تبدو المواضيع التي يتم تناولها في الدراما متشابهة بموضوعها العام، بغض النظر عن التفاصيل الصغيرة التي تميز عملاً عن آخر، وكثيراً ما طرحت أزمة النصوص، لإيجاد حلول كان من بينها تحويل الروايات الشهيرة إلى أعمال درامية، لتكتسب هذه الروايات طابعاً جديداً يتحكم فيه المنتج. ووجود إشكاليات هذا يعني أن هناك حلاً، في طبيعة أدوار المسؤولين عن مثل هذه الإنتاج الذي ما يزال يدور في ذات الدائرة، ولهذا أكد عدد من المخرجين والكتاب في حديثهم لـ «البيان» أن استجابة المنتج للأفكار الجديدة هي البديل لمشكلة التكرار والتشابه في الدراما . وكذلك في السينما والمسرح، كونها جميعاً إنتاجات فنية تحاكي الجمهور، وإن اختلفت طريقة طرحها، لكن يبقى فريق العمل متشابهاً فيها جميعها. الممثل والمؤلف والمخرج مرعي الحليان قال: الإشكالية أن هناك نمطاً من الكتابة التلفزيونية، هو السائد، وبالذات الدراما الخليجية التي بقيت على كلاسيكيتها ولم تتغير. بينما نجد التأثر عند الناس بوسائل التواصل الاجتماعي والتي فرضت إيقاعها في التعامل مع الحدث بطريقة مختلفة، فنحن نرى الحدث صورة على «تويتر» أو «انستغرام»، وهو ما عود الناس على الجملة القصيرة، فالمعلومة تقال في سطور، أي اختفت الثرثرة. وأضاف الحليان: أنا أقيس بإيقاع الناس، في وقت ما زالت فيه الدراما الخليجية تعتمد على الحكي والسرد وليس على الصورة والفعل، والناس تتجه على منصات «شاهد» أو نتفلكيس لأن حلقات الدراما 8 أو 10 أو حتى 15 وهذا بالضبط إيقاع الناس، في هذه المنصات القائمة على الصورة، بينما في التلفزيونات قائمة على الحكي والمعلومة التي تعاد بنمو درامي بطيء، فالجمهور هجر التلفزيونات للمنصات. وتابع: لأن الكاتب متورط بـ 30 حلقة، وبعيداً عن المنتج، يفترض أن يكون الكاتب مبدعاً حراً وهو منطق الإبداع، لكن للأسف ما يحدث، يفرض المنتج شروطه وتبدو الأعمال والمشاهد والحوارات مكررة، وتقدم المشاهد في معظم الدراما الخليجية في بيتين وشركة وسيارة. الخوف من الجديد بدوره، قال المخرج فاضل المهيري: بالتأكيد هناك قصص كثيرة لم تسرد أو توثق بعد. فالسبب يكمن في تكرار اختيار القصص نفسها لعدم وجود الدافع. والخوف في خوض قصة جديدة ومبتكرة من قبل صاحب الشأن. ومن الطبيعي اختيار قصة تم العمل بها كخيار سهل لتنفيذها مرة أخرى ولو كانت بطريقة مختلفة لوجود عناصر التنفيذ واختبار ووقع القصة على الجمهور مسبقاً. أجد أيضاً عدم استجابة المنفذ أو المنتج لكل ما هو جديد ومبتكر خوفاً من خوض تجربة جديدة تنافي ما تعود عليه من أفكار وقصص. ورأى المهيري أن تجاوز هذه الأزمة يكون بوجود كُتاب ومنفذي أعمال جدد يبتكرون ويندفعون بقصص جديدة غير مبالين بالمتعارف عليه حتى نبحر معهم في محيط جديد لتتوسع حينها شيئاً فشيئاً قصص وسيناريوهات جديدة ومختلفة تخرجنا من أزمة الأفكار والنصوص. أفكار تقود للتميز يقول الكاتب والمخرج السينمائي والمسرحي صالح كرامة العامري: نرى أن الكاتب لا يطور من نفسه في الكتابة أو حتى في السيناريو، سواء في الدراما أو المسرح أو السينما، كونه لا يشغل خياله إنما يعتمد على قوالب جاهزة يراها في مواقع عديدة، ولهذا لم يكن الكاتب الخلاق، فيظهر لنا نسخة عن مسلسل آخر، إن كان المسلسل يتحدث عن الطلاق، يحوله لمسلسل يتحدث عن الميراث وهكذا. ويضيف العامري: قد نجد المخرج ينسف العمل، لكن يبقى الكاتب هو الأساس ويستطيع أن يفرض نفسه، ولذلك يجب إيجاد الأفكار الجيدة التي تقود إلى التميز. فالأزمة في النص القوي، وإن كان التداول في السوق قد يتحكم به المنتج الذي يبدو في يده كل شيء، من تغيير المَشاهد للأفكار تسويقية، لكن الموضوع لا يخرج من هذه الدائرة التي تضم الكاتب والمخرج والمنتج، والتي أوجدت مشاهدين نمطيين أيضاً، فإن وجد الكاتب البناء ينفرون منه ويقدمون التنازلات وأحياناً يسطون على إبداعاته. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :