كان واضحاً الترحاب الاجتماعي الكبير الذي أعقب شائعة افتتاح دور السينما في المملكة التي ظهرت مطلع الأسبوع الماضي، إذ عجّت تطبيقات التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها السعوديون خصوصاً «تويتر» و»سناب شات» و»واتساب» بآلاف التعليقات التي باركت الخطوة، واعتبرتها امتداداً للخطوات التي انتهجت سياسة «أن تصل متأخراً، خيرٌ من ألا تصل أبداً». إذاً، تفاعل المجتمع بمختلف فئاته مع تلك الشائعة الجميلة، وأمطرها بالإشادة والدعم والتشجيع، إضافة إلى الترقّب للإعلان عن آليتها ومواقعها وكيفية الحصول على التراخيص اللازمة لافتتاحها، قبل أن يتبخّر كل ذلك بنفي هيئة الإعلام المرئي والمسموع التابعة لوزارة الثقافة والإعلام، إذ ذكرت في بيان لها:»نظراً لما تم تداوله في وسائل إعلام مختلفة عن إطلاق السينما في السعودية، تود الهيئة أن توضّح بأن الخبر لا صحة له، وأنه لا توجد أي صفة رسمية للجهات أو الأشخاص الذين تم ذكرهم في الخبر»، والطريف أن هذا النفي قد جاء في ذات الحساب الإلكتروني الذي تم من خلاله بثّ تلك الإشاعة التي كان المأمول والمُنتظر إثباتها لا نفيها. تجاوزاً للنفي من عدمه، من الجدير التوقّف عند ذلك التفاعل الذي ظهر مع إطلاق شائعة افتتاح دور السينما، إذ عكس لنا تعطّشاً لجانب ترفيهي مهم، بل وحتى جانب ثقافي وفنّي افتقده المجتمع السعودي، الذي يعدّ من أكثر المجتمعات اهتماماً بالتعرّف على المستجدات السينمائية والوقوع عليها، وما الازدحام الدائم الذي يعيشه جسر الملك فهد الرابط بين السعودية والبحرين إلا برهان جليّ على ذلك، فالسعوديون يلتقون باستمرار في تلك الصالات التي تنتعش وتنخفض بمقدار تواجدهم فيها، فضلاً عن دول أخرى مجاورة يقصدها الكثير من الأفراد والعائلات لأغراض متنوّعة، تأتي السينما - بلا شك- في مقدمتها، كما لا يجهل الكثيرون تلك البرامج الإلكترونية التي يستخدمها البعض وتتيح لهم تحميل جديد الأفلام حديثة الإنتاج والتي لم تغادر دور السينما بعد، والاستمتاع بمشاهدتها في المنازل في صورة ليست بعيدة عن أساليب «القرصنة» للمحتوى الإعلامي. السينما في السعودية، قرار لا أجده عنّا ببعيد، فظهور شائعة الأسبوع الماضي وإطلاقها من أحد الحسابات الحكومية الرسمية، أعطى مؤشرات بأن الأمر بات مسألة وقت لا أكثر، وإن كان الصوت المعارض له حاضراً بالتأكيد، وهذا أمر من الطبيعي حدوثه عند الإعلان عن أي خطوة جديدة أو إجراء لم يسبق اتخاذه من قبل، غيرَ أن ما ظهر مؤخراً من أصوات التأييد العالية توضّح حقيقة المشهد، فمواقع التواصل الاجتماعي أضحت اليوم وسيلة ناجعة لقياس ردود أفعال الرأي العام ورصد توجّهاتهم ورغباتهم. ومن اللافت أنه في الوقت الذي لا تتوافر فيه دور سينما في المملكة، نجد هناك تجارب سعودية سينمائية متميّزة سبقت الكثير من الدول التي لها باع في هذا المجال، فثمّة جهود قدّمها شابات وشباب المملكة نالوا على أثرها جوائز عالمية في التأليف والإخراج والإنتاج، وعُرضت مُنتجاتهم في مهرجانات سينمائية عدة، كان آخرها مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي اخُتتمت فعاليته الأربعاء الماضي، فوجود مثل هذه الكوادر المتميّزة التي تجاوزت الظروف وتخطت المعوقات وأثبتت ما تمتلكه من إمكانات، يتطلّب تقديم الدعم لهذه البيئة الفنيّة المهمة، ومن دون أدنى شك أن من أهم أشكال الدعم لهذا المجال هو افتتاح دور السينما، ونحن اليوم من المنتظرين. مقالات أخرى للكاتب عرسان الأنيميا! الله يخلف عليك يا أبو فهد! الشخص المقسوم! حماية البراءة بالتصدّي للعصابات المرأة.. وغياب التخصص!
مشاركة :