يرى مراقبون فلسطينيون أن فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن في التطرق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد على مدار أعوام طويلة خلال زيارته للمنطقة، يدفع الفلسطينيين للبحث جديا عن بديل للرعاية الأمريكية. ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن بايدن خسر "فرصته الأخيرة" ليكون محل ثقة لدى الفلسطينيين وتحريك المياه الراكدة في عملية السلام وإيجاد حل حقيقي للصراع مع الإسرائيليين. وقام بايدن يوم أمس (الجمعة) بزيارة قصيرة لبيت لحم جنوب الضفة الغربية والتقى نظيره الفلسطيني محمود عباس، بعد قضائه 40 ساعة في إسرائيل ولقاء مسؤولين إسرائيليين. وقال بايدن خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه مع عباس "التزامي بهدف تحقيق حل الدولتين على حدود عام 1967 خلال السنوات الماضية لم يتغير (...) ولكن الوصول إلى حل الدولتين صعب المنال حاليا". وأعلن بايدن أن بلاده ستقدم 100 مليون دولار لدعم شبكة مستشفيات القدس الشرقية التي تضم 6 مؤسسات صحية وتعمل لخدمة الشعب الفلسطيني، وتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بقيمة 200 مليون دولار. من جهته حذر عباس من أن احتمالات فرص حل الدولتين لإنهاء الصراع، وهو النموذج الذي تفضله الولايات المتحدة والهيئات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة، "تتراجع وأن الفرصة قد لا تبقى لفترة طويلة". فشل زيارة بايدن يعتقد الكاتب والمحلل السياسي من غزة محمد حجازي أن بايدن فشل في تحقيق الهدف المنشود من زيارته للمنطقة، ومحاولته ابتزاز الفلسطينيين من خلال تقديم الأموال لهم مقابل عدم المطالبة بأي تحرك سياسي. وقال حجازي لـ ((شينخوا)) إن "بايدن لم ولن يقدم أي مبادرة لإحياء عملية السلام ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن هذا الملف مرفوض جملة وتفصيلا من الإسرائيليين". وأضاف حجازي "الإدارات الأمريكية السابقة، وعلى الرغم من فشلها في ذلك، كانت تسعى لطرح مشروع كامل لتسوية القضية الفلسطينية، ولكن إدارة بايدن تتعمد تهميش القضية الفلسطينية وجعلها شأنا إسرائيليا داخليا". واعتبر حجازي أن ذلك يسمح للإسرائيليين بالتوسع في الاستيطان وارتكاب مزيد من الانتهاكات السياسية والاقتصادية وكذلك الميدانية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. بدوره يعتقد الكاتب والمحلل السياسي من الضفة الغربية عادل سمارة أن بايدن حاول جاهدا تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى قضية اقتصادية إنسانية. وشكك سمارة في إمكانية وفاء بايدن بوعوده الاقتصادية للفلسطينيين قائلا لـ ((شينخوا)) "كيف يمكن لرئيس تواجه بلاده أزمة اقتصادية كبيرة أن يقدم منحا مالية لدول أخرى". وأضاف "حتى وإن كان سيفعل ذلك، فهو بالتأكيد سيحصل على الأموال من دول خليجية (...) ببساطة هو لن يدفع دولارا واحدا من خزينة دولته". ويؤمن سمارة بأن بايدن فشل في الاستخفاف بالعقل الفلسطيني وخداعه لأن الفلسطينيين ببساطة يريدون نيل حقوقهم المشروعة والتي كفلتها جميع القوانين والأعراف الدولية". ويشير سمارة إلى أن إدارة بايدن تتبنى الدور المعادي للشعب الفلسطيني من خلال دعمها اللامتناهي وانحيازها لإسرائيل دون محاولته أصلا تحريك العملية السلمية مع الفلسطينيين. من جهته يقول هاني المصري رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات (مسارات) في رام الله إن زيارة بايدن كانت هامشية وغير مهمة ولم تحمل أي جديد للفلسطينيين. وذكر المصري لوكالة ((شينخوا)) أن كل ما كان يريده بايدن من الزيارة هو دمج إسرائيل في المنطقة العربية، وإن كان على حساب القضية الفلسطينية، لافتا إلى أنه حاول إسكات الفلسطينيين من خلال تقديم بعض المساعدات المالية. بديل آخر للولايات المتحدة يرى حجازي أن أمام الفلسطينيين مسارين أساسيين للعمل عليهما دوليا ومحليا، للتخلص من الهيمنة الأمريكية والتعنت الإسرائيلي بشأن القضية الفلسطينية. على الصعيد المحلي، يرى حجازي أنه في ظل انسداد الأفق السياسي والعملية السياسية، من المهم أن يفعل الفلسطينيون الانتفاضة الشعبية غير المسلحة في الضفة الغربية لإعادة القضية الفلسطينية لتكون حاضرة عالميا لإجبار المجتمع الدولي على الضغط على إسرائيل لإيجاد حل للصراع. أما على الصعيد الدولي، يقول حجازي إن القيادة الفلسطينية ستبحث عن دول كبيرة ووازنة لتكون راعية لعملية السلام مع الإسرائيليين بديلا عن الرعاية الأمريكية المنفردة لهذا الملف. وأضاف أن هناك دولا كبرى في العالم تتمتع بالمصداقية ومحل ثقة بالنسبة للفلسطينيين خاصة وأنها تتبنى القوانين الدولية والإنسانية في سياستها الخارجية. ويتفق سمارة مع حجازي في الرأي، ويقول إن دولا أخرى يمكنها أن تتولي هذا الملف المهم بالنسبة للفلسطينيين، خاصة وأن تلك الدول لا تسعى إلى تحقيق أطماع سياسية أو فرض هيمنتها على العالم. وقال "نحن نعيش فرصة تاريخية في إضعاف الامبريالية الغربية التي تقودها الولايات المتحدة من أجل تحرير العالم". من جانبه، يقول هاني المصري إن الهدف الاساسي من زيارة بايدن هو تأمين وحماية إسرائيل من أي أخطار محيطة بها، وجعلها دولة مهيمنة في المنطقة. وأوضح المصري أن الولايات المتحدة تعيش أزمات داخلية متعددة مثل التضخم الاقتصادي الأمريكي ، بينما تواجه الحكومة الاسرائيلية ضعفا سياسيا بسبب فقدان الأغلبية في الكنيست (البرلمان)، في وقت يعيش فيه العالم حالة من التحولات السياسية وبروز قوى دولية وإقليمية جديدة على الساحة الدولية. ويؤكد المصري أنه في حال استمرت هذه الحالة، فيتعين على الفلسطينيين والعرب استغلال هذه الفرصة لإنهاء تفرد الولايات المتحدة في القرارات الدولية وانحيازها لإسرائيل ودعم فرص تحول العالم، لعالم متعدد الأقطاب في سبيل حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي واسترداد الحقوق الفلسطينية.
مشاركة :