الإمارات وفرنسا.. رؤى متقاربة وشراكة استراتيجية

  • 7/18/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يزور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، اليوم (الاثنين)، العاصمة الفرنسية باريس لمدة ثلاثة أيام تلبية لدعوة فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يلتقي خلالها كبار المسؤولين الفرنسيين، ومن المقرر أن يبحث صاحب السمو رئيس الدولة مع فخامة إيمانويل ماكرون، علاقات الصداقة وآفاق التعاون والعمل المشترك في مختلف الجوانب، خاصة في مجالات طاقة المستقبل وتغير المناخ والتكنولوجيا المتقدمة. ويعد اختيار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فرنسا في أول زيارة خارجية لسموه منذ توليه رئاسة الدولة تعبيراً عن المستوى الرفيع والمتقدم من علاقات الشراكة الاستراتيجية والتاريخية التي تربط البلدين الصديقين في مختلف المجالات والميادين ورؤاهما المتقاربة حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية. تعتبر العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا نموذجاً لعلاقة الصداقة طويلة الأمد بين البلدان ويجمعهما تعاون استراتيجي في مختلف المجالات، وشهدت العلاقات الثنائية خطوة كبيرة نحو الأمام في السنوات الأخيرة، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، وتتخطى العلاقات الثنائية الجوانب الثقافية، إلى القطاعات العسكرية والسياسية والتعليمية والقانونية والتعاون في مجال الآثار والطاقة، والسياحة، والقطاع الطبي، وغيرها. علاقات تاريخية كما تعد العلاقة بين الإمارات وفرنسا نموذجاً متميزاً للمستوى الذي بلغته العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع البلدين، والآفاق المستقبلية لها، حيث تجمع البلدين علاقة صداقة طويلة الأمد وتعاون استراتيجي في مختلف المجالات، بذلت خلاله قيادات البلدين جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقات الثنائية بما يحقق مصالح الشعبين الصديقين، حتى بات الارتباط بينهما جسر النجاح الاستراتيجي لجمهورية فرنسا في منطقة الخليج، حيث تأسست العلاقة منذ 1971 التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي حرص على ترسيخ الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة في علاقة دولة الإمارات بفرنسا. مشاريع مشتركة وتشمل العلاقات الثنائية بين الإمارات وفرنسا حالياً جملة واسعة من القطاعات كالتعاون الثقافي والجامعي ووجود قوات فرنسية دائمة في أبوظبي وإقامة مشاريع مشتركة في مجال الطاقة المتجددة، والتعاون في مجال التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي والصحة والفضاء، وغيرها. بعد أن كانت في وقت سابق تقتصر على استيراد المحروقات والتعاون في مجال الأمن. وتعقد الإمارات العربية المتحدة وفرنسا مشاورات منتظمة رفيعة المستوى، في سبيل تحقيق المزيد من التعزيز للعلاقات الثنائية بين البلدين. ويضمن الحوار الاستراتيجي بين البلدين المتابعة العملية للمشاريع الرئيسة التي ترتكز عليها العلاقة الثنائية بين البلدين، ومن هذا المنطلق، اعتمدت فرنسا والإمارات العربية المتحدة في يونيو 2020 خريطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية في السنوات العشر المقبلة 2020-2030. وتُعقد اجتماعات الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي سنوياً بهدف تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث فرص التعاون والتنسيق ومواصلة التعاون البنّاء في عدد من المشاريع والمبادرات والملفات التي تعبر عن التنوع في مجالات التعاون، والتي تعززت مؤخراً في مجال الطاقة المستدامة والعمل المناخي استناداً لتجربة إماراتية على مدى 15 عاماً ماضية والاستثمار في الطاقة الشمسية. الشراكة الثقافية شهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة في السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية، ويجمع البلدين روابط ثقافية متطورة في مجالات متعددة منها المجلي العلمي، حيث يوجد 60 ألف طالب في الإمارات يدرسون اللغة الفرنسية إلى جانب 7 مدارس بمنهاج فرنسي تضم نحو عشرة آلاف طالب، ووجود كلية «انسياد للأعمال» وجامعة السوربون أبوظبي ومتحف اللوفر الذي استطاع أن تكون له بصمته الخاصة في المشهد الثقافي في الإمارات. زيارة رئيس الدولة إلى فرنسا تابع التغطية كاملة 35 ألف فرنسي وتحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر جالية فرنسية مغتربة في بلدان الخليج العربي، وتضمّ قرابة 35 ألف فرنسي مسجلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج، وتعتبر فرنسا أحد أولى الوجهات لاستقبال الطلبة الإماراتيين الدارسين فيها، وتضم دولة الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة، ويمكن لمواطني دولة الإمارات دخول فرنسا من دون تأشيرة ويسمح لهم بالبقاء فيها لمدة تصل إلى 3 أشهر. وفي 8 نوفمبر 2017، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي والذي تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار، الذي وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه «جسر بين الحضارات»، واستعانت الإمارات بالمهندس الفرنسي جان نوفيل لتصميم لوفر أبوظبي.. وفي مؤتمر حول التراث الثقافي في حالات النزاع، الذي عُقد بأبوظبي في 2 و3 ديسمبر 2016، تم إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH)، حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أميركي بالتعاون مع اليونسكو، كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس.علاوة على ذلك، ساهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر«فونتينبلو» بالقرب من باريس بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسم المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله». التبادل التجاري تعتبر العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وجمهورية فرنسا استراتيجية من حيث مستوى الاستثمار والاتفاقيات الثنائية والتبادل. وارتفع حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات وفرنسا لنحو 15 مليار يورو ومنها 1.4 مليار خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي للإمارات، بعد أن كان في الماضي أقل من 7 مليارات يورو. وبلغت قيمة إجمالي التجارة غير النفطية بين الدولتين نحو 7.5 مليار دولار أميركي في العام 2019، فيما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي في فرنسا نحو 172.9 مليون دولار أميركي بين عامي 2016 و2020، بينما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الفرنسي في الإمارات العربية المتحدة نحو 3.123 مليار دولار أميركي بين عامي 2016 و2020. وتعتبر قطاعات الطاقة المتجددة والفحم والنفط والغاز والمنتجات الاستهلاكية والمنسوجات والنقل والتخزين، من أهم قطاعات الاستثمار في فرنسا، علاوة على ذلك، فقد بلغ عدد الشركات الفرنسية التي تستثمر في دولة الإمارات 207 شركات حتى عام 2019، فيما بلغ إجمالي عدد الشركات الإماراتية التي استثمرت في فرنسا 21 شركة. وتحتلّ الإمارات المراتب الأولى من بين الأسواق التجارية لفرنسا في الخليج العربي، إذ شهد حجم المبادلات التجارية الثنائية ارتفاعاً بعد خمس سنوات متتالية من التراجع المستمر. وتتنوّع الصادرات الفرنسية إلى الإمارات العربية المتحدة، وتشمل القطاعات المصدّرة الثلاثة الرئيسة التي تمثّل 70% من مبيعات فرسنا سلع الإنتاج، والمواد الكيميائية والعطور ومستحضرات التجميل، وأخيراً الأنسجة والملابس. وبالمقابل تستحوذ المحروقات على الحصة الأكبر من واردات الإمارات لفرنسا وتُقدّر بقيمة 1.5 مليار يورو. وتحتضن الإمارات العربية المتحدة حالياً أكثر من ستمائة فرع للشركات الفرنسية (زيادة بنسبة 10% في سنة واحدة)، ومعظمها تابعة للمجموعة الفرنسية الكبرى المدرجة في مؤشر كاك 40. وتمثّل الإمارات أحد كبار الدول المستثمرين من مجلس التعاون لدول الخليج العربية في فرنسا. المجال السياسي تلتزم دولة الإمارات وفرنسا بتعزيز العلاقات السياسية والتجارية بينهما بشكل مستمر، وذلك تقديراً وإيماناً بالقيم المشتركة للثقافة والحضارة والاقتصاد بين الإمارات وفرنسا من خلال التعاون والتنسيق والحرص على التشاور بين البلدين الصديقين في العديد من القضايا والتوجهات المستقبلية، وتعزيز روح التعاون الدولي والسعي لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء العالم، وقد عملت الدولتان معاً على دفع عمليات السلام للمساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. وذلك بوجود رؤى مشتركة لقضايا السلام في المنطقة، وهناك تقدير فرنسي لرؤية الإمارات لتخفيف التصعيد في المنطقة. الاتفاقيات الثنائية أبرم البلدان عدداً من الاتفاقيات الثنائية المشتركة منها: اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية الخدمات الجوية، ففي ديسمبر 2021 شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توقيع 13 من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين دولة الإمارات وفرنسا تسهم في تعزيز آفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين منها: - مذكرة تفاهم بين شركة مبادلة ووزارة الاقتصاد والمالية والانتعاش الفرنسية. - مذكرة تفاهم بين شركتي «مبادلة للاستثمار» و«BPI France».. وشركة «بي بي أي» الفرنسية. - مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ووزارة الاقتصاد والمالية في فرنسا. - اتفاقية تعاون بين «أدنوك» و«توتال للطاقة». - عقد بين «بروج» و«تيكنب» لبناء وحدة تكسير للإيثان على مستوى عالمي لتوسعة مشروع «بروج 4». - مذكرة تفاهم بين «مصدر» و«إنجي» حول تحالف استراتيجي. - اتفاقية شراء طائرات والمنتجات والخدمات ذات الصلة بين وزارة الدفاع في دولة الإمارات و«Dassault Aviation». - اتفاقية بشأن تزويد معدات أسلحة رافال بين وزارة الدفاع في دولة الإمارات وشركة «MBDA». - اتفاقية شراء طائرات عمودية H225M وخدمات ذات الصلة بها بين وزارة الدفاع الإماراتية و«Airbus Helicopters». - مذكرة تفاهم بين شركة أبوظبي القابضة ووزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية. - التعديل على الاتفاقية المبرمة بين حكومتي دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية بشأن متحف اللوفر أبوظبي والموقعة في 6 مارس/آذار 2007. - 3«خطاب نوايا» بشأن التعاون في مجال استكشاف القمر بين «مركز محمد بن راشد للفضاء» والمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا. - مذكرة تفاهم بين «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية» وشركة «إلكتريسيتة دو فرونس» في مجال الطاقة النووية.

مشاركة :