أ ف ب - أعلنت الأحزاب السياسية السودانية -التي تم تهميشها بعد انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول الماضي- الثلاثاء، تحفظها على تعهد الجيش بالانسحاب من المفاوضات السياسية الجارية لإتاحة الفرصة للجماعات المدنية لإجراء محادثات لتشكيل حكومة. وحسب بيان لائتلاف قوى الحرية والتغيير المعارض فإن "قرارات قائد السلطة الانقلابية هي مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي.. واجبنا جميعا الآن هو مواصلة التصعيد الجماهيري بكافة طرقه السلمية من اعتصامات ومواكب والإضراب السياسي وصولا للعصيان المدني الذي يجبر السلطة الانقلابية على التنحي". وفيما يواصل مئات السودانيين المناهضين للانقلاب العسكري اعتصاماتهم في الخرطوم وضواحيها لليوم السادس على التوالي مطالبين بحكم مدني، أعلن البرهان الذي نفذ الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2021، مساء الإثنين عن "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات (الحوار الوطني) الجارية حاليا لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية". وقال صديق الصادق المهدي القيادي بالائتلاف المعارض في تصريح صحفي: "قوى الحرية والتغيير لن تكون جزءا من إجراء فيه قسمة للسلطة". من جهته، وصف القيادي بالحرية والتغيير طه عثمان خطاب البرهان بأنه "أكبر خديعة بل هو أسوأ من انقلاب 25 أكتوبر... الأزمة ستنتهي بتنحي سلطة الانقلاب وبأن تشكل قوى الثورة السلطة المدنية". وبحسب بيان مجلس السيادة الحاكم، توجه البرهان صباح الثلاثاء إلى نيروبي "للمشاركة في القمة الطارئة لمنظمة مجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية "إيغاد"، التي تنطلق أعمالها اليوم بمشاركة قادة الدول". كما بدأ الأطباء الثلاثاء إضرابا لثلاثة أيام، حسب ما أعلنت نقابتهم في بيان الإثنين. وبالتزامن مع ذلك، دخل اعتصام يشارك فيه مئات المحتجين الثلاثاء يومه السادس في ثلاث مناطق بالعاصمة للمطالبة بحكم مدني وإنهاء الانقلاب العسكري. وعقب خطاب البرهان، أشعل محتجون الإطارات وأغلقوا الشوارع في منطقة بري شرق العاصمة الخرطوم، في تعبير واضح عن عدم اقتناعهم بوعود البرهان الذي يطالب الشارع بالإطاحة به منذ 30 حزيران/يونيو. الآلية الثلاثية خلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطا لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار. وفي هذا السياق، قال القيادي بالحرية والتغيير عمر الدقير في مؤتمر الثلاثاء "لن ينقطع تواصلنا مع الآلية الثلاثية فهي أطراف دولية وإقليمية جاءت لمساعدة السودانيين". بينما نقل بيان صدر الثلاثاء عن التحالف الذي يضم الموقعين على اتفاق جوبا للسلام بين بعض حركات التمرد المسلح والحكومة، انضمامهم "إلى الحوار الذي تسهله الآلية الثلاثية دون شروط ونطالب بالالتزام باتفاقية جوبا للسلام". وفي خطاب الإثنين، قال البرهان إنه بعد تشكيل حكومة مدنية "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع". "طريقة لإعادة توطين الانقلابيين" كتبت محللة الشأن السوداني خلود خير على حسابها على تويتر تعليقا على خطاب البرهان "إنها خدعة، بهذا القرار يكون البرهان قد أكمل فعليا انقلاب أكتوبر... حلَ جميع الهيئات الانتقالية وهو الآن يضغط على المدنيين الذين هم نعم منقسمون، ولكنه عمل بجد على تقسيمهم". وأضافت "إن تشكيل مجلس القوات المسلحة للأمن والدفاع بصلاحيات غير محددة هو مجرد عطية... يبدو أنها طريقة لإعادة توطين الانقلابيين الرئيسيين في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وطريقة للاحتفاظ بالامتيازات الاقتصادية من قبل هذه المجموعات". ويتظاهر السودانيون كل أسبوع تقريبا ضد الحكم العسكري لكن منذ 30 حزيران/يونيو الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر يواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسط الخرطوم. سقط تسعة قتلى برصاص قوات الأمن في ذلك اليوم، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب، ليكون الأكثر دموية منذ بداية العام. ويحمل تاريخ 30 حزيران/يونيو في السودان بعدا رمزيا لأنه يُصادف ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بمساندة الاسلاميين عام 1989، وكذلك ذكرى التجمّعات الحاشدة عام 2019 التي دفعت الجنرالات إلى إشراك المدنيين في الحكم بعدما أطاح الجيش البشير. لكن انقلاب البرهان أنهى هذه الشراكة. ومنذ الانقلاب، قتل 114 متظاهرا أحدهم قضى السبت بعدما أصيب "في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع في مواكب 16 حزيران/يونيو"، كما ورد في بيان لجنة الأطباء.
مشاركة :