أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن روسيا تخلفت عن سداد ديونها الخارجية لأول مرة منذ قرن بعد تأكيد عدم تلقي أصحاب السندات دفعات فوائد قدرها 100 مليون دولار. يأتي ذلك في أعقاب سلسلة عقوبات غربية أدت إلى زيادة عزلة روسيا بعد تدخلها عسكريا في أوكرانيا. وبحسب "الفرنسية"، خسرت روسيا آخر طريقة لتسديد قروضها بالعملات الأجنبية بعدما ألغت الولايات المتحدة الشهر الماضي استثناء كان يسمح للمستثمرين الأمريكيين بتلقي دفعات من موسكو. وقالت "موديز" إنه في 27 حزيران (يونيو) "لم يحصل أصحاب الديون السيادية الروسية على قسائم مدفوعات لسندات باليورو بقيمة 100 مليون دولار بحلول انقضاء فترة الإعفاء البالغة 30 يوما، وهو ما نعده تخلفا عن السداد بموجب تعريفنا". وقالت الوكالة في بيانها الصادر في وقت متأخر الإثنين "يرجح أن يتم التخلف بشكل إضافي عن سداد قسائم مدفوعات مستقبلية". وهذا التقدير ليس وصفا قانونيا للتخلف عن السداد لأن وكالات التصنيف لم يعد لها الحق في تقييم روسيا منذ فرض العقوبات على خلفية الحرب في أوكرانيا. وأكدت وزارة المالية الروسية أنها دفعت الأموال بالعملة الأجنبية منذ 20 أيار (مايو)، لكنها أقرت بأنها لم تصل إلى الدائنين لأن وسطاء البنوك جمدوا المدفوعات بسبب العقوبات التي فرضتها الدول الغربية. وشددت موسكو أنه "لا أساس لوصف هذا الوضع بأنه تخلف عن السداد" إذ إن الدفعات لم تصل إلى الدائنين نتيجة "أفعال قامت بها أطراف ثالثة". وأوضحت موديز في بيان أن بعض السندات الأوروبية التي صدرت قبل 2018 "لا تحتوي على بند" يسمح لروسيا "بسدادها بالروبل". نظرا لأن وكالات التصنيف المالي الدولية الرئيسة الثلاث لم تعد تقيم روسيا، فإن الأمر متروك إلى "لجنة تحديد مشتقات الائتمان" التي تجمع البنوك الدولية الكبرى، لتقييم ما إذا كانت روسيا قد تخلفت عن سداد المستحقات لدائنيها. رغم أنه لدى موسكو إمكانيات وفيرة، إلا أن العقوبات التي فرضت عليها بعد هجومها على أوكرانيا حرمتها من إجراء تحويلات بالعملات الغربية لسداد الفوائد وديونها الخارجية المقومة بالدولار أو اليورو. يعود تاريخ آخر تخلف روسي عن سداد الديون الخارجية إلى 1918 حينما قرر الزعيم البلشفي فلاديمير لينين عدم الاعتراف بالقروض التي أخذها النظام القيصري السابق. وكانت وزارة المال الروسية، قد أعلنت أن روسيا سددت بالروبل مدفوعات الفائدة على ديونها بالدولار، بسبب العقوبات التي فرضت عليها منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وقالت الوزارة في بيان سابق: تسلمت مؤسسة الإيداع الوطني لتسوية سندات اليوروبوندز، الأموال لدفع قسيمة على السندات الخارجية للاتحاد الروسي المستحقة في 2027 و2047 بمبلغ إجمالي قدره 12.51 مليار روبل "ما يعادل 234.85 مليون دولار". وتابعت "بذلك، تفي وزارة مال روسيا بكامل التزامات الاتحاد الروسي". وأشارت الوزارة في بيانها إلى أنها تستند إلى نظام دفع جديد مؤقت دخل حيز التنفيذ بموجب مرسوم رئاسي نشر في 22 حزيران (يونيو) 2022. ووفق النظام الجديد، عندما يقترب موعد تسديد المدفوعات، تحول وزارة المالية بالروبل إلى مؤسسة الإيداع الوطني لتسوية سندات اليوروبوندز، وهي هيئة روسية مركزية مسؤولة عن إيداع الأوراق المالية المتداولة في البلاد. وتتولى الهيئة فيما بعد سداد المبالغ المستحقة للدائنين بالروبل بحسب سعر الصرف المحدد من قبل البنك المركزي، من أجل "ضمان الحد الأقصى من معادلة المدفوعات". وإذا كان الدائنون من الروس، تحول الأموال من خلال "تجاوز الوسطاء الأجانب". لكن إذا كانت الأوراق المالية خارج روسيا، تحول الأموال إلى حسابات خاصة بالروبل، في آلية مماثلة لتلك المستخدمة في مدفوعات الغاز. وفي نهاية أيار (مايو)، أعلنت روسيا أنها ستسدد دينها الخارجي بالروبل بعدما أصبحت عاجزة عن تسديده بالدولار بسبب العقوبات المفروضة على موسكو، رغم السيولة المالية الكبيرة لديها. إلى ذلك، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأول لنظيره البرازيلي جايير بولسونارو بأن موسكو "ملتزمة" بالمحافظة على مواصلة إيصال شحناتها من الأسمدة التي تحتاج إليها الدولة الزراعية العملاقة في أمريكا الجنوبية. وقال بولسونارو إن الرئيسين عقدا محادثات هاتفية ناقشا خلالها "الأمن الغذائي" و"انعدام أمن الطاقة"، دون إعطاء تفاصيل إضافية. وفي بيانه بشأن المحادثة، قال الكرملين إن بوتين "شدد على أن روسيا ملتزمة بالإيفاء بالتزاماتها لضمان إيصال الأسمدة الروسية إلى المزارعين البرازيليين من دون أي توقف". وأضاف البيان أن بوتين طلب "إعادة هندسة التجارة الحرة للمنتجات الغذائية والأسمدة التي انهارت جراء العقوبات الغربية" المفروضة على روسيا ردا على غزو أوكرانيا. وتستورد البرازيل التي تعد قوة زراعية عالمية أكثر من 80 في المائة من أسمدتها، وهو رقم يرتفع إلى 96 في المائة بالنسبة للبوتاسيوم، بحسب وزارة الزراعة. وتأتي أكثر من 20 في المائة من هذه الأسمدة المستوردة من روسيا. لكن العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا، أثارت مخاوف في البرازيل من إمكانية تأثر إمداداتها من الأسمدة. كما أعلنت حكومة بولسونارو بدء مفاوضات مع موردين بديلين خصوصا كندا والأردن ومصر والمغرب، بينما أضافت أنها ستزيد الإنتاج المحلي.
مشاركة :