تحاول بيتي نابيتيكو إنقاذ حياة الناس في ميتيبيلي بأوغندا. هذه الأم البالغة من العمر 38 عاما تتابع من مطلع عام 2014 صحة 75 أسرة في هذه المدينة القريبة من الحدود التنزانية. وقالت في يونيو/حزيران بعد وصول العديد من النساء والأطفال إلى بيتها "أريد أن أرى هذا الجيل أكثر حيوية وصحة." جلست الأمهات منتبهات فيما تحكي لهن نابيتيكو عن علامات سوء التغذية وكيفية اختيار الطعام المغذي لأطفالهن. وحين أنهت كلامها، طلبت النساء منها بمرح إعطاءهن ثمرات من البطاطا الحلوة من كيس كبير في ركن البيت، وحصلن عليها. (e) نابيتيكو ناشطة في الصحة المجتمعية وهي تحصل على إعانة من برنامج تجريبي ميزانيته ثلاثة ملايين دولار وممول من الصندوق الياباني للتنمية الاجتماعية بالبنك الدولي وتنفذه منظمة لجنة بنجلادش للنهوض بالريف - أوغندا، (e) وهي فرع من لجنة النهوض بالريف التي تتخذ من بنجلادش مقرا لها. يشجع المشروع السكان المحليين على زراعة وتناول البطاطا الحلوة ذات اللحم البرتقالي اللون ومحاصيل أخرى غنية بالعناصر الغذائية وذلك لمكافحة التقزم لدى الأطفال- أي توقف النمو قبل اكتماله. في الوقت نفسه، يستهدف المشروع مساعدة المزراعات على زراعة المحصول وتسويقه وبيعه وذلك بهدف تعزيز مهاراتهن الاقتصادية وقدرتهن على اتخاذ القرار خلال هذه العملية. فالمرأة هي الراعي والمنتج الرئيسي للمحاصيل الغذائية للأسرة في هذه المناطق الريفية، لكنها نادرا ما تمتلك الأرض، أو تزرع المحاصيل النقدية المربحة، أو تسيطر على ماليات الأسرة. مشروع البطاطا الحلوة التجريبي في أوغندا ينشر الوعي بالتغذية بين المجتمعات الريفية. وللتقزم آثار ضارة طويلة الأمد على صحة الفرد وإنتاجيته ونموه الإدراكي، كما يؤثر على النمو والتنمية في البلاد. ورغم أن معدلات التقزم تتراجع عالميا، فإن أعداد المصابين به في أفريقيا تزداد باطراد بنسبة 23 في المائة منذ عام 1990، وذلك وفقا لتقرير (e) صدر مؤخرا عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي. تعتبر ثمرة البطاطا الحلوة برتقالية اللحم كمحصول مدعم حيويا أحد الحلول لهذه المشكلة. ويمكن لهذا النبات غير المتوطن في أوغندا أن يوفر احتياجات الطفل اليومية من فيتامين أ في كمية لا تزيد عن 50 غراما (أقل من أوقيتين). وقد بدأت لجنة بنجلادش للنهوض بالريف في إدخال هذه الثمرة إلى مناطق وسط وجنوب غرب البلاد عام 2014 بهدف تحسين مستويات التغذية لدى نحو 19200 أسرة ضعيفة وفقيرة. ورغم أن معدلات التقزم في أوغندا التي تصل إلى 33 في المائة من أعلى المعدلات في العالم، فإن متوسط معدلات التقزم في هاتين المنطقتين وصل إلى نحو 47 في المائة للأولاد ونحو 35 في المائة للفتيات دون العامين، وذلك وفقا لمسح شمل 7694 أسرة في الفترة من أبريل/نيسان إلى يوليو/تموز 2014. يقول الخبراء إن أوغندا تمثل مفارقة غذائية: فسوء التغذية يحدث حتى في مناطق إنتاج الغذاء والمناطق المزدهرة نسبيا- رغم حقيقة أن أوغندا هي المصدر الأكبر للمواد الغذائية الرئيسية في شرق أفريقيا. يقول فرانسيس ببوسا، أحد الباحثين في لجنة بنجلادش للنهوض بالريف والذي يسافر كثيرا إلى المناطق الريفية للتحقق من التقدم الذي يحققه المشروع، إن نقص الوعي بأي المحاصيل أكثر ثراء بالعناصر الغذائية، خاصة للأطفال والحوامل، يمثل جزءا من المشكلة. ويضيف ببوسا أن الناس في أوغندا يأكلون الكثير من ثمار الماتوكا، وهي نبات الموز النشوي الذي يمثل غذاء رئيسيا. بيد أن الماتوكا لا توفر بعض العناصر الغذائية الرئيسية التي يعاني الناس عامة من نقصها. وقال "المزارعون يحتاجون إلى حوافز لزراعة شيء آخر." أنشأت لجنة بنجلادش للنهوض بالريف، والتي تعد أكبر منظمة غير حكومية في البلاد بما تقدمه من خدمات صحية وزراعية وتمويل أصغر، شبكة من المزارعات للترويج لنشر شتلات البطاطا الحلوة برتقالية اللحم وتعليم المزارعين الآخرين كيف يزرعون هذا المحصول ويعتنون به. في الوقت نفسه، يقدم الناشطون في الصحة المجتمعية مثل نابتيكو النصائح الغذائية، ويراقبون ويشجعون على نمو الأطفال دون العامين. وتحصل النساء على أجور عن عملهن خلال بداية المشروع التي تمتد عامين والتي يؤمل بعدها أن يؤدي زيادة الطلب على المحصول إلى استمرارية إنتاجه. يوفر المشروع للمزارعين التأمين على المحصول وييسر لهم الحصول على الائتمان الأصغر لتشجيع إنتاج البطاطا الحلوة برتقالية اللحم. وتقول آيرين ناكيتيو، الناشطة في مجال الزراعة بالمجتمع في قرية بوجونزي في منطقة كالونجو والتي تبلغ من العمر 48 عاما، إن الطلب على هذا النوع الجديد من المحاصيل مرتفع في السوق. وأضافت "إذا أخذناها هناك سيشتريها الناس" موضحة أن الناس يحبونها لأنها مغذية وحلوة. كما يبدو أن مشروع البطاطا الحلوة البرتقالية قد أحدث أثرا في حياة النساء اللائي تعاملن معه. وتقول فلورنس ناماتوفو، 46 عاما، إن المال الذي تحصل عليه من بيع شتلات البطاطا الحلوة لا تتقاسمه مع زوجها، وإن هذا يجعلها أكثر قوة. فقد بات بوسعها رعاية أمها ودفع الرسوم المدرسية، ونفقات أخرى. وتابعت المزارعة التي تعول ثمانية أطفال في مدينة موكاكو، بضاحية كالونجو، إنها تفكر في فتح حساب بنكي لأول مرة في حياتها. " إن مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين في أفريقيا التابع للبنك الدولي يدرس تأثير المشروع التجريبي للجنة بنجلادش للنهوض بالريف لكي تتبين ما إذا كانت النساء أكثر ميلا إلى تبني المحصول لقيمته الغذائية أم لقيمته السوقية. " وقالت سارا ناكيونجوي، 38 عاما، إنها اعتادت تسول الطعام لإطعام أطفالها الستة، بيد أن حياتها تغيرت منذ أن حصلت على وظيفة في الترويج للبطاطا البرتقالية الحلوة. وقد التحقت ناكيونجوي بمجموعة التمويل الأصغر لدى لجنة بنجلادش للنهوض بالريف، واستأجرت قطعة أرض مساحتها فدان ونصف الفدان تدر إنتاجا أوفر. وقالت إنها بدأت أيضا العمل في صالون للتجميل بالقرية. والآن، بات لديها المال والطعام الكافي للترويح عن نفسها. وقالت إن هناك مزية أخرى، وهي أن زوجها أصبح يراها بشكل جديد ويدعم جهودها لكسب العيش خارج المنزل. تعد الحكومة الأوغندية مشروعا واسع النطاق يتكلف 30 مليون دولار للبناء على الجهد الذي تقوم به لجنة بنجلادش للنهوض بالريف وإطلاق عملية زراعة المحصول في مختلف أنحاء البلاد. ويتم تمويل المشروع الجديد بمنحة من البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي التابع للبنك الدولي ويموله العديد من البلدان. وعن ذلك قال الاقتصاديان ماركوس جولدستين ونيكلاس بيورين إن مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين في أفريقيا التابع للبنك الدولي يدرس تأثير المشروع التجريبي للجنة بنجلادش للنهوض بالريف لكي تتبين ما إذا كانت النساء أكثر ميلا إلى تبني المحصول لقيمته الغذائية أم لقيمته السوقية. وقال جولدستين "إحدى المسائل الكبرى في أفريقيا هي أن المرأة تحصل على دخل أقل كثيرا مما يحصل عليه الرجل في مجال الزراعة" وتحاول الدراسة التي يعدها مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين "استبيان كيفية سد هذه الفجوة." تشير البيانات المستقاة من ست دول أفريقية (e) إلى أن المزارعات تحصل على محصول أقل للفدان من المزارعين الرجال، ويعود هذا في جانب منه إلى أن مزارع النساء بها عدد أقل من عمالة الرجال. ووفقا لتقرير عن المساواة بين الجنسين وديناميكيات الأسر في المناطق التي ينفذ فيها مشروع البطاطا الحلوة، فإن المرأة في أوغندا لا تملك المال الكافي لتشغيل العمالة، بينما يزرع الرجال المحاصيل المدرة للمال والأكثر كثافة في تشغيل العمالة، مثل البن وقصب السكر. وقال التقرير إن أغلب ملاك الأراضي من الرجال، كما أن الرجال أكثر قدرة من النساء على الحصول على المعدات الزراعية والأسمدة ومدخلات أخرى. وأضاف أن "الرجال يميلون إلى السيطرة على المحاصيل المفضلة عند النساء إذا كانت هذه المحاصيل تقدر بأسعار عالية في الأسواق وتحقق عائدات كبيرة." وستنظر الدراسة التي يجريها مختبر ابتكارات المساواة بين الجنسين فيما إذا كان انطلاق النساء المزارعات بالبطاطا الحلوة برتقالية اللون في أوغندا يمكن أن يمنحهن ميزة بعد أن أصبح المحصول أكثر شعبية وربحية. قال بيرن إن تبني المحصول ينبغي أن يكون أولى الخطوات التي تتخذ. وبعد ذلك، سيتوالى كل شيء."
مشاركة :