انطلقت أمس الجلسة الأولى لندوة النور والفنون، بمشاركة باحثين من مصر وسورية والعراق وتونس في قاعة المؤتمرات بفندق هيلتون الشارقة، ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الـ18، والذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. العويس: الشارقة منصة معرفة قال رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عبدالله بن محمد العويس، الذي استهل الندوة: بالشارقة حاضنة الفكر والثقافة يتجدد اللقاء، وبين حناياها نتبادل أطراف النقاش، فهي المنصة التي تشرق منها شمس المعرفة والإبداع، وهي التي تؤكد يوماً تلو آخر أن الثقافة والحوار ملاذ النفس، وأن الغدَ رهين اليوم، بقدر ما نحسن البذار ونصيب في اختياراتنا، بقدر ما نحصد الخير وننعم بطيب الصدى. و أضاف هذه حال الشارقة في إجادتها لمشروعها الحضاري الشامل والإنساني، الذي وضع أسسه وصاغ اتجاهه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، ليمضي سموه داعماً الخطى، متابعاً المسار، مصوباً في كل مفصل دفة الاتجاه. عبدالكريم السيد رغم غيابه، كان الفنان التشكيلي والناقد الدكتور عبدالكريم السيد، حاضراً في الندوة، إذ رحل قبل أيام قليلة من انطلاقة مهرجان الفنون الإسلامية في نسخته الـ18، وأسهم في التحضير والإعداد لهذه الندوة الفكرية. وأشار مدير الجلسة، محمد مهدي حميدة، إلى أن السيد هو الذي أشرف على الندوة، وكانت له مسيرة طويلة وبصمة واضحة في المهرجان، مقدماً تحية إلى روحه. أدار الندوة الناقد محمد مهدي حميدة، الذي أشار إلى أهمية موضوع الندوة من الناحيتين البحثية والفنية، إذ يدور الرهان دائماً حول قدرة الفنون على استخلاص مضامينها وصور وجودها متكئة على استدعاء تجليات النور ومعانيه، ووجّه التحية لروح الفقيد د عبدالكريم السيد، الذي نسّق وأعدّ لهذه الندوة قبل رحيله. من جانبه، قال عميد كلية الفنون والعمارة الإسلامية في جامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، د.إدهام محمد حنش، في ورقة بعنوان نورانية الفن الإسلامي.. فلسفة التذهيب الرمزية ونظريته الجمالية إن النور يمنح واحدية روحانية رمزية، تشكل ما يشبه الجسر الذي يربط جميع الأشكال بوحدة الهندسة الرياضية الفاضلة روحاً محركاً لها في الإبداع والإنتاج والتعايش في الوجود والوعي الإنسانيين، ويمتد بهذه الأشكال عبر دلالاتها التفسيرية والتأويلية في علاقة معرفية دائرية بين الإنسان وخالقه المبدع، تبدأ من المركز الروحي إلى محيط هذه الأشكال، أي بعبارة أخرى: من الوحدة إلى الكثرة والتنوع. وعي بصري وتابع حنش أؤكد على الرؤية والمفهوم والمصطلح العربي الإسلامي، لأن هناك إشكالية كبيرة جداً في الفن الإسلامي، وكثير من المصطلحات في دراسات الفن الإسلامي هي من صيغ استشراقية، لكن الحقيقة غير ذلك، فالتذهيب والترصيع والتنزيل وغيرها، كلها أساليب وألفاظ ومصطلحات أهل الصنعة من العرب والمسلمين، ولها خصوصيتها الإسلامية وليست استشراقية. وأشار إلى أن بداية التذهيب عربية من اليمن، وأول من أسال الذهب، بمعنى حوله إلى سائل، هم العرب والمسلمون. ولفت إلى أن كثيراً من القراء والباحثين في تاريخ الفنون الإسلامية يتوقفون عند المفاهيم التي قدمها المستشرقون في قراءاتهم لتاريخنا الجمالي، ما أضر كثيراً في تراثنا الفني، فالمستشرقون قدموا مادة الفنون بوصفها التاريخي، ولم يتوقفوا عند قيمتها الجمالية التي تعكس مستوى الوعي البصري والجمالي الذي كان لدى العرب. تأثير الضوء أما الناقدة الأكاديمية بالمعهد العالي للفنون والحرف بقابس في تونس، دلال صماري، فتناولت زيارة الفنان بول كلي إلى تونس.. رحلة النور واكتشاف الأبعاد الروحية والجوهرية للأثر الفني. وقالت إن من أبرز اكتشافات بولي كلي في تونس اكتشافه الضوء وتأثيراته على اللون؛ إذ بنى من خلالهما منطقه التشكيلي كأساسيات، إلى جانب اكتشافه نقاء الأشكال، إذ تفاعل بشكل إيجابي مع الموروث الحضاري للمكان، وأرسى من خلال هذه الزيارة رؤية عميقة وجديدة لإدراك المشهد الطبيعي والعمراني من خلال حسن التمعن والإدراك. في حين تطرق الشاعر والتشكيلي السوري، إسماعيل الرفاعي، إلى موضوع مراقي النور، متناولاً مفهوم النور بوصفه فيضاً داخلياً تتجلى إشاراته عبر خطاب الروح في تجلياتها الإبداعية المختلفة. ورصد كيف تقف الذات المبدعة في مراقي النور كي تستكشف دربها الخاص، وتصوغ مقارباتها الفنية على هدى ذلك الفيض الذي لا يفصح عن نفسه خارج التوق إليه. وأشار إلى أنه حاول كثيراً في تجربته الإبداعية، سواء في الكتابة أو الرسم، أن يصل إلى مفهوم وحقيقة الضوء، إلا أنه ظل عاجزاً أمام الضوء وحقيقته، فلجأ إلى المجاز، بوصفه الطريق الأكثر جمالية في تعميق وتلمس مفهوم الضوء بدلالاته الفلسفية والروحية. من جهته، اختتم الفنان التشكيلي والإعلامي المصري مجدي الكفراوي الأوراق البحثية بموضوع الظل والنور في الأعمال الفنية، مشيراً إلى أن النور أحد أهم الإشكاليات البحثية على المستويين التقني والنظري لدى الفنانين التشكيليين والنقاد على حد سواء، كما تناول تقنيات وفلسفات الظل والنور على مر العصور التي مورس فيها الفن، ابتداء من رسوم الكهوف، مروراً بفنون الحضارات المختلفة، وصولاً إلى الظل والنور في الفنون الحديثة.
مشاركة :