القدس - تتجه إسرائيل إلى حالة من الغموض السياسي في وقت تعاني فيه من ارتفاع تكاليف المعيشة وتجدد الجهود الدولية لإحياء اتفاق نووي مع إيران وذلك مع توجهها لإجراء خامس انتخابات في أقل من أربع سنوات. وأعلن رئيس الوزراء نفتالي بينيت اليوم الأربعاء أنه لن يخوض الانتخابات المقبلة، لكنه سيحتفظ بمنصبه كرئيس وزراء بالتبادل بعد أن يتولى شريكه في الائتلاف الحاكم يائير لابيد رئاسة الحكومة المؤقتة. وقال بينيت في خطاب أمام الكنيست "ليس لدي نية لخوض الانتخابات المقبلة لكنني سأظل جنديا مخلصا لهذا البلد الذي خدمته طوال حياتي كجندي وضابط ووزير ورئيس وزراء"، وأكد تسليم قيادة حزب يمينا لوزيرة الداخلية الحالية أيليت شاكيد. وأضاف في خطابه الذي قد يكون الأخير للأمة بصفته رئيسا للوزراء "قريبا لن أكون رئيسا لوزراء إسرائيل وأمرر المسؤولية لصديقي يائير لبيد (وزير الخارجية حاليا) الذي سأستمر في مساعدته حسب الحاجة بصفتي رئيس وزراء مناوب". وقال لاحقا للصحفيين "أترك ورائي دولة مزدهرة وقوية وآمنة"، مضيفا "لقد أثبتنا هذا العام أن أصحاب الآراء المختلفة جدا يمكنهم العمل معا"، في إشارة إلى ائتلافه المتنوع أيديولوجيا. وكان النواب قد وافقوا على تمرير سلسلة من القوانين الثلاثاء والأربعاء قبل حل البرلمان في وقت متأخر من مساء الأربعاء لتجنب وقف سريان قانون يحمي أكثر من 475 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربية المحتل. وكانت المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو رفضت في مطلع يونيو/حزيران التصويت لتمديد هذا القانون فقط لإظهار ضعف حكومة بينيت. ويجب تمديد هذا القانون بحلول 30 يونيو/حزيران ليشمل القانون الإسرائيلي المستوطنين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، لكن إذا تم حل البرلمان قبل أو في ذلك التاريخ يتم تمديد القانون تلقائيا. لكن مساء الأربعاء، طال النقاش حول المصادقة على مشاريع قوانين أخرى في البرلمان واتهم نواب من اليمين نوابا عربا بالرغبة في إبطاء العملية التشريعية حتى لا يتم تجديد "قانون المستوطنين" في الوقت الضروري. ودفع ذلك إلى إرجاء التصويت على حل مجلس النواب حتى الخميس، وفق ما أفادت عدة مصادر برلمانية، مؤكدة معلومات من الصحافة الإسرائيلية. كما يؤجل هذا التأخير تولي يائير لبيد رئاسة الوزراء. وينصّ اتفاق الائتلاف بين بينيت ولبيد إلى تقاسم السلطة ويشمل بندا يقضي بأن يتولى لبيد رئاسة الوزراء مؤقتا حتى يتم تشكيل حكومة جديدة إذا حُل البرلمان. وتأتي هذه التطورات في وقت تعكس فيه استطلاعات الرأي استمرار حالة التشتت السياسي مع تقاسم 13 حزبا مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا. وكان لبيد قد قال الأسبوع الماضي "ما نحتاجه اليوم هو العودة إلى مفهوم الوحدة الإسرائيلية وعدم ترك قوى الظلام تفرقنا". ويجب على النجم الإعلامي السابق الذي أسس الحزب الوسطي "يش عتيد" ("هناك مستقبل" بالعبرية) قبل عقد، ترتيب ملفاته استعدادا لمعركة الانتخابات التشريعية أثناء توليه رئاسة الوزراء إضافة إلى حقيبة الخارجية. وسيكون لبيد على رأس الحكومة عندما يزور الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل في أول جولة رئاسية له في الشرق الأوسط في منتصف يوليو/تموز، فيما سيحتفظ بينيت بلقب رئيس الوزراء بالتناوب. وتحرك بينيت الأسبوع الماضي لحل البرلمان بعد صراع داخلي جعل ائتلافه الحاكم عاجزا عن الحكم. وحدد الكنيست موعدا نهائيا عند منتصف ليل الأربعاء للتصويت النهائي على حله. وفور موافقة الكنيست على الدعوة لانتخابات مبكرة، سيتولى وزير الخارجية يائير لابيد المنتمي ليسار الوسط السلطة من بينيت ليصبح رئيس وزراء لحكومة تصريف أعمال ذات صلاحيات محدودة. وحتى مع اختلاف أعضاء الكنيست على موعد محدد للانتخابات وما إذا كانت ستجرى يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول أو الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، أصبح يهيمن على الحملة بالفعل احتمال عودة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. وكان لابيد وبينيت قد أنهيا العام الماضي حكم نتنياهو الذي امتد لفترة قياسية بتشكيل ائتلاف نادر من نوعه يضم أحزابا يمينية وليبرالية وعربية استمر في الحكم لفترة أطول مما توقع الكثيرون، لكنه انهار في الفترة الأخيرة تحت وطأة خلافات داخلية. وأبدى نتنياهو زعيم المعارضة في الوقت الحالي، سعادته بنهاية ما وصفها بأنها أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل ويأمل بالفوز بفترة ولاية سادسة على الرغم من محاكمته في اتهامات بالفساد ينفيها. وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم حزبه ليكود، لكن شعبيته ما زالت أقل من تحقيق أغلبية حاكمة على الرغم من دعم أحزاب دينية وقومية متحالفة معه. وقال أعضاء بالكنيست من الكتلة المؤيدة لنتنياهو إنهم يعملون على تشكيل حكومة جديدة قبل حل البرلمان. وهذا الاحتمال، وإن كان يبدو بعيدا، من شأنه أن يحول دون إجراء انتخابات مبكرة.
مشاركة :