إيمان محمد e_ivi9@ مع بداية الإجازة الصيفية لعدد كبير من الطلاب/ات والموظفين/ات، جزء كبير منهم يقف عند مفترق التساؤل والحيرة المتكرر (ماذا نفعل في الإجازة) ؟! يشير البعض منهم لفكرة ممارسة مشروع تجاري من باب تحسين الدخل، ومواجهة موجة الغلاء العالمية، فكرة يرد عليها آخرون بصعوبة الإجراءات والاشتراطات وأولوية التراخيص أو تخصيصها بالمعنى الأصح. (إذًا ماذا نفعل في الإجازة) ؟ هكذا قالت إحدى الحائرات، لتبدأ بعدها مرحلة العصف الذهني، ما بين جذب وزج، هل نتوجه لسوق الأسهم أم نتحول لأسر منتجة ؟! كيف نستثمر وقتنا ؟! حتى اختلطت الأمور الاقتصادية بما يحتم عليها من ادخار واستثمار، مع الأمور المهنية وما تفرضه من تطوير وبناء، مع الأمور الذاتية وما تتطلبه من مكتسبات متعددة ومختلفة باختلاف البشر، فالبعض ربما فضل أن يكون بهذه المعادلة كائنا مستهلكا لكل ما هو جديد، أو يكون امتدادًا لكائنات مستهلكة من باب التقليد، فتنمو ذواتهم على هذا النحو (التحول نحو الاستهلاك فقط). وفي محاولة تداول الحلول حتى لو نشأت شمعة وسط أصوات الأغلبية، إلا أنها لا تعتبر منجية كتلك التي تولدها ذبذبات البورصة، نهائيًا لا من قريب ولا من بعيد، هي شمعة لها في الغالب فتيل اهترأ من كثرة الاحتراق، ويفضل تجنبه على أن يستضاء به، وهم في هذا لا يلامون؛ لأن الحالة الاقتصادية والمادية المتطرفة لدى رواد المجتمع من مشاهير التواصل الاجتماعي زرعت بداخل متابعيهم قيما نتج عنها سلوك مستنسخ ومكرر لديهم، ما هو هذا السلوك ؟ هو الاستهلاك فقط، فلو كان المقترح هو التثقيف المعرفي أو البناء الذاتي سنجد أن غالب الأصوات تستهدف هذه الشمعة بحماسة أنفاسهم نحو الاستهلاك فقط، فتطفئها، ولا لوم عليهم فالتعليم هو الآخر لم ينشئ خطًا موازيًا بأنشطته، يحرص على بناء شغف أو تنمية هوايات أو استحداث هيئة للأمر بالثقافة كامتداد لأعظم التقاء رباني ببشري وفعل الأمر (اقرأ). بل كان تنظيمه يفتقد لتنشئة أجيال تجيد استغلال وقت فراغها، وعالج الموضوع كدرس تلقيني توجيهي عن (طريقة استغلال وقت الفراغ) وليس كمنهج تطبيقي، خاصة في المراحل الأولية من التعليم، إضافة إلى تحميل التعليم (وحده) مسؤولية توعية الأسرة بأهمية الهواية وزرع الشغف والدافعية نحو بناء الذات. لا أنفي بذلك عدم وجود شغف وهوايات لدى البعض، ولكن على الأغلب أن ذلك إما أن يعود لدور الأسرة، أو لقلة من المدارس المميزة (والخاصة، بالوقت ذاته، والتي حرصت على تعليم طلابها تعليما نوعيًا لا كميًا، كما هو شائع في أغلب المدارس، أو هو نتيجة لاجتهاد شخصي مستقل. رغم أن الحلول كثيرة ومتنوعة، وليس على التعليم بمفرده أن يتحمل فاتورة هذا الإصلاح، ولكن ربما لو تنافست المناطق لإيجاد مجتمع قارئ، أو الاهتمام بإيظهار فنان أو رسام أو كاتب أو مزارع، لكان لذلك أثرًا وبصمة إيجابية، كتلك التجربة للأمير خالد الفيصل حينما كان أميرًا لمنطقة عسير، حينما استحدث قرية (المفتاحة التشكيلية) ومشروعها لتبني واكتشاف مواهب المجتمع، وإيجاد حراك ثقافي فني استقطب فضول أبناء المناطق الأخرى. أو لربما كان لإسهام دور الطباعة والنشر والمكتبات أثر في خلق حراك للشلل الإرادي عند بعض أفراد المجتمع، وكدور مساند في علاج ظاهرة الاستهلاك السيئ لوقت الفراغ.
مشاركة :