يجمع الحداد في غزة فاخر حمد الخردة المعدنية من مواقع البناء، بما في ذلك المنازل التي دمرتها الضربات العسكرية الإسرائيلية، ويُعيد تدويرها ليصنع منها قطع أثاث وأشكالا ونماذج على شكل مركبات وحيوانات وغيرها من التحف. يعمل حمد بمهنة الحدادة منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، ويصنع جميع الأشغال المعدنية في ورشته بالقطاع، لكنه من بين قلة قليلة تستخدم الخردة لصنع أشياء يمكن إعادة استخدامها بالمنازل كديكورات. ويصنع حمد (35 عاما)، وهو أب لخمسة أبناء، منمنمات في شكل عقارب أو على هيئة دراجات نارية أو أشجار أو حيوانات أو زينات للمنازل من المعادن القديمة التي يجمعها بنفسه أو يشتريها من الناس. ويقول شقيقه الأصغر، ويدعى خميس، إن حمد يشتري المعادن من المنازل المهدمة بأقل الأسعار، ويستخدم قضبان الحديد وما شابهها لصنع قطع فنية ثم يعيدها لنفس الأشخاص بأسعار أقل. ويرفض حمد بيع النسخ الأولى من أعماله الفنية لأنه يحتفظ بها لنفسه مبينا أنه لا يستطيع بيعها أو فقدانها، لكنه على استعداد لصنع نسخ مشابهة للعملاء. وعرض عليه أحد العملاء 1000 شيقل (285.7 دولار) مقابل نسخته الأولى من دراجة نارية، لكنه رفض العرض. وقال حمد إن ورشته القديمة دُمرت عندما قصفت طائرة إسرائيلية مركزا أمنيا قريبا، لكنه استخدم المساعدة القليلة التي تحصل عليها لفتح مركز آخر وعمل جاهدا على ما خسره. Thumbnail وقال إنه بعد أن فقد سمعه في حادث عندما كان طفلا صغيرا، صار يجد صعوبة في التحدث ويضطر بعض رفاقه أحيانا إلى شرح كلماته للعملاء، لكن ذلك لا يؤثر على عمله، بل دفعه أكثر الى اكتشاف موهبته في صنع الأعمال الفنية. وأضاف أنه تعلم صناعة هذه الأعمال الفنية بنفسه ولم يعلمه أحد في بداياته بل كان دائما يمني النفس بل يحاول أن يتخذ من الحدادة فنا يجعله يستثمر الخردة حتى لا تذهب سموما في باطن الأرض تخلف أضرارا. كان دائما يؤمن بأنه من الممكن أن لا نرمي شيئا وبقليل من الأفكار والخيال نصنع أشياء مفيدة سواء من بقايا الحديد أو الخشب أو حتى البلاستيك. وقال محمد الربايعة (26عاما) وهو عامل في الورشة “طريقة تعامل فاخر مع الناس سلسة تجعله محبوبا فرغم أنه فقد سمعه من صغره لكن صارت له قدرة على التواصل مع الناس خاصة أولئك الذين يعرفونه ويساعدونه في فهم مقاصدهم، لكن مع ذلك تظل هناك بعض المصاعب وبعض الكلمات التي يصعب فهمها من قبله”. وقال إن “فاخر يمتلك موهبة في بناء التفاصيل الدقيقة لطائر أو لأي شيء يصنعه حتى يظهر ذلك العمل مكتمل الخصائص الفنية”. وأضاف: “قطاع غزة يحتوي على أشخاص موهوبين في جميع المجالات، وعندهم الفطرة والموهبة لذلك أتمنى أن تصل إبداعات هؤلاء الموهوبين إلى الخارج ليعرفها العرب والأجانب”. وبيّن أن من هؤلاء العاملين في الحدادة من صنع من الخردة أشياء طريفة مثل محمد الرضيع البالغ من العمر 26 سنة والذي صنع دراجة مائية. هذه الدرّاجة المكوّنة من أنابيب مياه مُستخدمة وقطع حديدية من “الخردة” (نفايات الحديد والبلاستيك)، وبرميلي مياه بلاستيكييْن، استغرق تصنيعها أكثر من أسبوع، بتكلفة لا تزيد عن 100 دولار أميركي. وذكر الربايعة أن آخرين من حدادي القطاع يبدعون في هذا المجال كجهاد أحمد الذي بدأ بصناعة القوارب الصغيرة ثم تطورت موهبته وحرفيته ليصنع كل ما يخطر في باله وصار يملك أكثر من 500 تحفة فنية من قيثارات ومزهريات وغيرها من أدوات الزينة التي حولت منزله إلى متحف من هياكل السيارات وأسلاك الحديد والمسامير. ويختتم الربايعة حديثه بأنه يتدرب على صنع هذه الأشكال وذلك من خلال مساعدة فاخر في الورشة متابعا التفاصيل الدقيقة والتعليمات من معلمه الذي يساعده على دخول هذا المجال متمنيا أن يصير بارعا كبقية من اشتهروا في القطاع.
مشاركة :