واشنطن تتعامل مع الانقسام في ليبيا كأمر واقع

  • 6/30/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعكس التصريحات التي أطلقها السفير الأميركي لدى ليبيا ومبعوثها الخاص إلى البلاد ريتشارد نورلاند بشأن الانتخابات المتعثرة أن واشنطن باتت تتعامل مع الانقسام السياسي والمؤسساتي في البلاد كأمر واقع. وقال نورلاند في تصريحات لوكالة رويترز إن بالإمكان إجراء الانتخابات في ليبيا في ظل وجود حكومتين متنافستين، في إشارة إلى حكومة الاستقرار الوطني برئاسة فتحي باشاغا الذي فشل في دخول العاصمة طرابلس لمباشرة مهامه من هناك، وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة. وأعرب عن تفاؤله بأن محادثات جنيف السويسرية التي جرت بين رئيسي البرلمان ومجلس الدولة في ليبيا عقيلة صالح وخالد المشري ربما تنهي الأزمة، لكن توجد سبل للمضي قدما بعيدا عن ضرورة وجود حكومة ليبية واحدة في السلطة. محمد صوان: الاقتراح الأميركي غير مجد ويعتبر استخفافا بالعملية وأوضح نورلاند أن الفصائل التي هيمنت على أجزاء مختلفة من البلاد يمكن أن تقود تلك المناطق بشكل منفصل نحو انتخابات عامة. وقال “واقع المشهد السياسي الليبي هو أنه لا يمكن لأي طرف أن ينفرد بالنتيجة. والصيغة الوحيدة التي ستنجح هي أن تجتمع الأطراف الرئيسية وتتفاوض على حل وسط”. وقال إن محادثات جنيف إذا لم تفض هذا الأسبوع بين الهيئتين التشريعيتين في ليبيا بشأن الأساس الدستوري للانتخابات إلى اتفاق، فإنه يتوقع المزيد من المفاوضات التي ستواصل العمل على المجالات التي تم الاتفاق عليها بالفعل. ويعد حديث نورلاند تطورا واضحا في الموقف الأميركي من أزمة السلطة التنفيذية في ليبيا، إذ يعد إقرارا بالقبول بالأمر الواقع الذي فرضه الدبيبة برفضه تسليم السلطة إلى رئيس الحكومة الجديد، الذي تم تكليفه بعد توافق ليبي – ليبي بين مجلسي النواب والدولة. وأثار هذا الإقرار، وخاصة الحديث عن انتخابات بوجود حكومتين، جدلا سياسيا في ليبيا، حيث اعتبر رئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان أن “هذا الاقتراح غير مجد ويعتبر استخفافا بالعملية”. وقال صوان في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية الأربعاء “نستغرب ما يطرحه ممثلو بعض الدول بشأن إمكانية إجراء الانتخابات بعد الاتفاق على القاعدة الدستورية مباشرة، في ظل حكومتين كل منهما تشرف على إجراء الانتخابات في محيطها الجغرافي، دون الحاجة إلى توحيد السلطة التنفيذية تحت حكومة واحدة قادرة على الحكم والحركة في كل البلاد، مع تشديد هؤلاء الممثلين على ضرورة الإشراف على الموارد المالية للدولة، ما يؤكد حرصها على مصالحها فقط وارتهان السيادة”. وجاءت تصريحات نورلاند في وقت عُقد فيه في مدينة جنيف السويسرية لقاء برعاية أممية بين صالح والمشري، من أجل التوافق حول القاعدة الدستورية، بعد فشل ثلاث جولات من المسار الدستوري بين وفدي البرلمان ومجلس الدولة في العاصمة المصرية القاهرة. وبدا التفاؤل طاغيا ليل الأربعاء على تصريحات نواب وأعضاء بمجلس الدولة عن حدوث توافق بين الرجلين، رغم الهوة الواسعة بينهما على نقاط، من بينها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية ونظام الحكم الذي سيقع اعتماده في ليبيا في المرحلة المقبلة. وقال المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان حميد الصافي إن توافقا كبيرا حدث بين صالح والمشري في جنيف، مشيرا في تصريحات بثتها وسائل إعلام ليبية ليل الثلاثاء إلى أن “الطرفين وصلا إلى حد الاقتناع بضرورة تقديم تنازلات، حيث إن الاتفاق المبرم ليبي – ليبي لا مثيل له وعلى الكثير من النقاط”. تصريحات نورلاند جاءت في وقت عُقد فيه لقاء برعاية أممية بين صالح والمشري، للتوافق حول القاعدة الدستورية، بعد فشل ثلاث جولات من المسار الدستوري ويأتي ذلك في وقت انهارت فيه الانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، ما أعاد البلاد إلى مربع الانقسام السياسي، خاصة بعد تكليف البرلمان باشاغا بتشكيل حكومة لخلافة الدبيبة، الذي تشبث بالمنصب ورفض تسليم السلطة. وعقب ذلك شهدت البلاد حراكا واسعا لتمكين باشاغا من دخول طرابلس بشكل سلمي وتسلم الحكم، إلى أن تقرر غلق الموانئ والحقول النفطية في البلاد كشكل من أشكال الضغط على حكومة طرابلس والقوى الغربية التي لا تزال تساندها، وهو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة التي تحركت لوضع حد لذلك. وتدفع الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى الحد من الصراع من خلال ضمان إنفاق عادل وشفاف لعائدات النفط الليبي، إلى أن تتمكن حكومة منتخبة من تولي السلطة. وقال السفير الأميركي إن الولايات المتحدة وشركاء دوليين عقدوا اجتماعات مع شخصيات ليبية، للتوصل إلى اتفاقات على أولويات الإنفاق والشفافية ومخصصات التمويل والإشراف على كيفية استخدام الأموال. وقال “هي بالأساس لجنة، وأنت تريد الأشخاص المناسبين والمنظمات المناسبة”، مشيرا إلى أنها تضم ممثلين لهيئات الرقابة الحكومية والبرلمان ووزارة المالية وغيرها. وأضاف نورلاند أن هذه الفكرة حظيت في وقت سابق بتأييد الفصائل في شرق البلاد وغربها، وأنها تتطلب مشاركة واسعة حتى تشعر مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد بأن مصالحها أُخذت بعين الاعتبار. وأكد أن آلية حل الخلافات المالية المتعلقة بعائدات النفط ضرورية لإعادة توحيد البنك المركزي. وأضاف “هذه الآلية يمكن أن تكون بمثابة إشراف حكومي قصير المدى… إلى حين إجراء الانتخابات، لذا فكلما حدث ذلك مبكرا كان أفضل لجميع الليبيين”.

مشاركة :