى موقف قوي وصارم في التعبير عن الحقوق المصرية، مع احترام حق الدول الأخرى في التنمية دون المساس بالحصة التاريخية لمصر من مياه النيل، هذا يعني أننا نرفض السعة التخزينية للسد، مدركين أنها مبالغ فيها، وأن السد لن يولد 6000 ميغاواط من الكهرباء حسب ما تعلنه إثيوبيا، وإنما أقصى قدرة له لن تتجاوز 2200 ميغاواط». وتعتمد مصر بشكل شبه حصري على النيل لسد حاجاتها من المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. ويمثل حجم الإنتاج الزراعي ما نسبته 14.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات البنك الدولي. وعلقت مصر المفاوضات الفنية (الاجتماعات الثلاثية لوزراء الري)، وطلبت إشراك وزراء الخارجية مجددًا مع تعثر المسار التفاوضي في ظل تسارع معدلات بناء السد، الذي انتهى 48 في المائة منه بحسب وزير الري المصري حسام مغازي. واتفق وزراء المياه في الدول الثلاث في أبريل (نيسان) الماضي على اختيار مكتبين استشاريين هما «بي آر إل» الفرنسي كمكتب رئيسي، و«دلتارس» الهولندي كمكتب مساعد، يتعاونان معا في تنفيذ الدراسات اللازمة لمعرفة الآثار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على بناء سد النهضة، لكن منذ ذلك التاريخ لا يزال مسار المفاوضات عالقا في «أزمات فنية» بين المكتبين، فيما تواصل إثيوبيا بناء السد بسعة تخزينية قدرها 74 مليار متر مكعب، وهو ما تراه القاهرة سعة مبالغًا فيها جدًا بالنظر إلى الأهداف التنموية التي تعلنها إثيوبيا. ووقع رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا إعلان مبادئ يحكم العلاقة بين الدول الثلاث في ما يتعلق بنهر النيل، ووضعت تلك المبادئ في وثيقة أطلق عليها وثيقة «إعلان المبادئ»، ونصت تلك الوثيقة على احترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها. لكن خبراء ومسؤولين مصريين سابقين قالوا إن الوثيقة في حد ذاتها تعد إخفاقًا مصريًا، وبداية طريق التنازلات.
مشاركة :