أجمع خبراء اقتصاديون على أن التنبؤ الفعال بالطلب يجنب الشركات المختلفة الاضطرابات المستقبلية في سلاسل التوريد لاسيما بعد أن تسببت تداعيات الجائحة في اضطرابات واسعة في سلاسل التوريد ما أثر على الشركات الصناعية في العديد من الدول. وأكدوا ضرورة أن تتسم سلسلة التوريد في الشركات بالمرونة وسرعة الاستجابة مع اتخاذ القرارات بسرعة بمجرد (إن لم يكن قبل) حدوث اضرابات التعطيل، حيث يعمل التنبؤ الفعال بالطلب باستخدام البيانات الموجودة لمحاكاة اتجاهات المنتج وأنماط الشراء للتنبؤ بالطلب، مشيرين إلى أن التخطيط المسبق والتعامل مع موردين بديلين، وتحديد طرق شحن جديدة، إضافة إلى زيادة القدرة الإنتاجية التي يمكن الاستفادة منها من مكان آخر، تعد أهم البدائل لتجنب الأزمات المستقبلية. وحسب مؤشر جوليوس باير لنمط الحياة، فقد تسببت تداعيات الجائحة، التي لازالت مستمرة، إلى جانب الظروف الاقتصادية المعقدة واضطرابات سلاسل التوريد، في ارتفاع أسعار 75% من السلع و63% من الخدمات في مؤشر جوليوس باير لنمط الحياة. وأكد أن المتوسط المرجح للأسعار ارتفع بنسبة 7.46% خلال العام الماضي، مقارنة بزيادة قدرها 1.05% فقط في الإصدار السابق من التقرير، مشيراً إلى أن سلاسل التوريد، التي اضطربت إثر تداعيات الجائحة، تعرضت لمزيد من الضغط بسبب الحرب على أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ونقص في الصناعات الاستهلاكية الرئيسة. التنبؤ الفعال بداية يرى كارل كراوثر، مدير منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في شركة «ألتيريكس» العالمية لأتمتة عمليات تحليل البيانات، أن التنبؤ الفعال بالطلب يقدم للشركات مساراً واضحاً لتعزيز مرونتها قبل حدوث اضطراب مستقبلي لا مفر منه في سلاسل التوريد، مرجعاً ذلك إلى مواجهه عمليات التصنيع ككل تحديات مستمرة عبر العالم بعد جائحة «كوفيد-19». ونصح كراوثر، الشركات بأن تكون سلاسل التوريد سريعة الحركة، مع اتخاذ القرارات بسرعة بمجرد (إن لم يكن قبل) حدوث اضرابات التعطيل، حيث يعمل التنبؤ الفعال بالطلب باستخدام البيانات الموجودة لمحاكاة اتجاهات المنتج وأنماط الشراء للتنبؤ بالطلب. وقال لـ «الاتحاد» إنه يمكّن تحليل جميع البيانات المتاحة ونمذجة السيناريوهات المستقبلية وأتمتة هذا التنبؤ المدفوع بالرؤى لتسليط الضوء بسرعة على المعلومات التي تشير إلى التعطيل، والعمل جنباً إلى جنب بناءً على هذه المعلومات مع موردين بديلين، أو تحديد طرق شحن جديدة، أو زيادة القدرة الإنتاجية التي يمكن الاستفادة منها من مكان آخر. وأوضح أنه للاستفادة من التنبؤ الفعال بالطلب، يجب على الشركات تبني التحليلات، واستيعاب البيانات من المصادر الخارجية والداخلية، وتطوير الشفافية عبر سلسلة التوريد الخاصة بها، وعندها، ستتمكّن الشركات من وضع نموذج أكثر دقة للطلب على المدى القصير والفوري عندما يرتفع الطلب أو ينخفض بسبب حدوث أي اضطراب، مشيراً إلى أن الشركات تحتاج أيضاً إلى تحليل قائم على البيانات لاستنباط رؤى قيّمة وتحديد السلع أو طرق الشحن أو الموردين الذين يواجهون تقلبات أكثر من غيرهم، وعندما تتمكن الشركات من توقع الخلل في سلسلة التوريد، ستصبح قادرة على الاستعداد في حال حدوث اضطراب رئيسي في السوق الرئيسي مرة أخرى. كارل كراوثر كارل كراوثر تقلبات الطلب وذكر كراوثر، أن الجائحة، والأحداث المرتبطة بها، تسببت بشكل ملحوظ في نمو التقلب في الطلب في الأشهر الأخيرة على مستوى قطاع البيع بالتجزئة، والذي تسبب بتقلبات تدريجية أكبر في الطلب على مستويات البيع بالجملة والتوزيع والشركات المصنّعة ومورّدي المواد الخام، ليصل التأثير الناجم عنها وتغيير المهل الزمنية إلى أعلى سلسلة التوريد، منوهاً بان ذلك أثر على الشركات المصنعة بشكل مباشر، و استمرت هذه التحديات حتى عام 2022، رغم نجاح إطلاق لقاحات كوفيد-19 ورفع القيود، والتي ساهمت في تحقيق التعافي الاقتصادي، ولافتاً في الوقت ذاته إلى وجود منافسة كبيرة الآن ليس فقط للحصول على المواد الخام اللازمة لصنع المنتجات، ولكن أيضاً حول طرق توزيع المخزون بعد تصنيعه. وأشار كراوثر، إلى أن بناء المرونة في سلاسل التوريد يُعد أمراً ضرورياً للغاية، ولكنه سيظل تحدّياً قائماً حتى بعد مرور سنوات من التحسين الذي قضى على قدرة المخازن المؤقتة لامتصاص الاضطرابات ومرونتها لتقليل التكاليف. وأكد أن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد طرق أفضل لتتبع التحولات في العرض والطلب، بالإضافة إلى التخطيط لاستجابات أكثر فعالية عند حدوث الاضطرابات. وبين أنه في حين أنه من الصعب التنبؤ بحدوث جائحة أو نقص في العمالة، فإن الفشل في الاستعداد والتخطيط بشكل صحيح لمثل هذه الأحداث هو مؤشر على نقص المرونة في سلسلة التوريد باعتبارها لم تعد مناسبة للغرض في عالم من الاضطرابات المستمرة، داعياً الشركات والمؤسسات إلى عدم انتظار حدوث المشكلات قبل التصرف، إذ يجب عليها التخطيط مسبقاً لمواجهة مخاطر تعطيل عملياتها، وللقيام بذلك، يعد استخدام البيانات الحالية واكتشاف معلومات إضافية لبناء الشفافية عبر سلسلة التوريد الخاصة بالشركة أمراً بالغ الأهمية، لأنه سيساعد الشركة على فهم مكانتها ونقاط ضعفها وخسائرها المحتملة، مما سيوجه استراتيجيات المرونة لدى الشركة ويزودها بالركائز الأساسية للرؤى الحاسمة. اقتصاد ما بعد الجائحة ووفقاً لـ كارل كراوثر، مدير منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في شركة «ألتيريكس» فإن بيانات الجودة تُعدّ جزءاً لا يتجزأ من عملية تخفيف المخاطر ولذا يجب على الشركات التي تتطلع إلى النمو والتعافي في اقتصاد ما بعد الجائحة أن تفكر في كيفية الاستفادة من تحليلات البيانات لاستنباط رؤى قوية في الوقت الفعلي تساعدها في تحسين عملياتها اليومية والتخطيط للاضطرابات المعروفة والاستجابة لحالات الطوارئ، مبيناً أن البيانات تُعتبر أساسية للتنبؤ بكيفية تحول طلب العملاء أثناء حدوث أي اضطراب. وخلال حديثة شدد كراوثر، على أنه من خلال الاستفادة من البيانات الخارجية، مثل توقعات الطقس العالمية، ومعلومات حركة المرور، والعطلات العامة أو الثقافية، وأي إضرابات محتملة، بالإضافة إلى البيانات الداخلية، يمكن للشركات فهم سلاسل التوريد الخاصة بها بشكل أفضل، وكذلك العوامل التي تؤثر على وقت التسليم. وتابع: كما أن تطبيق التحليلات على هذه البيانات سيمكّن الشركات من مراقبة جميع جوانب منتجاتها وعملائها وقنواتها لفهم كيفية التنبؤ بالطلبات بصورة قوية وفاعلة وبشكل أفضل خلال أي اضطراب محتمل وما يترتّب عليه من زيادة الطلب بعد النقص، ثم تعديل العرض لتلبية تلك الاحتياجات، مؤكداً أن القيام بذلك سيساعد على إنشاء سلسلة توريد قوية تتمحور حول العميل خاصة وأنه وفقاً لآخر أبحاث أكسينتشور (Accenture)، بإمكان 13% من الشركات تحقيق نمو أكثر بنسبة 13% مقارنة بالشركات المنافسة وذلك عبر تبني ممارسات سلسلة توريد تركز على العملاء. وأشار كراوثر، إلى أنه يمكّن التنبؤ الفعال بطلبات الشركة من محاكاة سيناريوهات مختلفة بناءً على مجموعة من المتغيرات، مثل أماكن نقاط الضعف والاختناقات والمخاطر في سلسلة التوريد، منبهاً بأنه يمكن للشركات، باستخدام التنبؤ الفعال بالطلب لإعداد تدابير طوارئ لاضطرابات الصدمات، أن تبدأ في التخفيف مباشرة من تأثير الاضرابات وبناء سلاسل توريد أكثر مرونة. عبدالوهاب السعدون عبدالوهاب السعدون الاستعداد للمستقبل ومن جهته قال الدكتور عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات «جيبكا» إن سلاسل إمداد المواد الكيماوية تعمل في بيئة معقدة بشكل متزايد، خاصة مع وجود تأثيرات عالمية خارجة عن سيطرة الصناعة بما فيها التوترات الجيوسياسية وتأثيرات جائحة كوفيد-19 التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، إلى جانب زيادة الحمائية التجارية من قبل عدد من دول العالم، الأمر الذي يجعل قادة سلاسل الإمداد يواجهون صعوبة كبيرة في التخطيط والاستعداد لمستقبل قد يكون مختلف بشكل جذري عن الواقع الحالي ومن الصعب جداً التنبؤ به، مؤكداً أنه لذلك سيكون تبني مبدأ المرونة وسرعة الاستجابة في سلاسل الإمداد من أبرز العوامل الرئيسية التي ستساعد في تجنب الشركات المخاطر المستقبلية. وأشار السعدون، إلى أهمية اعتماد الرقمنة وفهم الاستدامة والتأثيرات البيئية والاجتماعية والحوكمة من أجل استمرار الشركات في أداء عملها بالرغم من أن القطاع بات على مقربة من تحقيق هذه الأهداف ويقوم باتخاذ الخطوات الكفيلة بتحويل وتطوير سلاسل الإمداد الكيماوية إلا أنها باتت اليوم أكثر عرضة للاضطرابات المختلفة، منوهاً بأن البقاء في المنافسة يستوجب على قادة الشركات الصناعية الاستفادة من الفرص المستقبلية في اعتماد المرونة في الأداء وسرعة التكيف والتعاون مع العملاء والشركاء إلى جانب تقليل تأثيرهم على البيئة من خلال الاستثمار بالتكنولوجيا ذات الشأن. منذر طعمة منذر طعمة الذكاء الاصطناعي يعزز كفاءة سلاسل التوريد وبدورة أفاد منذر طعمة، المدير الأول للمبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى شركة «إنفور»، بضرورة تسخير الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز كفاءة سلاسل التوريد. وذكر أن اختيار الموردين بشكل سليم يعتبر من أهم ركائز نجاح عمل أي شركة، لا سيما في مجال التوزيع، حيث يؤدي وقوع خلل في عملية الاختيار إلى تدني أداء الموردين وتعطيل إمداد المنتجات وضعف كفاءة عمل الشركات، لافتاً إلى أنه لهذا الغرض، تعمل نماذج التعلم الآلي المعزز بالذكاء الاصطناعي على فرز الموردين بالاستناد إلى ثلاثة معايير هي السرعة والجودة والجاهزية، وذلك حتى تستطيع الشركات اختيار الأفضل من بين الموردين وضمان توافر المنتجات والخدمات بشكل دائم وتلافي مشاكل التوريد استباقياً.
مشاركة :