تنكب آلة الدعاية الروسية على استغلال الانقسامات المحتملة في الرأي العام الأوروبي حيال دعم أوكرانيا لممارسة ضغوط على القادة السياسيين. ورأت دراسة أنه كلما طال أمد الحرب “أصبح مرجحا أن يؤدي ذلك بشكل طبيعي إلى تآكل دعم التحالف الغربي بسبب السأم من الحرب وعدم التحمس لتحمل تبعاتها الاقتصادية على المدى الطويل”. وأضافت “من شبه المؤكد أن العمليات الدعائية الروسية ستحاول جاهدة استغلال هذه الفرصة لحمل الرأي العام على تأييدها”. إطالة الحرب ستؤدي إلى تآكل دعم التحالف الغربي بسبب السأم من الحرب وعدم التحمس لتحمل تبعاتها ويرى العديد من المراقبين أن عامل الوقت في صالح الروس لأنه يساهم خصوصا في تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ في الرابع والعشرين من فبراير الماضي. وشدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل فترة قصيرة على الضرورة الملحة لإنهاء النزاع قبل حلول الشتاء. ورأت الدراسة أن روسيا تشن سلسلة من الحملات للتأثير على الرأي العام الدولي من زوايا مختلفة، مستهدفة خصوصا بعض الدول. وأضافت “بالاستناد إلى رصد شبكات التأثير الروسية ترى (الشركة الأميركية) ريكورديد فيوتشر (مزود للمعلومات الاستخباراتية لأمن الشركات) أن المحاولات المباشرة لتقويض الائتلاف الغربي وزرع الانقسامات فيه من خلال التسبب في انشقاقات أو تأجيجها تستهدف في المقام الأول فرنسا وألمانيا وبولندا وتركيا”. وتشن هذه العمليات عبر سلسلة من الوسائط مثل وسائل الإعلام الروسية العامة على غرار “أر تي” ومواقع يشتبه في أنها واجهة لأجهزة استخبارات مثل “ساوث فرونت”، أو مواقع للتضليل الإعلامي والدعاية مثل قناة “سايبر فرونت زي”، وذلك عبر تلغرام المتخصصة في عمليات التصيّد. وحددت الدراسة -بالاستناد إلى عدة أمثلة- خمسة توجهات رئيسية تحث على زرع الشقاق، هي العمل على زيادة شعور الاستياء من المسؤولين وتلطيخ سمعة اللاجئين الأوكرانيين واستغلال المخاوف الاقتصادية بشأن الطاقة والمواد الغذائية وجعل أوكرانيا مصدرا للنازية والفاشية وتشويه صدقية وسائل الإعلام الغربية. ويبدو أن الإعلام ومنصات النشر ومواقع التواصل هي الميدان الأصلي للحرب فى أوكرانيا، حيث تدور حرب وقودها الصور والفيديوهات الحقيقية والمزيفة ضمن معركة الدعاية، وحتى الصورة الواحدة يتم توظيفها من كل طرف بطريقة مختلفة، إلى درجة أن الخارجية الأوكرانية نشرت صورة لضحايا مدنيين باعتبارهم من ضحايا القصف الروسي، ونفس الصورة ظهرت لدى منصات روسية باعتبارها لضحايا قصفتهم أوكرانيا. روسيا تشن سلسلة من الحملات للتأثير على الرأي العام الدولي من زوايا مختلفة، مستهدفة خصوصا بعض الدول ويقول مراقبون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرف أن الولايات المتحدة كسبت الحرب الباردة بالدعاية، واكتشف حاجته إلى أذرع إعلامية دعائية، أو الثورة الدعائية ما بعد الحرب الباردة، وظهرت شبكة “روسيا اليوم” عام 2005 بكل اللغات الحية وظهر الموقع الإخباري “سبوتنيك” عام 2012، وقد لعب ذلك دورا في تلميع صورة بوتين ويواجه الدعاية المضادة التى أطلقها الإعلام الغربي ضد الرئيس الروسي على مدى عقدين. ونجح بوتين فى تشكيل دعايته، وصمد فى مواجهة آلة إعلامية غربية محترفة تشن عليه هجوما مستمرا، وصار يسخر منها بعد أن أصبحت الأجهزة الأميركية تشكو من الدعاية الروسية واتهمت شبكة “روسيا اليوم” بالتدخل في سياسة الولايات المتحدة والانتخابات الأميركية. وأمام الحرب في أوكرانيا التي يطول أمدها، ومع تنظيم روسيا صفوفها بهذا الشكل، “من الضروري حصول استجابة دولية من كل الأطراف لتحديد محاولات روسيا -المباشرة وغير المباشرة- بفاعلية وعزلها وكشفها ومجابهتها”.
مشاركة :