أشارت شركة إنفيسكو في النسخة السنوية العاشرة من تقرير «إدارة الأصول السيادية العالمية» إلى أن استمرار التضخم دفع المستثمرين السياديين إلى إعادة النظر في عملية توزيع أصولهم الاستثمارية، وكانت الأسواق الخاصة هي المستفيد الأكبر من هذه العملية. وتناول هذا التقرير آراء ووجهات نظر 139 من كبار مسؤولي الاستثمار ورؤساء فئات الأصول وكبار استراتيجيي المحافظ الاستثمارية في 81 صندوق ثروة سيادية و58 بنكاً مركزياً في جميع أنحاء العالم، يديرون أصولاً بقيمة تبلغ 23 تريليون دولار أمريكي. بعد أن استمتعوا بفترة طويلة اتسمت بأسعار الفائدة المنخفضة ومعدلات التضخم المنخفضة، اضطر المستثمرون السياديون الآن إلى إعادة النظر فيما كانوا يفترضونه بشأن الاقتصاد الكلي، وقاموا بتعديل استثماراتهم وفقاً للمستجدات. وقامت غالبية الصناديق السيادية في الشرق الأوسط (55%) بإعادة ترتيب محافظها تحسباً لارتفاعات أخرى في أسعار الفائدة، على الرغم من أن التصحيح الحاد في سوق الأسهم وفشل السندات في حماية المحافظ الاستثمارية أدى إلى خيارات صعبة أمام تلك الصناديق. وقالت زينب فيصل الكفيشي، مديرة قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة إنفيسكو: «أنهت معظم الأسواق عام 2021 وهي تنظر بتفاؤل حذر إلى عام 2022، إلا أن بداية العام جاءت بعاصفة من التحديات الهائلة على المستثمرين، حيث أن التضخم مستمر في الارتفاع، مع تباطؤ النمو العالمي، وتزايد التوترات الجيوسياسية في مختلف أنحاء العالم. وفي حين كان من الممكن نسبياً التنبؤ بالبيئة الكلية في السابق، فقد أصبح الأمر الآن أكثر غموضاً، مما يدفع الصناديق السيادية إلى إعادة التفكير في كيفية ترتيب محافظها الاستثمارية». ويؤكد تقرير شركة إنفيسكو أنه على الرغم من انخفاض مخصصات الدخل الثابت في الصناديق السيادية العالمية بشكل مطرد في السنوات الأخيرة (الشكل 1)، إلا أنه لم يتم إعادة توجيهها لاستثمارها في أسهم الشركات المدرجة، بل تم توجيهها إلى البدائل التي توفرها الأسواق الخاصة، لا سيما قطاع العقارات والأسهم الخاصة والاستثمارات في البنية التحتية. ولا يشذ المستثمرون في الشرق الأوسط عن هذه القاعدة، إذ يتفق معظم المشاركين في استطلاع الرأي (82%) على أن الأصول الحقيقية هي وسيلة تحوط فعّالة ضد التضخم والعوائد المرتفعة. وأضافت زينب كفيشي: «في حين أن المخاوف بشأن تدفق الصفقات والإمدادات تدفع إلى ارتفاع التقييمات، تظل الأسواق الخاصة جذابة للمستثمرين في المنطقة على المدى الطويل، وذلك لأنها توفر ملاذاً طويل الأجل وحماية من التقلبات». ويبدو أن الاهتمام بالأصول الخاصة سيستمر لفترة طويلة، إذ أشارت 50% من صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط إلى نيتها زيادة مخصصاتها للأسهم الخاصة، وتخصيص 20% للاستثمار في العقارات و20% للبنية التحتية خلال الأشهر الـ 12 القادمة. أما على الصعيد العالمي، فإن الأصول الخاصة تشكل الآن في المتوسط 22% من محافظ الصناديق السيادية، وهي أعلى نسبة مسجلة على الإطلاق. وفي المجمل، يمتلك المستثمرون السياديون الآن أصولاً خاصة بقيمة تبلغ 719 مليار دولار، مقارنة مع 205 مليار دولار في عام 2011*. وعلى الرغم من أن الاهتمام المتزايد بالأسواق الخاصة جاء على حساب انخفاض مخصصات الصناديق السيادية في الدخل الثابت على مستوى العالم، إلا أن بعض المشاركين، بمن فيهم المشاركون من منطقة الشرق الأوسط، يتطلعون إلى الاستفادة من الفرص الناشئة عن تصحيح سوق الأسهم، وكذلك من نقاط الدخول المناسبة لاستثمارات الدخل الثابت عندما تبدأ الأسعار في الارتفاع. من جانبه، قال رود رينغرو، رئيس قطاع المؤسسات الرسمية في إنفيسكو: «هيمن مصطلح «عدم التيقن» على محادثات المستثمرين حتى هذه اللحظة من العام، فبعد سنوات قليلة كان يمكن فيها التنبؤ نسبياً بمجريات الأمور، انهار الإجماع حول اتجاه الاقتصاد العالمي. وقد أدى هذا الأمر، إلى جانب النهاية المحتملة للاتجاه التصاعدي لأسواق الدخل الثابت على مدى عقود عدة، إلى خلق ظروف جديدة أمام الصناديق السيادية. وبينما يتطلع الكثير منها إلى الأسواق الخاصة بحثاً عن حلول مناسبة للوضع الجديد، فإنه من غير المناسب المبالغة في وتيرة هذا التحول. وبما أنها تعد مستثمراً طويل الأجل، تمضي الصناديق السيادية بحذر شديد، ويقوم الكثير منها بإجراء تغييرات تدريجية على محافظها الاستثمارية، وفق نهج يقوم على الانتظار والترقب».
مشاركة :