«نريد قطاعا خاصا منتجا من الداخل، لا يعتمد على الحكومة في كل صغيرة وكبيرة».. هكذا يلخص الكثيرون أزمة القطاع الخاص في المملكة، الذي يساهم بأكثر من 50 في المائة في الناتج المحلى الإجمالى البالغ 2,5 ترليون ريال. ولعل التحديات الراهنة في الميزانية تستدعي إعادة النظر في آلية العمل في القطاع الخاص، ليكون أكثر فعالية في الإسهام في مسيرة التنمية الشاملة من خلال المشاريع الأكثر حيوية للاقتصاد الوطني، حيث إنه يعتمد بصورة شبه كلية على الدولة، عندما يفكر في أي مشروع، وإذا كان لا يعيبه البحث عن التسهيلات والحوافز، فإنه من المفترض أن يطور قدراته الذاتية ليعتمد على نفسه بشكل أكبر. وبات من الواضح أن رفع الدولة يدها ولو قليلا، يؤدى إلى تراجع واضح في أداء القطاع الخاص، ولعل من هذه النماذج رسوم الـ2400 ريال التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة غير مبررة رغم الهوامش الربحية العالية التي يحققها المستثمرون، فيما تتراوح الحوافز التي يحصل عليها القطاع الخاص بين القروض لإقامة المشاريع والتي تصل إلى 75 في المائة من التكلفة الفعلية خاصة في المناطق النائية، والتسهيلات الخاصة بتأجير الأراضى في المدن الصناعية مقابل ريال واحد سنويا، إلى 4 ريالات في المناطق المتميزة. ورغم هذه التيسيرات إلا أن الأسعار في المملكة تبدو مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، ويعاني السوق من الطبيعة الاحتكارية، الأمر الذي دعا القيادة الرشيدة إلى السماح بدخول الشركات الأجنبية بنسبة تملك تصل إلى 100 %، فيما يعول الخبراء الاقتصاديون على القطاع الخاص في العمل صوب تغيير الطبيعة الاستثمارية للمشاريع لتركز على الإنتاج الصناعي والخدمي على وجه الخصوص، بعد معاناة طويلة من المشاريع ذات الطبيعة الاستهلاكية، وأدى ذلك إلى ارتفاع فاتورة الواردات من الخارج إلى أكثر من 650 مليار ريال، ولعل قطاع المقاولات من أكثر القطاعات التي تعكس أزمة القطاع الخاص، الذي يبرر ارتفاع التكاليف بأزمة العمالة، في حين يوجد في المملكة أكثر من 8 ملايين وافد، لو تم استثمارهم بالشكل الأمثل لأصبح العدد فائضا عن حاجة القطاع، ناهيك عن تهرب المقاولين من الالتزام بنسب السعودة في القطاع بتوظيف الفتيات من الأقارب والعائلات والمعاقين في شركاتهم على الورق فقط للتحايل على قرارات وزارة العمل.
مشاركة :