أنهى الرئيس المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة نجيب ميقاتي، الذي يشغل كذلك منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال، استشاراته غير الملزمة لتشكيل الحكومة، وبدأ بوضع تصور حول تشكيلته الجديدة لتقديمه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون. ورغم أن التقديرات لا تزال متضاربة حول قدرته على إنجاز تشكيلة سريعاً ونيل موافقة عون عليها، فإن ميقاتي لا يزال مُصراً على انجاز المهمة في أيام قليلة، مع ادخال تعديلات على التشكيلة الحالية خصوصا تغيير وزراء الطاقة، والاقتصاد، والخارجية، في حين طلبت وزيرة التنمية للشؤون الإدارية إعفاءها. وفي خضم تطورات إقليمية ودولية، يركز لبنان على متابعة ملفين أساسيين؛ الأول ترسيم الحدود مع إسرائيل، والذي سيكون له انعكاس على مجالات عدة، والثاني هو مواكبة التطورات الإقليمية والدولية، لا سيما المفاوضات الأميركية- الإيرانية في العاصمة القطرية الدوحة، وإمكانية الوصول إلى تفاهم بالتزامن مع الزيارة التي سيجريها الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة منتصف الشهر المقبل، وانعقاد قمة جدة الأميركية- العربية. وفيما يخص ترسيم الحدود، برز موقف أميركي هو الأول من نوعه جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، الذي قال إن مفاوضات آموس هوكشتاين مع المسؤولين الإسرائيليين كانت مثمرة، وحققت نتائج وقلّصت الخلافات، ويفترض أن يبنى عليها وتستأنف في الأيام والأسابيع المقبلة، وهو ما يشير إلى «بصيص» من الإيجابية، لكن كذلك إلى بطء في الانجاز، إذ إن المتحدث الأميركي علّقه على مهلة أسابيع، وهو ما قد يكون محاولة للتهدئة وكسب الوقت. في الوقت نفسه، سيكون لمفاوضات الدوحة انعكاس كبير على الوضع في المنطقة ككل وفي لبنان تحديداً، إذ لا يفصل «حزب الله» الملف النووي الايراني عن ملف ترسيم الحدود في لبنان، ولا يفصل أي ملف لبناني عن ملفات المنطقة وتطوراتها. وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة، إن إمكانية الوصول إلى اتفاق بشأن الترسيم قد يكون أصبح مرتبطاً بتحقيق تقدم في مفاوضات الدوحة. أما في حال انتكاس تلك المفاوضات فإن جبهة الجنوب اللبناني قد تعود الى التوتر، إذ إن «حزب الله» قد يلجأ إلى التصعيد في حال استمرت إسرائيل في استخراج الغاز بدون بدء لبنان بالتنقيب والحفر. ويتطابق هذا الكلام، مع مواقف متعددة أطلقت من جهات مختلفة عن «خريف ملتهب». وهنا تفسر مصادر متابعة هذا الأمر بالقول: «إن اتفاقاً بين إيران وروسيا قد حصل على ضرورة منع اسرائيل من استخراج الغاز من البحر المتوسط وتصديره إلى أوروبا مع بداية الخريف تحضيراً للشتاء، وروسيا تعتبر أن القدرة على التعطيل هي ورقتها الأقوى لإضعاف الموقف الأوروبي، وإلزام الأوروبيين بالعودة إلى شراء الغاز الروسي». وهذا يقود إلى معادلة واحدة أنه في حال عدم حصول اتفاق إيراني ـ أميركي فإن طهران ستلجأ إلى التصعيد، وقد شهدت الأيام الماضية تبادل رسائل تصعيدية علنية بين «حزب الله» والمسؤولين الإسرائيليين. أما في حال حصل الاتفاق فإن مقومات التصعيد ستنخفض، في حين يبقى الانتظار لما سيكون عليه الموقف الروسي. وما ينتظره لبنان أيضاً هو أبعد من تشكيل هذه الحكومة المرحلية، بل انعكاس الوضع الإقليمي على إنتاج تسوية سياسية جديدة تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وإطلاق العمل مجدداً وفق توازنات تحفظ مواقع الجميع.
مشاركة :