ماذا يعني أن تستعيد جدة معرض كتابها؟ - أميمة الخميس

  • 12/21/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يعني أن تتجاوز جدة الطابع الاستهلاكي لمهرجانات التسوق الاستهلاكية لتردفها بمهرجانات تحتفي بالبعد الفكري والثقافي، ويعني أن تستحث التعددية الفكرية من خلال الأنشطة الثقافية التي توسع دائرة الخطاب الثقافي وتثرية فلطالما عانى من آحادية الطرح ورمادية اللون. ويعني أن تقدم وزارة الثقافة والإعلام للمواطن حقلاً يليق بتاريخ المنطقة، وعراقة وثقافة سكانها، وتفعل واجباتها الوطنية اتجاه الثقافة. فلنحتفِ جميعا بالضوء الذي انسكب من النوافذ، وشع فوق أغلفة الكتب، وانبلج عبر بوابات المعارف. فحقل شكر لكل من ظل يرتكب هذا الحلم بإصرار عاماً إثر الآخر، إلى أن عاد معرض جدة للكتاب يتجلى بكل ما يليق بها. ذهبت إلى هناك للمشاركة في إحدى محاضرات المعرض عبر ورقة عمل حول الرواية بعنوان (آخر القصائد أول الحكايات)، فوجدت جدة وأهلها بحالة توهج ونشوة، وكأن بوصلة المدينة بأكملها كانت تتجه إلى أبحر الجنوبية حيث الجميع عائد من المعرض أو ذاهب إليه، بينما تكتظ ممرات المعرض بمتلهفي المعارف، أما قاعة المحاضرات التي قدمت بها ورقتي، فامتلأت صفوفها متحدية الاعتقاد الكسول والرؤية التقليدية التي كانت تشير إلى أن الثقافة هي نشاط نخبوي لا يرتاده إلا القلة فهل جميع أهل جدة من النخب؟..أم أن.. جدة غير. كم نستتاب عن هوى جدة ولكننا لا نتوب، وتظل أفئدتنا لها تؤوب، لعلها روح أمنا الكبرى حواء بوصلتنا التي تكمن في أرضها مكتنزة سر الأبدية والخلود، وتظل ترفرف في أركانها أجنحة مخصبة بالفنون وإبداع مدينة يغرق النهي على شواطئها، بينما هي تجاور الأمواج منذ أول صفحة في كتاب التاريخ إلى يومنا هذا وهي تروض الاستبداد بترياق الفكر، تقاوم آحادية اللون بقوس قزح الأجناس والأعراق، وتستنبت حقول الأدب والفن لتنهض في وجه رمال التصحر. التقيت هناك بباقة نادرة من الصديقات مثقفات وأكاديميات جدة، كل منهن تمثل حالة خاصة ومتفردة تشعر بأنها تحتاج أن تمضي مع كل منهن دهراً لتبلغ آقاصي آفاقها.. د. لمياء باعشن أيقونة الوعي والتراث، د. فاطمة آلياس قنطرة باذخة بين الشرق والغرب، الشاعرة والشجرة طيبة الرائحة زينب غاصب، المثقفة والتربوية المتوقدة ببريق لا يفتر ولا يضمحل فريدة الفارسي، الأديبة والبجعة الباذخة التي تجدل العالم على شكل أجنحة لمياء غلالييني، المثقفة ذات الروح الشاسعة لمى غلالييني، الشاعرة والإعلامية الجميلة حليمة مظفر، الأكاديمة ذات الذائقة فائقة الحساسية د. أحلام حادي، المثقفة النبيلة نبيلة محجوب، وسيدة العمل الاجتماعي وصاحبة صالون المها الثقافي مها فتيحي، والمتوقدة الأستاذة فريدة شطا، وسيدة الوعي نورة الخريجي، تتقاطر على رأسي الأسماء والوجوه كحزمة شهب لا أدري أيها استحضر وأيها يغيب.. لكن أشعر بأنني دسست أصابعي في حقيبة أحجار كريمة، وارتدت لي كفي مشبعة برائحة عنبر الشواطئ.. إطلالة خاطفة على هذه المدينة.. تجعلني أردد معهم هامسة.. جدة غير. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :