القاهرة أول يوليو 2022 (شينخوا) أكد عصام كامل رئيس تحرير صحيفة ((فيتو)) خبير العلاقات الدولية، أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر بمرحلة "خريف سياسي" وانحسار تأثيرها السياسي، وأنها تستخدم حلف شمال الأطلسي (ناتو) كأداة لتحقيق مصالحها في الهيمنة. وقال كامل في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن جهودا أمريكية تبذل لإحياء وتفعيل حلف الناتو من خلال توسعة عضويته وضم دول أخرى، مؤكدا أن فكرة إحياء حلف الناتو وتوسعته مرتبطة بمخاوف أمريكية من تنامي القوى الأخرى، حيث بدأ جزء من خريطة العالم يتحرك شرقا لأنهم يرون أنه ليس من المفيد أن تبقى قوى واحدة مهيمنة على العالم. وانطلقت يوم الأربعاء الماضي أعمال قمة حلف الناتو في العاصمة الإسبانية مدريد وسط إجراءات أمنية مشددة، مع تظاهر العديد والآلاف من الناس في مدريد من أجل السلام، من أجل عالم متعدد الأطراف. وأضاف عصام كامل أن "الأمريكان يعانون مرحلة من مراحل الخريف السياسي، وانحسار تأثيرهم في الكثير من المناطق كالشرق الأوسط، وآسيا، وبالتالي فإن الحديث عن فكرة توسيع حلف الناتو ليس له داعٍ حقيقي وإنما هو محاولة لزيادة التأثير الأمريكي، الأمريكان لسنوات طويلة كانوا يستخدمون حلف الناتو في تفاصيل أخرى كثيرة مرتبطة بفكرة القوى الأمريكية وتأثيرها في العالم". وشدد على أن حلف الناتو تحول لأداة للولايات المتحدة للعمل خارج إطار الأمم المتحدة، خاصة في مناطق الصراع القوية، بهدف تحقيق مصالح القوى المهيمنة، حيث تتراجع فكرة الشرعية، حتى إن وجدت الشرعية مثلما حدث من قبل. وأشار في هذا الصدد إلى ما قامت به الولايات المتحدة من انتهاكات في العراق بنيت على أفكار وهمية وليس حقائق، وهو ما يتكرر حاليا مرة أخرى من خلال الحديث عن وجود مواقع ذرية في إيران لم تبلغ عنها طهران. وأوضح عصام كامل أنه من الواضح أيضا أن حلف الناتو يقف وراء الأزمة الأوكرانية، ولعب دورا رئيسيا في تأجيجها، لافتا إلى أن "العبث بالأمن القومي لأي دولة وليست روسيا فقط خط أحمر ولا يمكن لها أن تنتظر أن تأتي قوى أخرى على حدودها لتهديدها وتهديد أمنها القومي". وحذر من أن جرائم الناتو متعددة ولا يستخدم الشرعية الدولية في كثير من الأمور، وهو ما قد يحفز أطرافا أخرى إلى عدم الإيمان بالشرعية الدولية، ما يدفعها للدفاع عن نفسها، خاصة مع ما يبدو أنه محاولة أمريكية لاستنساخ الناتو في المحيط الهادئ. وأردف عصام كامل قائلا "وبالتالي فإذا مزقت أوراق الشرعية الدولية فإنك تسمح للآخرين بأن يمزقوها أيضا وأن يتصرفوا وفق ما تفرضه مصالحهم لحماية أوطانهم". ولفت إلى أن هناك توجها قويا ورغبة أكيدة لدى الدول النامية لتحقيق توازن في العلاقات الدولية بحيث لا تكون الولايات المتحدة هي المهيمنة والمتصرفة وبشكل منفرد في قيادة النظام الدولي، خاصة مع اتجاه واشنطن لاستنساخ الناتو في المحيط الهادئ أو إرسال إشارات بذلك، بهدف استعادة فكرة القوى المهيمنة في العالم باستخدام القوى الأخرى. وقال كامل لـ((شينخوا)) إن "تراجع منظومة القيم الأوروبية وفي استراليا ومناطق أخرى يجعل الأمريكان يزيدون من هيمنتهم"، مشيرا إلى أنه كانت هناك عواصم أوروبية لها مواقف معارضة من الاستخدام الأمريكي لهذه المنطقة في التأثير، ولكن التوجه الأمريكي حاليا إلى منطقة المحيط الهادئ خاصة في استراليا واليابان وغيرهما لاستخدامها في التأثير يتوقف على حجم وسرعة تحرك التكوينات الجغرافية السياسية في الفترة القادمة من أجل نشوء نظام عالمي جديد، "وعلى واشنطن أن تدرك أن الدول الأخرى لن تقف صامتة أمام تحركاتها". وأعرب عن ثقته في أن هناك أفكارا تدرس وتناقش في العديد من دول العالم حول سيناريوهات مواجهة حلف الناتو، حيث يسيطر القلق على عدد من مناطق العالم من تحركات الحلف، منوها إلى أن هناك دولا كانت حليفة للولايات المتحدة تدير حاليا حوارا مع الروس وغيرهم حول المستقبل، حيث لم يعد مقبولا أن تفرض الولايات المتحدة هيمنتها وسطوتها لتحقيق مصالحها على حساب الآخرين بما فيهم حلفاؤها. وتابع كامل قائلا "ربما في السنوات القليلة المقبلة وخلال تشكل خارطة العالم، سيظهر أن هناك مزاجا سياسيا في الكثير من المناطق ومن بينها منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال، يبحث عن مساحة أخرى وقوى جديدة مناهضة تحقق التوازن ويمكنها أن تلجأ إليها".
مشاركة :