حظي التحوُّل الرقمي (Digital Transformation) – المصطلح لوصف تطبيق تقنيات ومواهب وإجراءات جديدة بهدف تحسين عمليات سير الأعمال – بأهمية متزايدة، بدليل تسارع تبني الشركات، في الآونة الأخيرة، للتقنيات الرقمية التي تختصر نتائج سنوات في غضون أشهر فقط. وتعتبر الحوسبة السحابية (Cloud Computing) – النموذج المستخدم لتمكين الوصول، عبر الشبكة، إلى المصادر والأنظمة الحاسوبية المتوفرة عند الطلب – هي تكنولوجيا تحتل مركزاً أساسياً في التحول الرقمي لمنح الشركات القوة على الابتكار والاستفادة من الحلول الرقمية المتقدمة تكنولوجياً بتكلفة منخفضة، سهلة الوصول، وبموارد قابلة للتوسع. وتعد السحابة العامة (Public Cloud) – خدمات أمازون ويب (AWS)، وسحابة غوغل (GCP)، و مايكروسوفت أزور (Microsoft Azure) – واحدة من أعظم التطورات التكنولوجية في العصر الحديث. وعلى الرغم من عدم امتلاكها واجهة مستخدم أو تحزيم مستقبلي، لكن يمكننا القول، إنها المنصة الأكثر مساهمةً في النجاح الراهن للأعمال في جميع أنحاء العالم. وبعض الأدلة على ذلك: تستخدم نتفليكس (Netflix) خدمات أمازون ويب لتحليل مليارات البيانات، مما يُمكِّنُها من تحسين تجربة المستخدم، وتقليص التكاليف، وتحسين مرونة التطبيق. وتحول مونزو (Monzo) من مجرد فكرة إلى بنك منظم بالكامل على سحابة أمازون ويب ويتعامل البنك مع أكثر من 4 ملايين عميل خلال عدد قليل من الموظفين، وإضافة الى ذلك استفاد البنك من تقنية التشغيل الآلي المزود من السحابة لإدارة السيرفرات والمساحات التخزينية والبنية الشبكية التحتية. وتستخدم بروكتر وغامبل (Procter & Gamble) سحابة غوغل لتخزين كميات كبيرة من البيانات عند الطلب، وتستهلك أدوات الذكاء الاصطناعي ومكتبات تعلم الآلة التي توفرها السحابة لتحسين تجربة المستخدم لديها. تستخدم «إن بي سي العالمية» (NBC Universal) سحابة أزور (Azure) لتسريع البرامج الهوائية وإنتاج الرسوم المتحركة عن طريق تحسين التعاون عن بعد وانشاء المحتوى. في حين أن استخدام خدمات السحابة ارتفعت على الصعيد العالمي، لكن في الكويت مازال مشوباً بالحذر والبطء، وهو غير مقتصر إلا على الشركات الكويتية المحلية صغيرة ومتوسطة الحجم، التي تستخدم الخدمات السحابية في أعمال مثل تأجير آلات ومساحات تخزينية افتراضية لتحرر نفسها من تكاليف انشائية كبيرة، مثل شراء المعدات باهظة الثمن وتعيين موظفين لإدارتها والمحافظة عليها. هناك بضعة أسباب لانعدام تبني السحابة العامة، لكن أهم سببين هما: 1- الثقافة والوعي، 2- مخاطر الأمن المُتصوَّر ومخاوف الشركات من الحوكمة. الثقافة والوعي إحدى القيم الأساسية للسحابة التي تم تداولها عبر المختصين هي تخفيض المصاريف الرأسمالية إلى المصاريف التشغيلية، لكن لا يتم تداول القيمة الأساسية للسحابة، ألا وهو تأثير السحاب على التحويل الكامل لنموذج تشغيل تكنولوجيا المعلومات والوصول إلى أحدث التقنيات بسهولة، التي تشمل التشغيل الآلي (Automation) وحوسبة الحافة (Edge Computing) والبيانات الضخمة (BigData) والذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) وتعلم الآلة (Machine Learning). الأمن المتصوَّر يظل الأمن، العامل العائق لتبني السحابة، الذي تم تقييمه بالعقبة الأكبر من هيئات تنظيمية مثل سيترا (CITRA) والبنك المركزي (CBK). ومع ذلك، فالسحابة نفسها آمنة بطبيعتها. وعندما يتم استخدامها بشكل صحيح، يمكن القول إنها أكثر أمناً من إدارة البنية التحتية التكنلوجية داخل المنظمة أو الشركة. وعلى عكس الرأي العام، تتمتع الشركات بالسيطرة الكاملة على خدماتها على السحابة. لذلك يجب على المنظمات أن تفهم وتدير الكثير من المخاطر المشتركة في السحابة العامة، وتستفيد من معايير وأطر الأمن السحابي المتوفرة (FedRAMP, CSA CCM, ISO/IEC 27017) لإنشاء بنية الحوكمة الصحيحة. ويمكن للمنظمات أيضاً الاستفادة من الخدمات في السحابة، لمراقبة المخاطر والتحكم آلياً، والابتعاد عن تقييمات المخاطر والتحكم اليدوية والتي تعتبر أقل فعالية وباهظة الثمن ومهدرة للوقت. السحابة العامة هي تقنية يجب أن تمتلكها أي شركة تتطلع للمنافسة في العصر الرقمي. ولا ينبغي للمخاوف الأمنية وانعدام الموارد داخل المنظمة أن تثني الهيئات والشركات عن الأخذ بعين الاعتبار حل السحابة العامة، بل بالأحرى يساعدهم على بناء حالة عمل لهم. وعندما تعرف الشركات كيفية تسخير القوة الحقيقية للسحابة العامة، حينها يمكنها الاستفادة من ميزة كبيرة تميزها عن الشركات الأخرى المتمسكة ببيئة سحابية خاصة أو غير موجودة، ومع الخبرة الخارجية الصحيحة، وتوخي العناية اللازمة الصحيحة، فإنه يمكن للأعمال القيام باستثمارات أذكى وأكثر نجاحاً في السحابة العامة تدرعليها أرباحاً لسنوات قادمة. * مدير في ممارسة تقنية المعلومات بـ «إرنست آند يونغ»
مشاركة :