في عشر ذي الحجة

  • 7/3/2022
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

في التذكير حث لكل الأمة الإسلامية أن تتجه بقلبها وقالبها صوب بيت الله الحرام، فمن لم يحالفه التوفيق لزيارته فإن في الدعوات للحجيج، ومتابعة مناسكهم بما يسره الله من تقنيات حديثة، قد يجعل من المتمني كالحاج تمامًا في الأجر، بمنّ الله وفضله.. في صحيح البخاري - رحمه الله - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء. قد لا تجد مسلمًا إلا وسمع بهذا الحديث، إما في خطبة جمعة أو درس أو من قناة من قنوات وسائل التواصل، وتكرار ذلك في هذه المناسبة على أي وجه كان؛ إنما هو من باب «وَذكّر فإنّ الذّكرى تنفعُ المؤمنين» وليس شرطًا في الذكرى أن يأتي المتحدث بشيءِ جديد ومعنىً مبتكر، كما يدندن بعضهم حوله كثيرًا، ولكن يكفي من الذكرى تنبيه الغافل، وتذكير الناسي، وتعليم الجاهل. وفي شرائع الإسلام مناسك وعبادات وفضائل ومستحبات فيها غنية للمسلم إذا ما سلك في فعلها ابتغاء وجه الله، ومتابعة سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلـم. ومما لا يشك فيه أن أفضل الأعمال على الإطلاق في هذه العشر، هي مناسك الحج، من نية وتلبية وإحرام ووقوف بعرفة والنفر إلى مزدلفة والرمي والطواف والذبح والحلق في يوم النحر ورمي الجمرات الثلاث وطواف الوداع، وما يتخلل ذلك من أدعية وأذكار وأعمال وصلوات، فكل ذلك هو أفضل الأعمال، لأن فضل عشر ذي الحجة مكتسب من فضل هذه الشعيرة العظيمة، شعيرة الحج، التي هي ركن من أركان الإسلام، والتذكير بذلك ليس من باب تحصيل الحاصل، فإن الأعمال قد تأخذ طابع الصورة الواحدة، ولكن بنيات فاعليها تتفاوت تفاوتًا كما بين السماء والأرض، ولعل من أعظم أسباب التفاوت ما يقع في القلب من نية خالصة وتعظيم صادق، وذلك كله قد يتجدد ويكبر ويعظم، بسماعة موعظة أو تذكير خطيب، أو مقال كاتب، أو تغريدة ناصح، فتجدد في القلب الإخلاص، وترسم في النفس صورة المتابعة لخير من أحرم ولبى ووقف وسعى وطاف وذكَر، الله صلى الله عليه وآله وسلـم. في التذكير بفضل العمل الصالح في مثل هذه الأيام شحذ لتلك الهمم التي نذرت نفسها لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتجديد العزم لاستقبال ملايين الحجاج، وخدمتهم على أحسن وأكمل وجه، فإن ذلك أولاً وآخرًا هو عمل يبتغى به مرضات الله، مهما كان الإعلام المصاحب لذلك، ومهما بلغت المدائح لهذه الدولة المباركة على ما تقوم به، وهي مؤهلة لكل ثناء، فإن ما عند الله من أجر أعظم وأكبر من أي مدح وثناء وشكر. في التذكير حث لكل الأمة الإسلامية أن تتجه بقلبها وقالبها صوب بيت الله الحرام، فمن لم يحالفه التوفيق لزيارته فإن في الدعوات للحجيج، ومتابعة مناسكهم بما يسره الله من تقنيات حديثة، قد يجعل من المتمني كالحاج تمامًا في الأجر، بمنّ الله وفضله، وفضل الله أوسع مما تتخيله العقول، وفي الحديث عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما-، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- في غَزَاةٍ، فقال: إن بالمدينة لَرِجَالًا ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قَطَعْتُم وَادِيًا، إلا كانوا مَعَكُم حَبَسَهم المرضُ. وفي رواية: إلا شَرَكُوكُم في الأَجْرِ. وهذا بيّن وواضح في فضل تمني الخير، وهو في هذه العشر أفضل بفضلها، وفي تنوع الخيرات والأعمال الصالحات ما لا يستطيع أحد حصره، فالتسامح والتزاور والصلة، والصدقة وقراءة القرآن والصوم، وتعلم العلم، ونشره، وذكر الله، وتلمس حاجات الآخرين، ومجرد التفكر في فعل الخير وخدمة الدين والوطن، هو من العمل الصالح الذي يضاعف في مثل هذه الأيام، فكيف بمن وفقه الله لمباشرة فعل الصالحات بيده وبقلبه. هذا، والله من وراء القصد.

مشاركة :