يمكن للذكاء الاصطناعي الذي يبحث عن بيانات الجريمة أن يتنبأ بموقع الجرائم في الأسبوع المقبل بدقة تصل إلى 90 في المائة. ولكن هناك مخاوف تحيط بعملية التحيّز التي قد تقع فيها تلك الانظمة الحديثة. تمكن برنامج الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بموقع ومعدل الجريمة عبر مدينة شيكاغو قبل أسبوع بدقة تصل إلى 90 في المائة. في فيلم النجم الأمريكي توم كروز "تقرير الأقلية Minority Report" لجأ علماء إلى أشخاص لديهم قدرات ذهنية خارقة وقاموا بعمل ارتباط بين أدمغتهم وبين عشرات الأجهزة التي أمدتهم بصور ومعلومات حول مشتبه بهم ومواقف وأحداث مختلفة ليتمكنوا من خلالها من توقع جرائم القتل قبل وقوعها. مر على إنتاج هذا الفيلم نحو 20 عاماً. واليوم أضحت الفكرة الخيالية واقعاً، إذ تمكن برنامج للذكاء الاصطناعي من التنبؤ بموقع ومعدل الجريمة عبر مدينة شيكاغو قبل أسبوع بدقة تصل إلى 90 في المائة. نتائج مذهلة ابتكر ايشانو تشاتوبادياي الاستاذ المساعد بكلية الدراسات الحيوية في جامعة شيكاغو وزملاؤه نموذجاً للذكاء الاصطناعي يقوم بتحليل بيانات الجريمة في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي للفترة ما بين 2014 و2016، ثم توقع مستويات الجريمة في الأسابيع التي تلت فترة تغذية البرنامج بالبيانات والمعلومات. المذهل أن الذكاء الاصطناعي توقع احتمالية حدوث جرائم معيّنة في جميع أنحاء المدينة، والتي تمّ تقسيمها إلى مربعات بعرض حوالي 300 متر ، قبل أسبوع من وقوعها بدقة تصل إلى 90 في المائة. كما تم تدريبه واختباره على بيانات سبع مدن أمريكية رئيسية أخرى، ليفاجأ العلماء بمستوى مماثل من الأداء، بحسب ما نشر موقع newscientist المتخصص. كانت الجهود السابقة لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالجريمة مثيرة للجدل لأنها يمكن أن تُبقي على نسبة من التحيز العنصري. وفي السنوات الأخيرة، اختبرت إدارة شرطة شيكاغو خوارزمية أنشأت قائمة بالأشخاص الذين يُعتبرون الأكثر عرضة لخطر التورط في إطلاق النار، إما كضحايا أو كجناة. تم الاحتفاظ بسرية تفاصيل الخوارزمية والقائمة في البداية، ولكن عندما تم إصدار القائمة أخيراً، اتضح أن 56 في المائة من الرجال السود في المدينة الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 29 عاماً قد ظهروا فيها. قياسات متحيزة؟ يُقر تشاتوبادياي بأن البيانات التي يستخدمها نموذجه ستكون متحيزة أيضاً، لكنه يقول إنه تم بذل جهود للحد من تأثير التحيز، وأن الذكاء الاصطناعي لا يحدد المشتبه بهم، بل المواقع المحتملة للجريمة فقط، مشيراً إلى أنه لن يرتكب الخطأ الوارد في فيلم توم كروز: "إنه ليس تقرير الأقلية".."موارد الجهات القائمة على تطبيق القانون محدودة في النهاية.. لذلك أنت تريد استخدام تلك الموارد على النحو الأمثل. سيكون من الرائع أن تعرف أين ستحدث جرائم القتل دون انفاق الوقت والجهد والموارد لمعرفة ذلك". ويثير التقدم في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي اهتمام الحكومات التي ترغب في استخدام أجهزة الأمن لهذه الأدوات التنبؤية لردع الجريمة. صحيح أن الجهود المبكرة للتنبؤ بالجريمة كانت مثيرة للجدل، إلا أنها لا تأخذ في الاعتبار التحيزات المنهجية في إنفاذ الشرطة للقانون وعلاقتها المعقدة مع الجريمة والمجتمع. نشرت نتائج الدراسة البحثية في مجلة طبيعة سلوك الإنسان Nature Human Behaviour برنامج يستفيد منه الجميع استخدم الباحثون أيضاً البيانات للبحث عن المجالات التي يؤثر فيها التحيز البشري على عمل الشرطة. إذ قاموا بتحليل عدد الاعتقالات في أعقاب الجرائم في أحياء مختلفة من شيكاغو ذات مستويات اجتماعية واقتصادية مختلفة. أظهر هذا التحليل أن الجرائم في المناطق الأكثر ثراء نتج عنها اعتقالات أكثر مما كان عليه الأمر في المناطق الفقيرة، مما يشير إلى التحيز في استجابة الشرطة للإنذارات والبلاغات. ولم يخف لورنس شيرمان من مركز كامبريدج لأحد أفرع الشركة المتخصصة بالمملكة المتحدة من أن "يكون الأمر (ربما) انعكاسًا للتمييز المتعمد من قبل الشرطة في مناطق معينة". ويقول تشاتوبادياي إنه يمكن استخدام تنبؤات الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر أمانًا كمصدر للمعلومات لمتخذي القرار على أعلى المستويات، بدلاً من استخدام موارد الأجهزة الأمنية بشكل مباشر، مشيراً إلى أنه أتاح البيانات والخوارزمية المستخدمة في الدراسة للجميع حتى يتمكن باحثون آخرون من التحقيق في النتائج وتطوير العمل، بحسب ما نشر موقع "فيزي دوت اورغ". عماد حسن
مشاركة :