تستحضر كلمة "ابتكار" إلى أذهاننا صورة رواد المشاريع الناشئة المفعمين بالحماس، أو الشركات العالمية التي تعادل ميزانيتها على البحث والتطوير اقتصادات دول صغيرة. لكن نادرا ما يتبادر إلى مخيلتنا صورة، غالبا ما تكون فاعلة، حكومات تسعى إلى تسخير الابتكار كوسيلة لتعزيز مكانة بلادها في اقتصاد المعرفة الجديد. لا يعد الابتكار الذي تقوده الحكومات مفهوما جديدا. فدولة مثل فرنسا على سبيل المثال، دعمت في الستينيات والسبعينات مشروع قطار غراندي فيتيس (TGV)، القطار الفائق السرعة الذي كان في تلك المرحلة فكرة مبتكرة. وفي الفترة ذاتها تقريبا، أخذت حكومات كل من فرنسا وبريطانيا على عاتقها تكاليف تطوير طائرة كونكورد الأسرع من الصوت. وفي عام 1978 بدأت خدمات البريد والاتصالات الوطنية الفرنسية بتصميم "مينيتل" واحدة من أنجح الخدمات على الخط ما قبل الويب في العالم. وبحسب دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2015، اتخذت 80 في المائة من الدول الأعضاء تدابير لدعم الابتكار. إضافة إلى مبادرات في قطاعات متنوعة مثل التطبيب عن بعد، والإنارة، وإدارة حركة المرور والطاقة. بالطبع يأتي الابتكار ضمن أولويات عديد من الدول. فمع مبادرة الأمة الذكية، استطاعت سنغافورة التألق بين دول آسيا على مؤشر الابتكار العالمي 2017 (GII). وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حددت الإمارات الابتكار كإحدى الركائز الأساسية في تحولها من اقتصاد يعتمد على النفط نحو اقتصاد المعرفة. على سبيل المثال، عينت الإمارات في أكتوبر 2017 أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم. تحفيز الابتکار في قطاع الشركات المحلية الصغيرة تستخدم دول الخليج إيراداتها من النفط والغاز الضخمة لمصلحة تطوير قطاعات مبتكرة، مثل الفضاء وأشباه الموصلات والطاقة المتجددة. مركزة على استثمارات أجنبية رفيعة المستوى. في ورقة أصدرناها بعنوان: "دور الطلب على الابتكار: براهين من اقتصاد غني بالمصادر"، أخذت وزميلي إليف باسكافوسوغلو موريو، إمارة أبوظبي على وجه التحديد، لإظهار قدرة الإمارة على الاستفادة من المشتريات العامة في تحفيز الابتکار خاصة بين الشركات المحلية الصغيرة الحجم. قمنا بتحليل بيانات استبيان مؤشر أبوظبي للابتكار لعام 2012، وهي عبارة عن مقياس لأداء الابتكار يستند على معايير دولية. حيث أشارت 480 شركة إلى السلع أو الخدمات الجديدة، أو السلع والخدمات والإجراءات التي شهدت تحسنا ملحوظا خلال السنوات الأربع السابقة. وتم سؤالهم أيضا عن حركة تدفق المعلومات وإذا ما جاءت ابتكاراتهم تلبية لمتطلبات القطاع العام أو الخاص سواء كانت العمليات بين المؤسسات أو بين المؤسسات والعملاء. وعلى سبيل المثال العقود الحكومية والعطاءات.
مشاركة :