يجذب السمن والإقط في سوق النعيرية الشعبي الزوار من مختلف محافظات المنطقة، ومن أبناء الخليج وغيرهم من السياح الأجانب، لما يشتهر به هذا السوق من بيع للمنتجات الشعبية ذات المذاق الطيب والجودة العالية في صناعتها، بأياد نسائية لكبيرات السن من صاحبات الخبرة الطويلة عبر السنين المتوالية التي قضينها في هذا السوق الذي يعتبر من أشهر الأسواق الشعبية على مستوى المنطقة الشرقية وربما المملكة، وأحد أهم المعالم السياحية بالمحافظة لاحتضانه إرثا تاريخيا يحكي صورا مختلفة عن حياة أهل البادية، وما كان يستخدم من مقتنيات وأدوات ومنتجات لا يستغنى عنها قديما. قامت اليوم بزيارة السوق والالتقاء بإحدى النساء البائعات وتدعى أم مناحي، للتعرف منها بشكل أكبر على السمن والإقط، وكيف تجذب هذه المأكولات الشعبية اهتمامات الزوار وتشدهم إلى الإقبال بكثرة على السوق.. تقول أم مناحي: أحضر في الصباح الباكر للسوق ما بين الساعة الخامسة والسادسة صباحا، وأقضي ساعات النهار كلها في السوق، ولا أعود لأولادي ومنزلي حتى تغرب الشمس، خاصة في هذه الأيام من الموسم التي يكثر فيها الزوار، وذلك طلبا للقمة العيش وسد حاجاتي وأسرتي مما أقوم ببيعه، من السمن والإقط وغيرهما من مستلزمات أهل البادية والمقتنيات الشعبية. وتذكر أم مناحي أنها تبيع هذه المنتجات في السوق منذ 16 سنة، ويتوفر لديها نوعان من السمن أحدهما لونه أخضر والآخر أصفر، ولا فرق في الطعم بينهما سوى اختلاف اللون الذي يتغير بحسب البهارات المضافة، مبينة أن أهل مناطق نجد والقصيم والشرقية وبعضا من أهل الخليج يفضلون السمن الأخضر، في حين يفضل أهل المنطقة الجنوبية السمن الأصفر، ووفقا لأم مناحي، فإن طريقة صناعة السمن البري ومكوناتها تبدأ من شرائها لزبد ألبان الأغنام، ويتم إذابته في المنزل عن طريق وضعه في (قدر) على النار، وإضافة مكوناتها الأساسية (طحين وملح وبصل وبهارات) بمقاسات محددة تتوافق مع كمية الزبد، ثم يترك ليغلي على النار لفترة معينة، ويتم تصفيته ووضعه في (عكة السمن) المصنوعة من جلود الأغنام، وبذلك يكون جاهزا للبيع ويحمل ويؤتى به إلى السوق ويمكن الاحتفاظ به في ثلاجات التبريد. وحول أسعار السمن، تشير أم مناحي إلى أنها تبيع الكيلو الواحد بـ 150 ريالا، ويتم تخفيض السعر إلى 125 ريالا للعملاء الذين يداومون على الشراء منها، وهذه الأسعار للسمن البري بلونيه الأخضر والأصفر. أما الإقط، فتذكر أم مناحي كغيرها الكثير من البائعات في السوق أنها لا تقوم بتصنيعه ويتم شراؤه جاهزا من موردين لهم صلة بأصحاب الأغنام، ويقومون بجلبه من منطقة القصيم لمثل هذه الأسواق الشعبية، لافتة إلى أنها تشتري أكياسا كبيرة من الإقط وتقوم بتفريغها في أكياس صغيرة ومتوسطة. ويتم عرضها بأسعار تبدأ من 25 ريالا إلى 150 ريالا. وحول اختلاف الجودة في الإقط، بالرغم من أنه يأتي من مورد محدد يبيع لأكثر من امرأة في السوق، تقول: إن بعض البائعات حريصات على شراء أفضل الإقط الذي يكون طازجا حتى لو كان سعره مرتفعا من المورد، بينما يختار بعض البائعات الأقل سعرا حتى لا يكون مكلفا عليها في الشراء وتجني خلفه شيئا من الفائدة.. ولمعرفة نوع الإقط الجيد، تبيّن أم مناحي أن الإقط كلما كان لونه يميل إلى البياض فهو نوع جيد، وتتدنى جودته وطعمه كلما انحدر إلى اللون الأصفر ثم الأحمر الفاتح. من ناحية أخرى، يشيد الزائر أبو عبدالله من الدمام بالسمن البري والإقط في سوق النعيرية الشعبي، ويؤكد أنه حريص جدا على شراء هذه المنتجات الشعبية عند زيارته للنعيرية في كل موسم، وذلك لما يتميز به السمن البري والإقط من جودة في الطعم والصنع، لافتا إلى أن بعض الزوار يشترون هذه الأصناف لأنفسهم أو يقدمونها هدايا لأقاربهم، خاصة من كبار السن الذين يجدون في هذه المنتجات سعادة واستمتاعا بالمذاق، مما يعيد إليهم شيئا من ذكريات الماضي والحياة قديما. السمن الأخضر يفضله أهل الشرقية
مشاركة :