بقي معدل البطالة في بريطانيا قريبا من أدنى مستوى له منذ 50 عاما، لكن التضخم الذي يعد الأعلى منذ عقود يؤدي إلى انخفاض قيمة الأجور بوتيرة قياسية، وفق ما كشفت بيانات رسمية أمس. وبحسب "الفرنسية"، أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية في بيان أن معدل البطالة بلغ 3.8 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى نهاية أيار (مايو)، وهي النسبة ذاتها التي سجلها في الفصل السابق. وبقيت فرص العمل عند مستويات مرتفعة بشكل قياسي. وأشار ديفيد فريمان مدير إحصائيات سوق العمل في مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن الطلب على العمالة "ما زال مرتفعا للغاية بشكل واضح" بعدما ألغيت قيود مكافحة كوفيد. لكن "بعد ازدياد التضخم أخيرا، تنخفض الأجور حاليا في قيمتها الفعلية، سواء مع أو دون الحوافز"، بحسب فريمان. وتابع "إذا استثنيت الحوافز، تتراجع الأجور الحقيقية حاليا بوتيرة أسرع من أي وقت منذ بدأ تسجيل البيانات عام 2001". وعاد العمال البريطانيون إلى سوق العمل بأسرع وتيرة لهم منذ فترة ما قبل تفشي جائحة كورونا، حيث أدت أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة إلى جذب مزيد من الأشخاص إلى العمل. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن عدد الأشخاص ممن هم في سن العمل، لكنهم خارج سوق العمل، انخفض بواقع 144 ألفا. وارتفع حجم العمالة بواقع 296 ألفا، وذلك بقدر أكبر من الوتيرة التي كان يتوقعها الاقتصاديون، والبالغة 170 ألفا. ولا يزال عدد الأشخاص غير النشطين أعلى بواقع 378 ألفا، مقارنة بما كان الوضع عليه قبل تفشي جائحة كورونا في مطلع عام 2020. وبحسب "الألمانية"، تشير الأرقام إلى أنه من الممكن أن يبدأ النقص المزمن في حجم الوظائف بالتراجع، حيث يشغل العمال حاليا كمية من الوظائف الشاغرة التي ظهرت بعد انتهاء عمليات فرض الإغلاق من أجل مكافحة تفشي فيروس كورونا. إلى ذلك، يتجه مطار هيثرو اللندني، الذي يواجه اضطرابات في مواعيد الرحلات وفي استيعاب تدفق المسافرين بسبب النقص في طواقمه، إلى مزيد من البلبلة مع إضراب سينفذه هذا الأسبوع عمال شركة لتزويد الطائرات بالوقود، وفق ما أعلن اتحاد نقابي أمس. وجاء في بيان للاتحاد النقابي "يونايت" أن عمال شركة أفييشن فيول سيرفيسز "أيه. إف. إس" لتوزيع وقود الطائرات يعتزمون تنفيذ إضراب يبدأ صباح الخميس وينتهي صباح الأحد. وقال الاتحاد النقابي إن شركة أفييشن فيول سيرفيسز تزود بالوقود نصف شركات الطيران غير البريطانية في مطار هيثرو. وبحسب "يونايت"، ستتأثر بالإضراب شركات "إير فرانس" و"أمريكان" و"دلتا" و"الإمارات" و"كي. إل. إم" و"سنغافورة" و"يونايتد" و"فيرجن أتلانتيك". وقالت شارون جراهام الأمينة العامة لـ"يونايت"، إن شركة "أفييشن فيول سيرفيسز مملوكة بالكامل لشركات طاقة فائقة الثراء قادرة تماما على زيادة أجور أعضائنا بشكل مناسب". وتابعت "إنه مثال جديد على شركات الطاقة التي تعزز أرباحها على حساب العمال". وبحسب "يونايت"، رفض عمال "أيه. إف. إس" زيادة أجور بنسبة 10 في المائة، في حين يتوقع أن يتخطى المعدل السنوي للتضخم في بريطانيا في 2022 هذا الرقم مدفوعا بارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية. وبعد ورود نبأ الإضراب، أعلن مطار هيثرو أنه يجري محادثات مع شركات طيران بشأن "خطط بديلة يمكنها اعتمادها، بما في ذلك التزود بالوقود بواسطة شركات أخرى عاملة في المطار". ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه شركات الطيران والمطارات صعوبات في التوظيف بعدما سرحت الآلاف من أفراد طواقمها خلال الإغلاقات التي فرضت لاحتواء الجائحة. وتشهد بريطانيا صيفا حافلا بالإضرابات في خضم أزمة غلاء معيشة يواجهها الموظفون. وفي حين ألغيت تحركات في اللحظات الأخيرة، ولا سيما إضراب عمال البريد بعد التوصل إلى اتفاقات لزيادة الأجور، يرجح لإضرابات أخرى أن تمضي قدما. وهذا الشهر ستشهد شركة "بي. تي" العملاقة للاتصالات أول إضراب لموظفيها منذ عام 1987. ويأتي ذلك في وقت يتهيأ فيه عمال السكك الحديد لتنفيذ مزيد من الإضرابات بعدما نفذوا الشهر الماضي أكبر إضراب لهم منذ عقود. كذلك سينفذ محامو الدولة إضرابا، في حين يتباحث المدرسون وعمال قطاع الصحة العامة في تنفيذ تحرك احتجاجي. من جهة أخرى، نشرت المملكة المتحدة أمس في سياق معرض فارنبرو الدولي للطيران استراتيجية تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني في قطاع الطيران الداخلي البريطاني وفي مطارات إنجلترا بحلول 2040. وفي وقت تواجه المملكة المتحدة موجة حر تاريخية، أعلن وزير النقل جرانت شابس "نريد أن يذكر عام 2019 على أنه عام الحد الأقصى من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الطيران"، وفق ما ورد في بيان صدر أمس. كذلك تنص الخطة على إبقاء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مستويات ما قبل وباء كوفيد - 19. والطيران مسؤول عن نحو 2.5 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم. في المقابل، يسهم بمستوى 22 مليار جنيه استرليني في الاقتصاد البريطاني، وهذه الاستراتيجية تهدف إلى تعزيز صمود هذا القطاع. وتحدد الاستراتيجية ست أولويات، من ضمنها تحسين كفاءة الطاقة لخفض استهلاك الطائرات والمطارات للوقود. كما تنص على قاعدة جديدة تقضي بضخ وقود طيران مستدام مصنوع على سبيل المثال من نفايات منزلية أو زيوت طبخ مستخدمة، في وقود الطيران التقليدي بمستوى 10 في المائة بحلول نهاية العقد. وأكد البيان أنه "في المتوسط، يسمح وقود الطيران المستدام بتفادي أكثر من 70 في المائة من انبعاثات الغازات ذات مفعول الدفيئة مقارنة بالكيروزين التقليدي". كما تتحدث الحكومة عن "تطوير طائرات منعدمة الانبعاثات" الكربونية، ما يتطلب تطوير وقود اصطناعي من الهيدروجين واستخدام طائرات كهربائية أو محركات تعمل على الهيدروجين، وكلها تقنيات لا تزال في المراحل الاختبارية. ورأت كونفدرالية الصناعة البريطانية، أكبر منظمة لأرباب العمل في البلد، أن "هذه الاستراتيجية الطموحة ستحفز الصناعة" لكنها شجعت الحكومة على تسريع الوتيرة. ودعت منظمة جرينبيس البيئية، الإثنين، المرشحين المحافظين لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى وضع مكافحة التغير المناخي في صلب برامجهم. وعدت المنظمة غير الحكومية أن "المرشحين يبدون أكثر ميلا إلى غض الطرف منهم إلى التحرك" لمواجهة درجات حرارة سجلت مستوى قياسيا الثلاثاء في المملكة المتحدة. وعدت محكمة في لندن، الإثنين، أن استراتيجية الحياد الكربوني التي وضعتها الحكومة تخالف القانون البريطاني حول التغير المناخي، لأنها لا تتضمن تحليلا كميا يسمح بقياس تأثيرها المحتمل، وبالتالي فاعليتها.
مشاركة :