عندما يتحدث الناس عن "الإبادة الجماعية" و"الفصل" و"التفوق العرقي"، فإن أدولف هتلر والنازية سيئة السمعة غالبا ما يكونان أول ما يتبادر إلى ذهن المرء. ومع ذلك، فإن النازية لها أصل فلسفي غير متوقع: تحسين النسل في الولايات المتحدة. استلهم النازيون من العنصرية الأمريكية في أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، كما ذكر جيمس ويتمان، أستاذ القانون الأمريكي، في كتابه "نموذج هتلر الأمريكي: الولايات المتحدة وصنع قانون العرق النازي". وأعرب هتلر عن إعجابه بأمريكا لأنها "استبعدت أعراقا معينة من التجنس" واتخذ أمريكا نموذجا لـ"الدولة الواحدة" التي كان يأمل في إعادة بنائها في ألمانيا، وفقا لكتاب السيرة الذاتية "كفاحي" للزعيم النازي. في عام 1928، أشاد هتلر حتى بصيد الأمريكيين للهنود في التوسع غربا. وكتب ويتمان في مقال في مجلة ((تايم)) "بالنسبة لهم (النازيين)، العنصرية جعلت أمريكا عظيمة". التعقيم الإجباري والفصل العنصري وحظر الزواج بين الأعراق وحتى غرف الغاز سيئة السمعة - كلها ارتكبت باسم دراسات تحسين النسل في الولايات المتحدة قبل عقود مما حدث في ألمانيا النازية. والإبادة الجماعية التي ارتكبتها أمريكا ضد السكان الأصليين، والتي قدمت مثالا مروعا لألمانيا النازية كما تبين في كلمات هتلر، ليست الجريمة العنصرية الوحيدة التي ارتكبتها أمريكا. فقد كان السكان الأصليون في هاواي وألاسكا ضحايا أيضا. ومن أجل "أمركة" هؤلاء السكان، قام المستعمرون الأمريكيون بإبادة جماعية ثقافية أو فصل عنصري لتقويض ثقافتهم وتقاليدهم وعاداتهم التي كانت موجودة بالفعل منذ آلاف السنين، وكادوا يمحونهم ثقافيا. قبل وصول المستعمرين، كانت مملكة هاواي دولة ذات سيادة لها نظامها التعليمي الخاص. وفقا لمقال من موقع الرابطة الوطنية للتعليم، بدأت مملكة هاواي في توفير التعليم الإلزامي بلغتها الأم لجميع الشباب في عام 1841، الذي سبق التعليم الإلزامي في الولايات المتحدة بـ77 عاما. وفي عام 1898، بعد أن ضمت الولايات المتحدة مملكة هاواي وأعادت تسميتها باسم إقليم هاواي، حاولت دمج هاواي بطريقة لا رجعة فيها من خلال محو الهوية الثقافية لهاواي، بدءا من تعليم الأطفال. وأصبحت اللغة الإنكليزية هي اللغة الوحيدة المسموح بها في المدارس، وسيعاقب الأطفال بشدة على استخدام اللغة الأم. ونتيجة لذلك، لم يكن أمام شباب السكان الأصليين في هاواي خيار سوى التخلي عن ثقافتهم الخاصة و"أمركتهم". قام المستعمرون في هاواي بأمركة السكان الأصليين من خلال منع وصول الأطفال الأصليين إلى لغتهم وثقافتهم بالقوة وتدمير الاعتراف الذاتي بالأمة. في ألاسكا، اختار المستعمرون تكتيكا مختلفا - الإكراه والفصل العنصري، مما أجبر سكان ألاسكا الأصليين على التخلي عن ثقافتهم وطريقة حياتهم الخاصة من أجل قبولهم من قبل المجتمع الأمريكي. وأصبح الفصل العنصري ضد سكان ألاسكا الأصليين، وهم المقيمون من الدرجة الثانية في نظر المستعمرين الأمريكيين، "ممارسة قياسية في معظم أنحاء ألاسكا حتى منتصف الأربعينيات من القرن العشرين"، كما هو موضح في مقال لتيرينس أم. كول المعنون "جيم كرو في ألاسكا: تمرير قانون ألاسكا للمساواة في الحقوق". وبالرغم من أنهم يعيشون على أراضيهم الخاصة، فإن سكان ألاسكا الأصليين منعوا من التواجد في المتاجر والحانات والمطاعم التي تحمل علامات "لا يسمح بدخول السكان الأصليين"، وكان تواجدهم محصورا في مقاعد "للسكان الأصليين فقط" في دور السينما. وتم قبول أطفال السكان الأصليين في مدارس منفصلة. وكان على الأطفال الذين كانوا مختلطين بين السكان الأصليين والأمريكيين التخلي عن كل ما يتعلق بهويتهم المنتمية للسكان الأصليين، بما في ذلك النظام الغذائي والملابس واللغة والدين، للذهاب إلى نفس المدارس مع الأطفال الأمريكيين. وفي عام 1915، اعترفت الهيئة التشريعية الإقليمية في ألاسكا بحق سكان ألاسكا الأصليين في التصويت، فقط إذا تخلوا عن تقاليدهم وعاداتهم. واشتعل غضب سكان ألاسكا الأصليين أخيرا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث صدموا من التناقضات "بين نضال الأمة من أجل الحرية في الخارج والحرمان من تكافؤ الفرص في الداخل"، مما دفعهم إلى النضال من أجل حقوقهم الخاصة، وفقا لتحليل كول. إن مثل هذه الفظائع في هاواي وألاسكا ليست سوى غيض من فيض من انتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان. ومع ذلك، فإنها قد تسلط الضوء على الكيفية التي استلهم بها ساسة واشنطن عندما لفقوا قصصا عن "الإبادة الجماعية" و"التعقيم الإجباري" في شينجيانغ بالصين: من خلال جرائم أمريكا نفسها.
مشاركة :