اقتصاد الإقناع في السلم والحرب «1 من 2»

  • 7/4/2022
  • 23:33
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

زيادة خدمة الإنترنت بتقنية الشبكات عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، وتقدم وسائل التواصل الاجتماعي، يعيدان تشكيل أساليب خوض الحروب، فالحرب الروسية - الأوكرانية هي أول حرب كبرى تندلع بين دولتين في حقبة الهواتف الذكية. فوسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة تعيد تشكيل أسلوب خوض الحروب. وتشن الحكومة الروسية حربا على ثلاث جبهات: حرب حركية في أوكرانيا. وحرب داخل روسيا، حيث يرغب المتظاهرون ضد الحرب في الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للانسحاب من أوكرانيا. وحرب لكسب الرأي العام العالمي. ولتكنولوجيا المعلومات دور مهم في ثلاثتها. فداخل أوكرانيا، تسجل الهواتف الذكية كلا من جرائم الحرب وتحركات القوات الروسية. وداخل روسيا، يساعد ما تبقى من الشبكات الاجتماعية على تنظيم المظاهرات والتنسيق لإرسال المحامين دعما للمحتجزين. وفي ساحة معركة المعلومات العالمية، تحاول الفيديوهات من الجانبين إقناع الدول الأخرى بتعجيل أو إبطاء إرسال الأسلحة وفرض "أو المساعدة على إبطال" عقوبات اقتصادية غير مسبوقة. أما فكرة أن توافر المعلومات ونقصها ذات أهمية في الحرب فهي ليست بجديدة. وكان كارل فون كلاوزفيتز، صاحب النظريات الحربية الشهير، قد كتب مقالا نشر بعد وفاته بعنوان عن الحرب أكد فيه أهمية "ضباب الحرب". فالحرب تربك التقارير الإعلامية العادية، وتثير مزيدا من أجواء عدم اليقين، ومن ثم، فإن المعلومات التي تقلل - أو تزيد - أجواء عدم اليقين هذه قد تؤثر بشكل كبير في نتيجة الحرب. وبينما كان دور المعلومات في الحرب مفهوما دائما، أدت الزيادة الهائلة أخيرا في استخدام خدمة الإنترنت بتقنية الشبكات عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، وتقدم وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حدوث تحول جذري في طريقة جمع المعلومات ونشرها. ووفقا للاتحاد الدولي للاتصالات، لم يزد نصيب الفرد في 2007 من الاشتراكات في خدمة الإنترنت بتقنية الشبكات عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، على 0.04. وفي 2021، بلغ هذا الرقم 0.83، أي أعلى بـ20 ضعفا. وشهدت هذا النمو الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء. فكانت معدلات الاقتصادات النامية 0.006 في 2007 و0.73 في 2021. وفي روسيا، يزيد هذا الرقم اليوم على واحد صحيح، ما يعني ببساطة أن الجميع متصلون بالشبكة. وأدت خدمة الإنترنت بتقنية الشبكات عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، إلى مزاحمة الخدمة نفسها للأجهزة الثابتة باعتبارها المصدر الرئيس للحصول على خدمة الإنترنت عالية السرعة. وكان نمو زيادة نصيب الفرد من الاشتراكات في الخدمة عريضة النطاق باستخدام الأجهزة الثابتة في العالم محدودا، حيث ارتفع من 0.05 في 2007 إلى 0.17 في 2021. وترتبت على الجيلين الثالث والرابع من تكنولوجيا خدمة الإنترنت بتقنية الشبكات عريضة النطاق للأجهزة المحمولة، ويعرفان بأنهما 3G و4G، قفزة نوعية مقارنة بالجيلين السابقين لهما، حيث يمكنان المستخدمين من التقاط الصور، وتسجيل الفيديوهات، وتوزيعها مباشرة على مستوى العالم. ومن ثم، أصبح انتشار الجيل الثالث والجيل الرابع محركا رئيسا لنمو شبكات التواصل الاجتماعي. واليوم، يوجد في العالم نحو ثلاثة مليارات مشترك في فيسبوك، و2.5 مليار في يوتيوب، و1.5 مليار مشترك في إنستجرام. وتجرى الأغلبية العظمى من استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي عبر الأجهزة المحمولة. وعلى حد قول مارتن غوري، في كتابه التنبؤي، بعنوان The Revolt of the Public and the Crisis of Authority in the New Millennium، إن لهذا التحول التكنولوجي انعكاسات سياسية جمة... يتبع.

مشاركة :