أكد ناندالال ويراسينج، محافظ البنك المركزي السريلانكي أمس، أن غياب الاستقرار منذ فترة طويلة في البلاد يمكن أن يرجئ المحادثات بشأن حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي. ويواصل المتظاهرون في سريلانكا اعتصاماتهم أمام مكتب الرئيس جوتابايا راجابكسا منذ أكثر من ثلاثة أشهر للمطالبة باستقالته على خلفية الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، التي تعيشها البلاد. وبحسب "الفرنسية"، يتهم راجابكسا بسوء إدارة الاقتصاد إلى حد أن العملات الأجنبية نفدت من البلاد لتمويل حتى الواردات الأساسية، وهو أمر ترك السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة في وضع صعب للغاية. وتولى رانيل ويكرمسينج، وهو نائب معارض، رئاسة الوزراء في أيار (مايو) في محاولة لإخراج البلاد من أزمتها، لتكون هذه سادس مرة يعين فيها في المنصب. وتخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الأجنبية البالغ قدرها 51 مليار دولار في نيسان (أبريل). واستهلكت سريلانكا تقريبا إمداداتها الشحيحة أساسا من البترول، وأمرت الحكومة بإغلاق المكاتب والمدارس غير الأساسية للتخفيف من حركة السير وتوفير الوقود. وقال مكتب رئيس وزراء سريلانكا أمس إن الرئيس والحكومة سيستقيلان لإفساح المجال أمام تشكيل حكومة وحدة، وذلك بعد أن اقتحم عشرات الآلاف من المتظاهرين المقرين الرسميين للرئيس ورئيس الوزراء احتجاجا على أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها الجزيرة منذ عقود. ونقل رئيس سريلانكا جوا إلى قاعدة عسكرية قريبة من المطار الدولي الرئيس أمس، على ما أعلن مسؤولون، ما يثير التكهنات عن احتمال توجهه إلى منفى في الخارج. وكان الرئيس جوتابايا راجابكسا قد فر من القصر الرئاسي في كولومبو بمواكبة أمنية من سلاح البحرية السبت، قبل وقت قصير على قيام آلاف المحتجين باقتحام المجمع الرئاسي. بعد ساعات أعلن رئيس البرلمان أن راجابكسا سيستقيل الأربعاء لإفساح المجال أمام "انتقال سلمي للسلطة". وكان الرئيس البالغ 73 عاما قد لجأ إلى منشأة تابعة للبحرية، حسبما أعلن مسؤول كبير في الدفاع لـ"الفرنسية"، قبل أن ينقل إلى قاعدة كاتوناياكي، التي تتقاسم سياجا مشتركا مع مطار بندرنايكي الدولي. وقال المسؤول إن راجابكسا "أعيد مع حاشيته جوا إلى كولومبو على متن مروحيتين طراز بيل-412". ولم يصدر بيان رسمي عن مكتب الرئيس بشأن مكان وجوده. وكان مكتب رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينج قد ذكر أن راجابكسا أبلغه رسميا بنيته الاستقالة من دون تحديد موعد لذلك. في وقت سابق من أمس، سلم متظاهرون محكمة سريلانكية ملايين الروبيات، التي تركها راجابكسا عندما فر من مقر إقامته الرسمي، وفق ما أعلنت الشرطة. وذكرت مصادر رسمية أنه تم العثور على حقيبة مليئة بالوثائق في المنزل الفخم. وانتقل راجابكسا للسكن في المبنى الذي شيد قبل 200 عام بعدما أجبر على الفرار من منزله الخاص في 31 آذار (مارس) جراء محاولة متظاهرين اقتحامه. وفي حال استقالة راجابكسا، سيتولى ويكرمسينج منصب الرئيس بالوكالة تلقائيا، إلى حين انتخاب البرلمان نائبا يكمل الولاية التي تنتهي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024. لكن ويكرمسينج أعلن بنفسه رغبته في التنحي إذا تم التوافق على تشكيل حكومة وحدة. ويمكن لعملية تسمية خليفة له أن تستمر لفترة تراوح بين ثلاثة أيام "وهو أقل مدة ممكنة لالتئام البرلمان" و30 يوما كحد أقصى يسمح بها بموجب النظام الأساسي. وأجرى حزب المعارضة الرئيس "سماجي جانا بالاويجايا" SJB محادثات مع مجموعات سياسية أصغر أمس لضمان الدعم لزعيمه ساجيت بريماداسا. وقال مسؤول في الحزب إنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع منشقين من حزب راجابكسا SLPP لدعم بريماداسا 55 عاما، الذي خسر في الانتخابات الرئاسية 2019. وبريماداسا هو نجل الرئيس السابق راناسينج بريماداسا، الذي اغتيل في تفجير انتحاري لمتمردي التاميل في أيار (مايو) 1993. ومن بين المرشحين أيضا لتولي رئاسة الوزراء دولاس ألاهابيروما "63 عاما" وزير الإعلام السابق، الذي كان مواليا لراجابكسا، وفق ما أفاد نائب في حزب SJB يشارك في المحادثات. واستقال خمسة وزراء نهاية الأسبوع، بينما أفاد مكتب ويكرمسينج بأن الحكومة اتفقت أمس على تقديم استقالة جماعية فور التوصل إلى اتفاق على "حكومة من كل الأحزاب". والإثنين، اصطفت أعداد كبيرة من الناس أمام القصر الرئاسي سعيا لدخوله، وتجاوز طول صفوف الانتظار، الطوابير الممتدة أمام محطات الوقود في المدينة. وأكد المتظاهرون أنهم لن يغادروا إلا عندما يستقيل راجابكسا رسميا. وقال المتظاهر ديلا بيريس "المطلب واضح للغاية، ما زال الناس يطالبون باستقالة راجابكسا بشكل كامل ومؤكد خطيا". وتابع "لذا نأمل بأن نحصل على هذه الاستقالة من الحكومة بما في ذلك رئيس الوزراء والرئيس في الأيام المقبلة". وسيطر المتظاهرون على مكتب راجابكسا بعد وقت قصير من اقتحامهم القصر السبت وتعهدوا عدم المغادرة إلى حين استقالته رسميا. وأضرمت النيران في منزل رئيس الوزراء الخاص في كولومبو ليل السبت. إلى ذلك صرح عضو بارز في الحكومة السريلانكية بأن البرلمان قرر إجراء تصويت في 20 تموز (يوليو) الجاري لاختيار أحد أعضائه رئيسا للبلاد، بدلا من الرئيس الحالي جوتابايا راجاباكسا، الذي تعهد بالاستقالة. إلى ذلك، قال متحدث باسم شركة فلاي دبي الإماراتية أمس إن الشركة أوقفت عملياتها إلى كولومبو في سريلانكا حتى إشعار آخر. وأضاف المتحدث في رسالة إلى "رويترز" عبر البريد الإلكتروني "سنواصل مراقبة الوضع عن كثب على الأرض في سريلانكا. وسيتم الاتصال بالركاب الذين حجزوا للسفر على هذه الرحلات وعرض استرداد أموالهم". ولم تتخذ شركة الاتحاد للطيران ومقرها أبوظبي الخطوة نفسها، لكنها قالت إن بعض رحلاتها من كولومبو ستتوقف في مطار كوتشين الدولي في الهند للتزود بالوقود قبل مواصلة الطيران إلى أبوظبي بدءا من 14 تموز (يوليو). وقال متحدث باسم الشركة "الاتحاد تواصل مراقبة الوضع عن كثب في سريلانكا".
مشاركة :