يضيء معرض التصميم الداخلي الذي تستضيفه غاليري «نبض» في عمّان ضمن سلسلة معارضها السنوية «روّاد»، ونهض به ستة فنانين من تخصصات متنوّعة، على أهمية حضور الخيال أثناء عملية التصميم، والاستفادة من أدوات ملقاة على جوانب الطرق، أو توظيف كتل أو أجزاء من «خردة السيارات» في تعزيز جماليات الأثاث والديكور المنزلي. ذروة عبدالحق أحد المشاركين في المعرض، وهو مهندس ومصمم تصنيعي، يحمل شهادة بكالوريوس من جامعة كوفنتري في بريطانيا منذ العام 2008، وتأتي مشغولاته الفنية ضمن مشروع وسمه بـ «تي بوتل»، يتضمن جمع الزجاجات الفارغة من المتاجر بدل إلقائها في القمامة، ثمّ تزيينها بمشاهد طبيعية وصور فوتوغرافية ورسوم تقليدية، تُشكل رؤى جمالية متعدّدة الدلالات عند وضعها ضمن مقتنيات المنزل، على غرار النقوش التي تعزز جماليات اللغة العربية، إذ نقرأ على واحدة من تلك الزجاجات شعراً لمحمود درويش: سلاماً لأرض خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً. وقدمت المهندسة المعمارية هبة شهزادة، التي تحمل شهادات في الرسم المعماري من الجامعة الأردنية وجامعة هارفرد، مشغولاتها بعنوان «انطباع»، وتضمنت تشكيلات بصرية تجعل الناظر يتمعّن في تفاصيلها الجزيئية التي نفذتها من مادة النحاس أسلاكاً ممتدة وكتلاً مختلفة ضمن إطار مستطيل (1.5 متر - 70 سم). وينشغل عقل المشاهد وإحساسه في لعبة بصرية يتماهى فيها مع وحدات جمالية جذابة، فيما يتابع هذه الامتدادات المتنوعة طولاً وعرضاً وعمقاً. أما أونور لمبز، الحائزة بكالوريوس من كلية الهندسة والتكنولوجيا في الجامعة الأردنية، فتحوّل علاّقة الثياب المعدنية إلى ثريّا مزيّنة أو قاطع بين الغرف أو الرفوف. وكانت لمبز أطلقت مبادرة «هنغت» التي تتضمن استخدام العلاّقات المعدنية للثياب في إنتاج أشكال فنية. أما الفنان عبدالرحمن عصفور، الحائز شهادة التصميم والاتصال المرئي من الجامعة الأردنية - الألمانية، فيبرع في إعادة تدوير قطع سيارات ودراجات لتخرج على شكل أثاث منزلي جميل وغير تقليدي، ضمت مفهوم فن «أوتو آرت». وقد دفعه شغفه وعمله الدائم والمرتبط بسيارته القديمة ومحركاتها، إلى تبنّي فكرة المزج بين هذا الشغف وبين ما تعلّمه في الجامعة. فنرى محرك سيارة تحول إلى طاولة جانبية، وعادم سيارة إلى مصباح لطاولة، و «عتلة غيار» سيارة إلى ساعة حائط، وعادم دراجة نارية إلى مصباح أرضي. مصمّم الأثاث سليمان عناب الذي يعتمد على خبرة كبيرة تغطي مجالات التصميم المعماري والداخلي وتصميم الأثاث والعلامات التجارية، يعرض أثاثاً مشغولاً من النحاس والرخام المصنع، بأسلوب «آرت ديكور»، يضفي حضوراً فنياً على الفضاءات المنزلية الداخلية، بخاصة عبر إظهار اللمعة الدافئة الكامنة في معدن النحاس، وهذا ما تمظهر في مقعدين من واجهة نحاسية وخشب، وطاولة سطحها من الرخام مع وجه نحاسي. أما السوري بطرس المعري، الحائز شهادة في الغرافيك من جامعة دمشق في العام 1991، والدكتوراه في علم الإنسان الاجتماعي من كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس في العام 2006، فعرض وسائد مطبوعة على الحرير برسوم دراويش لهم أجنحة ملائكية. وقد بان في هذه الرسوم تأثره بدراسته الأكاديمية لفنون «التصاوير الشعبية»، إلا أنه حاول إضفاء لمسة أخرى لهذه الرسوم، عبر لجوئه إلى تقنية مزج الكوميكس مع الكاريكاتور، والكولاج لتحقيق هذه اللمسة. «الحياة» تحدثت مع الناقد التشكيلي الأردني رسمي الجراح، حول مدى ارتباط هذه الكتل والأشكال الجمالية التي يتضمنها المعرض، ومدى ملاءمتها للتصاميم المنزلية الداخلية، فقال: «المشاركون في المعرض من المعماريين والمصممين الأكاديميين الذين يدركون تماماً فكرة الإنشاء التصميمي للمجسم أولاً، وثانياً الغرض الذي سيؤديه والفضاء الذي سيحتله ذلك المنجز سواء داخل البيوت أو خارجها. ولفت إلى أن المشاركين من جيل الشباب أنجزوا ابتكارات غير تقليدية، ومنهم من لجأ إلى تقنية إعادة التدوير والاستفادة من اللقى والحطام، وهو تحدٍّ فني، في حين ظهر البعد الحداثيّ إلى جانب التضمينات اللونية الجريئة والخاماتية المتعددة، ما جعلها أقرب إلى المنجز الإبداعي وليس إلى قطع الأثاث. وأضاف أن «المعرض يحرك قطاع التصميم الراكد في الأردن، وبات كثر من الفنانين والمصممين ينجزون تصاميم بانتظار فرصة العرض أمام الجمهور».
مشاركة :