الخرطوم- (أ ف ب): تظاهر الآلاف من أبناء قبيلة الهوسا التي كانت طرفا في نزاع قبلي أوقع 79 قتيلا منذ نحو أسبوع، في مناطق عدة في السودان، لطلب «القصاص للشهداء» في تحرك يبرز هشاشة الوضع في بلد متعدد الأزمات في الخرطوم، على طريق المطار، أحد الشرايين الرئيسية في وسط العاصمة السودانية، أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق عدة مئات من المتظاهرين الذين رفعوا لافتات كتب عليها «لا لقتل الهوسا» و«الهوسا مواطنون ايضًا»، بحسب صحافي من فرانس برس. بدأت الاشتباكات الأخيرة في ولاية النيل الأزرق، على الحدود مع اثيوبيا، بسبب النزاع على الاراضي بين قبيلة ألبرتي وبين الهوسا. والهوسا هي واحدة من أكبر القبائل في إفريقيا وتعد عشرات الملايين ويعيش أفرادها في مناطق تمتد من السنغال الى السودان. وأفادت نشرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) أمس الثلاثاء، أن أعداد النازحين بمحليات ولاية النيل الأزرق بلغت أكثر من 17 ألف شخص، بينهم 15 ألف نازح شردوا من محلية الرصيرص فقط. تعد المسألة القبلية حساسة في السودان الذي خرج في عام 2019 من حكم عسكري-اسلامي دكتاتوري استمر 30 عاما وكان يلعب باستمرار على حبل الانقسامات القبلية والاثنية. فطوال سنين حكمه، ألب عمر البشير الميليشيات القبلية ضد بعضها بعضًا وخصوصا في دارفور. في عام 2020، وقعت السلطة الانتقالية المشكلة من مدنيين وعسكريين اتفاقات سلام مع متمردي دارفور ووعدت بإرساء الديموقراطية في أقصى ربوع السودان. ولكن لم ينه اتفاق السلام النزاعات القبلية التي أوقعت خلال الشهور الأخيرة مئات القتلى، خصوصا في اقليم دارفور على الحدود مع تشاد. أوقعت الاشتباكات التي اندلعت في 11 يوليو في ولاية النيل الأزرق 79 قتيلا و199 جريحا، وفق آخر بيانات رسمية. تندلع هذه الاشتباكات عموما بسبب نزاعات حول الاراضي والمياه الموردين الرئيسيين للزراعة والرعي وهما النشاطان الرئيسيان في هذه المناطق. وفيما عاد الهدوء الى النيل الأزرق، انتقل العنف الى مناطق أخرى وخصوصا إلى ولاية كسلا الواقعة إلى الشمال من النيل الأزرق، حيث أحرق المتظاهرون الاثنين عدة منشآت حكومية. وأمس الثلاثاء، عدا عن الخرطوم، تظاهر آلاف الهوسا في شمال كردفان (وسط) وفي كسلا والقضارف وبورتسودان (شرق)، على ما أفاد صحافيون من فرانس برس. وفي الأبيض عاصمة كردفان الى الغرب من الخرطوم، وفي بورتسودان شرقا على البحر الأحمر توجه آلاف إلى مقر الوالي هاتفين «الهوسا سينتصرون». وسلم المتظاهرون حاكمي الولايتين رسائل احتجاج على العنف في ولاية النيل الأزرق ورددوا شعارات تطلب «القصاص للشهداء». وفي الشواك بولاية القضارف، على بعد 600 كيلومتر شرق الخرطوم، وحيث يقيم عدد كبير من أبناء قبيلة الهوسا، «أغلق قرابة 500 منهم الطريق الرابط بين الخرطوم وكسلا»، بحسب ما قال لفرانس برس صالح عباس، أحد السكان. وفي بيان أمس الثلاثاء، دعت قوى الحرية والتغيير، ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد، إلى «تسيير مواكب السودان الوطن الواحد في العاصمة والولايات.. يوم الأحد 24 يوليو». اتسع نطاق الاشتباكات القبلية بسبب الفراغ الأمني الذي نشأ منذ انقلاب قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في اكتوبر الماضي على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت عقب اسقاط عمر البشير. ويقول الناشطون المدافعون عن الديموقراطية إن هذه النزاعات القبلية تخدم العسكريين وحلفاءهم من الحركات المسلحة السابقة في دارفور الذين يستغلون عدم الاستقرار الأمني للضغط من اجل الحصول على مكاسب سياسية.
مشاركة :