خطأ في تقدير الدولار في الوقت الراهن «2 من 2»

  • 7/7/2022
  • 00:02
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يظهر التاريخ أن التدهور الحاد الذي طرأ على أرصدة الحساب الجاري ليس نتيجة مستدامة للدول التي تفتقر إلى المدخرات المحلية. فسيطالب الدائنون الأجانب بتنازلات مقابل تقديم فوائضهم كقروض، عوائد أعلى "أسعار فائدة"، أو تمويلا أرخص "تحويل العملة"، أو كلا الأمرين. إذا غاب أحد الخيارين، تتحمل القناة الأخرى العبء الأكبر من تعديل الحساب الجاري. هنا حيث أنقذ "الاحتياطي الفيدرالي" الدولار. من المؤكد أن الأمر لم يبد على هذا النحو في 2020 وأوائل 2021. خلال تلك الفترة، كان "الاحتياطي الفيدرالي" مخلصا في الحفاظ على موقفه السياسي المتساهل بشكل مفرط، حتى في مواجهة الصدمة التضخمية الناشئة التي أساء تشخيصها في مستهل الأمر على أنها "مؤقتة". عد هذا التصلب سببا وجيها للاعتقاد بأن أسعار الفائدة ستظل منخفضة على نحو غير مريح. نتيجة لهذا، سيتركز تعديل الحساب الجاري الأمريكي بشكل متزايد في الانخفاض الحاد لقيمة الدولار المبالغ في تقديرها. كان توقعي لتصحيح الدولار 35 في المائة نزولا متماشيا مع المتوسط 30 في المائة لثلاثة انخفاضات دورية ضخمة سابقة حدثت في سبعينيات وثمانينيات القرن الـ20 وأوائل العقد الأول من القرن الحالي. عندما حول "الاحتياطي الفيدرالي" تركيزه متأخرا في أواخر 2021، كان من الواجب علي أن أفعل الشيء ذاته مع توقعاتي للدولار. استشعرت الأسواق المالية المتطلعة إلى المستقبل بشكل صحيح أن شيئا ما لا بد أن يحدث وتحركت بشكل جيد تحسبا لتحول تام في سياسة "الاحتياطي الفيدرالي"، حدث ما يقرب من نصف ارتفاع قيمة الدولار 12.3 في المائة منذ كانون الثاني (يناير) 2021 قبل تحول "الاحتياطي الفيدرالي" في كانون الأول (ديسمبر) التالي. وأضافت تهديدات الحرب من قبل بوتين، ثم العملية العسكرية اللاحقة في أوكرانيا إلى مكانة الدولار كملاذ آمن. وانخفضت قيمة اليورو حتى الرنمينبي، بدلا من أن ترتفع، كما توقعت، وانهار الين الياباني، حيث كان بنك اليابان على أتم استعداد لاستيعاب مفاجأة التضخم كترياق ضد "عقد ضائع" ثالث. الواقع أن الدروس المستفادة من هذه الواقعة كثيرة. الدرس الأول، والأكثر وضوحا، لا تقاوم بنك "الاحتياطي الفيدرالي". لقد فعل البنك المركزي الأمريكي الصواب في نهاية المطاف، كما أنه لديه وفرة من مزيد من التصرفات، لكنه يبدو الآن أكثر استعدادا للقيام بذلك. ثانيا، لا تبالي الأسواق المالية على الإطلاق بالنظرية. لا ينظر إلى إحكام السياسة النقدية في الولايات المتحدة باعتباره امتيازا لتمويل الحساب الجاري من جانب الاقتصاد الأمريكي الذي يفتقر إلى المدخرات بقدر ما يعد محاولة يائسة للحاق بمنحنى العائد. ثالثا، في أوقات الحرب يصبح الامتياز الباهظ الذي يتمتع به الدولار باعتباره عملة العالم الاحتياطية أشد وضوحا من أي وقت آخر. وفي ظل حالة الارتباك التي اجتاحت العالم بفضل بوتين، تصبح حجة "عدم وجود بديل" أكثر إغواء من أي وقت مضى. في النهاية، بطبيعة الحال، يتلخص الأمر كله في مقدار ما جرى إسقاطه من الحسبان بالفعل من قبل الأسواق المالية المتطلعة إلى المستقبل. أظن أن قرار "الاحتياطي الفيدرالي" وعامل "عدم وجود بديل" يؤثران الآن بالفعل في سعر الدولار المقدر بأعلى من قيمته الحقيقية. ولا أعتقد أن الشيء ذاته يمكن قوله عن التكهن الرهيب بشأن ميزان المدفوعات في الولايات المتحدة. أعرف ـ هذا ما قلته شخصيا قبل عامين. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :