هاجم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس الداعين إلى التظاهر في الذكرى الخامسة للثورة الشهر المقبل، ورهن رحيله عن السلطة بـ «إرادة الشعب وليس مجموعة». واتهم دولاً أجنبية لم يسمها بـ «استخدام الإرهابيين من أجل تفكيك الوطن، تحت مسميات ودعوات عدة»، قبل أن يكرر تعهده «عدم سقوط مصر». وألقى الرئيس المصري بثقله أمس في مواجهة دعوات قوى معارضة إلى العودة إلى التظاهرات في الشارع، تزامناً مع الذكرى الخامسة للثورة في 25 كانون الثاني (يناير) المقبل، متعهداً في كلمة ألقاها أمس على هامش حضوره احتفالات رسمية بذكرى المولد النبوي «عدم البقاء في الحكم ثانية واحدة ضد إرادة الشعب». وقال موجهاً حديثه إلى المصريين: «جئت بإرادتكم واختياركم للحفاظ على البلاد وسلامة أمن المصريين، وليس رغماً عنكم... لماذا تطالب مجموعة بثورة جديدة في 25 يناير؟ هل تريدون أن تضيعوا هذا البلد وتدمروا الناس والعباد؟... أنتم لستم في حاجة إلى أن تنزلوا. لو أردتم أن أمشي سأمشي، من غير نزولكم، شرط أن يكون هذا ما تريدونه كلكم، لا أن تأتي مجموعة توجه الدعوات نفسها في مناسبة الأعياد التي نحتفل بها. أنا طائع في ترك السلطة، لأن السلطة بإرادة الله». واستدرك متعهداً «أن أظل أعمل من أجل حياة أفضل لتسعين مليون مواطن، سأسأل عنهم يوم القيامة، كما يسألون عن تعاونهم معي». وحذر من أن «أوطاناً ودولاً تفككت، ولم تعد مرة أخرى، وتحولت شعوبها إلى لاجئين ومشردين افتقدوا الوطن والأمن». وأضاف أن «ترويع، وليس تشريد، مواطن ضمن التسعين مليون مواطن جريمة لن أقبلها. لا يوجد شيء أخاف منه أو أخاف عليه إلا الشعب المصري». ووعد بالعمل على «البناء والأمن ومحاربة الإرهاب الذي يهدد الأمة». واعتبر أن استهداف المسلحين للجيش والشرطة والقضاء «لا يقره دين، ومن يموت وهو يؤدي عمله فهو شهيد، والسلطة لا تقتل أحداً، بل تواجه إرهاباً يقتلها لذا تضطر إلى محاربته». وتعجب من «بعض الذين يخونون الوطن ويمارسون الإرهاب والعمالة لمصلحة دول أخرى تستخدمهم من أجل تفكيك الوطن تحت مسميات ودعوات عدة». وأضاف أن «من يؤمن بالإسلام والأديان السماوية لا يقتل الناس، كما تفعل الجماعات التي شوهت الدين، ووضعت تفاسير مغلوطة له تستخدم في القتل»، مؤكداً أن «الله خلق أمماً، وليس أمة واحدة، وأدياناً وليس ديناً واحداً... ومن يحب الله والناس يبني ويعمر ويصبر، فمصر في حاجة إلى العمل ونكران الذات». وخاطب دعاة الأزهر الذين وصفهم بأنهم «أهل الحق وهم مع الحق، وسيسألون عنه»، مطالباً إياهم بـ «تحويل ما يقولونه إلى سلوك يراه الناس من خلال ترسيخ المواطنة والكرامة والوطنية، وتوظيف الكلام من أجل مصلحة الناس». وأضاف: «سننتصر في المعركة ضد قوى التطرف، لكنها مسألة ستأخذ وقتاً طويلاً وإذا لم نغير سلوكنا فنحن نضيع الدين، لأن الدين لا يقبل القتل والخيانة والتآمر كما فعل البعض وضيعوا أوطانهم». ولفت إلى أن «سماحة الإسلام تدعو إلى التسامح ومكارم الأخلاق، وعلينا أن نقدم للعالم رسالة الإسلام دين الحق والتسامح وحب الوطن». وأضاف: «الإسلام أعطى لكل إنسان حرية العقيدة والاعتقاد، غير أنه أكد أن هذه الحرية لم تأت مطلقة بحيث تؤدي إلى قتل النفس من دون وجه حق». وأعرب عن أسفه «لعدم قيامنا بتدريس سلوك وتعاليم احترام الآخر في مدارسنا وجامعاتنا». وشدد على أن «الحريات تقف عند حريات الآخرين والإسلام أرسى قواعد التعاون السلمي». ودعا إلى «الاستمرار بعزم لا يلين في تصويب الخطاب الديني، فالله يبعث على هذه الأمة كل مئة عام من يجددون خطابها الديني». وتطرق ضمناً إلى الجدل الدائرة في شأن تشكيل التحالفات النيابية، مطالباً نواب البرلمان الجديد بـ «دراسة التحديات التي تواجه البلاد ومشاكل الناس وهمومهم على أساس أن البرلمان الجديد سيكون تجربة مصرية رائدة، وصفحة في تاريخ مصر». وحذّر نواب البرلمان الجديد من «الدخول في نقاش وجدل لا طائل منهما»، منبهاً إلى أن «شعور الناس بتناول البرلمان مشاكل لا تعنيهم يعد أمراً خطيراً... لو كنت مكان النواب في البرلمان الجديد، لن أدخل في مناقشات جدلية وإنما سأدرس مشاكل بلدي وأبناء دائرتي وأعمل على حلها. ولا بد من أن يكون البرلماني مسؤولاً وأميناً أمام من انتخبوه... سيكون للبرلمان الجديد دور عظيم وستكون تجربته تجربة رائدة بعيداً من التجارب الماضية». ودعا إلى «التعاون بين النواب والمسؤولين في الدولة والحكومة ليكون هناك تنسيق في المواقف لحل مشاكل المواطن المصري». واختتم كلامه بدعوة النواب إلى «إتمام البناء المؤسسي والتشريعي للدولة المصرية».
مشاركة :