تجددت الاشتباكات القبلية وأعمال العنف في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، واستقبل المستشفى العام بالعاصمة (الدمازين) إصابات جديدة بالرصاص الحي، بعضها خطيرة، رغم اتخاذ السلطات الحكومية إجراءات أمنية مشددة لوقف العنف. وأعلنت السلطات المحلية بالإقليم مقتل 31 وإصابة 39 خلال اليومين الماضيين، في معارك بين قبائل متنافسة في المنطقة. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن الاشتباكات اندلعت مرة أخرى أمس (السبت) في مناطق الرصيرص وقنيص، وأن أعداداً كبيرة من مواطني الحي الجنوبي بمدينة الرصيرص تركوا منازلهم، وفروا هاربين، بعد سماع أصوات كثيفة للذخيرة الحية. وقالت مصادر طبية، إن المستشفى العام استقبل إصابات جديدة بينها حالات حرجة، ويستعد لوصول أعداد أكبر من المصابين بعد تجدد القتال. وأفاد مواطنون بأن الأوضاع لا تزال «محتقنة» ترشح بمزيد من أعمال العنف، بينما يسود الهدوء المشوب بالحذر عاصمة الإقليم (الدمازين). وتصاعد النزاع القبلي بالإقليم بسبب مطالبة قبائل الهوسا، التي تقطن على شريط نهر النيل الأزرق وحتى مدينة قيسان على الحدود الإثيوبية، بتصعيد وجودهم في المنطقة إلى «إمارة أهلية» تسمح لهم بامتلاك الأرضي الموجودين عليها، ما قوبل بالرفض والاستنكار من مجموعات قبلية أخرى بالإقليم. وأوضحت المصادر المحلية، التي تحدثت للصحيفة، أن الصراع ليس بين قبلتين كما يتردد، وإنما مجموعة من القبائل منضوية في تجمعات أكبر. وأشارت المصادر إلى أن الأحداث التي وقعت على مقربة من عاصمة الإقليم الدمازين، كان يمكن محاصرتها قبل أن تتطور إلى اشتباكات عنيفة تؤدي إلى وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا. ومنح حكم إقليم النيل الأزرق لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة مالك عقار، وفقاً لـ«اتفاقية غوبا للسلام». كانت لجنة أمن الإقليم أصدرت قراراً بحظر التجول بمحافظتي الدمازين والرصيرص من الساعة السادسة صباحاً وحتى المساء، ومنعت التجمعات غير الضرورية. وقالت إن هذه الإجراءات مستمرة إلى حين استتباب الأمن بالإقليم. وقتل 14 شخصاً بين قبيلتين (الجمعة) الماضي في مدينة قيسان على الحدود الإثيوبية، بينما تقول مصادر طبية إن العدد ارتفع إلى 17 شخصاً. وقالت لجنة الأمن، في بيان، أمس، «شهدت بعض مدن الإقليم تفلتات قبلية ترتب عليها قتلى وجرحى وإتلاف للمحلات التجارية». وأضافت: «نتج عن الأحداث بالمدن المختلفة 31 قتيلاً و39 جريحاً وإتلاف 16 محلاً تجارياً». وذكرت أن قوة من الشرطة بإسناد من القوات المسلحة والدعم السريع تمكنت من السيطرة على الموقف وضبط بعض المشتبه بهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأشار البيان إلى أن اللجنة الأمنية عقدت اجتماعات طارئة مع حاكم الإقليم أثناء وقوع الأحداث، وظلت تتابع متابعة دقيقة هذه التلفيات، واتخذت عدة تدابير في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين. وناشدت السلطات المواطنين بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لحفظ الأمن وضبط المتفلتين والجناة وتقديمهم للعدالة، وأن كل من يخالف هذه القرارات يعرض نفسه للمساءلة القانونية. وقال مسؤول حزبي لـ«الشرق الأوسط»، إن الاحتقان لا يزال على أشده وسط المواطنين في المناطق المتأثرة بالأحداث، وأعداد الضحايا لا يمكن حصرها بشكل نهائي رغم الإحصائيات الرسمية عن أعداد القتلى والجرحى. وأضاف المسؤول، الذي فضل حجب اسمه، كانت هنالك إرهاصات باندلاع العنف، إلا أن تقاعس الجهات الأمنية في اتخاذ الاحتياطات اللازمة ساهم إلى حد كبير في خروج الأوضاع عن السيطرة. من جهتها، قالت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)، إن الاشتباكات لا تزال مستمرة في العديد من المناطق بالإقليم، وإن المستشفيات بالدمازين والرصيرص، استقبلت عدداً من المصابين، وسط انعدام في المعينات الأساسية والأدوية المنقذة للحياة وأدوية الطوارئ. وأضافت أن الأطباء وعموم الكوادر الصحية يعملون في ظروف معقدة وغياب تام لوزارة الصحة بالولاية. من جانبه، قال الأمين العام لمبادرة المجتمع المدني، علي هجو، إن أعداد المصابين بمستشفى الدمازين تجاوز 40 مصاباً منذ اندلاع الاشتباكات، بينها 8 حالات حرجة نخشى أن تتدهور إلى الأسوأ. وناشد الحكومة والإدارات الأهلية بالإقليم للتدخل العاجل لوقف هذا النزيف بين القبائل.
مشاركة :