تحتدم المنافسة على قيادة حزب المحافظين قبيل التصويت على خليفة بوريس جونسون، في منصب رئيس الوزراء، وذلك في ظل استبعاد العديد من المرشحين، ووجود ثلاثة متنافسين رئيسيين، هم ريشي سوناك، وزير الخزانة السابق، وليز تروس، وزيرة الخارجية، وبيني موردونت، وزيرة التجارة. فيما حصل النائب توم توجندهات، والوزيرة السابقة كيمي بادنوش، على أصوات أقل بكثير، ومن المتوقع أن يتم التصويت على الخروج من المنافسة في جولة أخرى أو الانسحاب قريبًا. ويواجه رئيس الوزراء القادم، الذي سيتم تنصيبه في الخامس من سبتمبر 2022، سلسلة من تحديات السياسة الخارجية، وعلى الأخص تداعيات حرب أوكرانيا، والحاجة إلى مواجهة العدوان الروسي، والضرر الاقتصادي العالمي للصراع. علاوة على علاقات المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، والسعي لإبرام صفقات تجارية؛ بما في ذلك في الشرق الأوسط مع دول الخليج، والإنفاق الدفاعي. ووفقا لـ«مجموعة أبحاث السياسة الخارجية البريطانية»، فإن اللافت للنظر في هذه المنافسة، هو تولي العديد من المرشحين أدوارًا مهمة في السياسة الخارجية والدفاع، حيث شغلت موردونت، منصب وزيرة التجارة في سبتمبر 2021، كما شغلت سابقًا منصب وزيرة التنمية الدولية، ثم وزيرة الدفاع، بينما كانت تروس، وزيرة للتجارة الدولية من عام 2019 قبل أن تخلف دومينيك راب، في منصب وزيرة الخارجية سبتمبر 2021. وعلى الرغم من أن توجندهات، لم يشغل أي مناصب حكومية، فقد أبرزت المجموعة، أنه بصفته رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، فقد ترأس العديد من الاستجوابات الرئيسية، لمحاسبة الحكومة. من جانبها، وصفت آمي ماكينون، في مجلة فورين بوليسي، تروس، بأنها واجهة السياسة الخارجية للدفاع عن أجندة بريطانيا العالمية، وأوضحت المجموعة، كذلك كيف اتخذت موقفًا قويًا بشأن روسيا والصين، وأعطت الأولوية للتعاون في الأطر الثنائية والتحالفات الأوسع خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية. وتعكس هذه المكانة العالية في دوائر السياسة الخارجية البرلمانية المحافظة، ما اكتسبته تروس من دعم. وأشار ديفيد فروست، المشرف على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى عمق خبرتها في الحكومة، بالإضافة إلى ما تمتلكه من طاقة وأفكار كنقاط قوتها الأساسية. وعلى النقيض من الخبرة الكبيرة في الشؤون الخارجية التي يتقاسمها تروس، وموردونت، وتوجندهات، فإن افتقار سوناك، إلى الخبرة في هذا المجال، كان محل دراسة وتدقيق، كون سياسته الخارجية المستقبلية تبدو أكثر صعوبة في التنبؤ بها. وفيما يتعلق بنهج السياسة الخارجية المتوقع من كبار المرشحين، ركز الخبراء على حرب أوكرانيا، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والإنفاق الدفاعي، مع الإشارة إلى العلاقات مع الشرق الأوسط، واللاجئين والتجارة. وحول الدور المستقبلي للمملكة المتحدة في حرب أوكرانيا، توقع المراقبون استمرار مستوى الدعم لكييف الذي قدمه جونسون. وأصدرت تروس عدة تصريحات ضد موسكو منذ غزوها أوكرانيا، بما في ذلك تحذير في مايو 2022 من أن العدوان الروسي يجب مواجهته بقوة. وفي قمة الناتو الأخيرة علقت بأن علينا هزيمة روسيا أولاً والتفاوض لاحقًا. وبالمثل، أوضحت إميلي فيرجسون، وجو دوغان، وبنيامين بتروورث، في قناة آي نيوز، أن سوناك، كان على استعداد تام لدعم أوكرانيا وأعلن عن التزامات إنفاق سخية لمساعدتها في حربها ضد موسكو. من ناحية أخرى، أشار إدوارد لوكاس، من مركز تحليل السياسة الأوروبية، إلى أن أبرز إخفاقات سياسة جونسون الخارجية، تتمثل في فشل الحكومة في مكافحة وصول روسيا إلى الأنظمة المالية والقانونية والسياسية لبريطانيا. ووصف التعيين المثير للجدل في مجلس اللوردات لصديق جونسون، وقطب وسائل الإعلام ونجل عميل سابق للمخابرات الروسية، يفغيني ليبيديف، بأنه مفزع . وبالنسبة للمستقبل، كتب أن رئيس الوزراء القادم، لن يتخذ نفس الموقف الرخو تجاه القواعد والمعايير السياسية، مثل جونسون. علاوة على ذلك، تستمر الانقسامات طويلة المدى بين المرشحين تجاه الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تأكيد الثلاثة البارزين عن كونهم من المؤيدين للبريكست، فقد أشار بن سميث، وكريستوفر هوب، في صحيفة التليغراف، إلى مخاوف بين يمين حزب المحافظين من أن التخلف عن تقديم الدعم الكافي لمرشح واحد يمكن أن يثبت خطأ استراتيجيا والمخاطرة بترك نائبين آخرين من تيار الوسط بالحزب في جولة الإعادة النهائية؛ وبالتحديد سوناك وموردونت. وفي حين أكدت المجموعة، أن سوناك، مناضل جدير بالاحترام حتى استقالته كوزير؛ فقد أشارت إلى أن موردونت، أوضحت في ديسمبر 2021، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمثل فرصة هائلة لأي إنسان يؤمن بالديمقراطية، بينما أيدت تروس، حملة البقاء بالاتحاد خلال الاستفتاء على الخروج عام 2016. ومع ذلك، وصفتها قناة أي نيوز، بأنها مرشح قوي يدعم عملية الخروج، في ضوء الاتفاقات التجارية التي وقعتها الآن. فيما يعتبر توجندهات، أكثر اعتدالاً، حيث تعهد بجعل عملية الخروج ناجحة بكل المقاييس، لكنه دعا أيضًا إلى إنشاء علاقة مستقبلية أكثر تقدمًا بين الجانبين. وفيما يتعلق بمستوى الإنفاق الدفاعي، فإن لوكاس، أوضح أنه مع قيام بريطانيا بتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، فإن قواتها المسلحة أصبحت الآن مستنفدة، وعندما يقترن هذا الأمر بـ«التهاون المخزي والإهمال» الذي شهدته العقود الماضية، فإن الحد الأدنى من المتطلبات لزيادة هذا المستوى من الإنفاق بمقدار النصف، سيكون أمرًا صعبًا على رئيس الوزراء الجديد في الوقت الذي تقلص فيه الاقتصاد. وفيما يتعلق بسياسة اللاجئين والمهاجرين، أشارت المجموعة، إلى أن المخطط المعني بمعالجة أزمة ترحيل المهاجرين لـ«رواندا»، والتي أقرتها المملكة المتحدة، قد وصفه ستيف سيموندز، مدير حقوق اللاجئين والمهاجرين بـ«منظمة العفو الدولية»، بأنه ذروة انعدام المسؤولية للحكومة. وبينما حافظ سوناك على دعمه لهذا المخطط، خرجت كل من تروس، وموردونت، وتوجندهات، وبادنوش، ليؤكدوا ضرورة قطع إمدادات الوقود عن قوارب مهربي البشر بفرنسا، واقترح توجندهات، إنشاء نظام لجوء جديد في ليبيا، كونها مصدرًا للكثير من جرائم الاتجار. وحول علاقة المملكة المتحدة بالشرق الأوسط، توقعت المجموعة، استمرار سياسات جونسون في المنطقة كما هي، لا سيما فيما يتعلق بالحفاظ على العلاقات السياسية والأمنية القوية مع دول الخليج من خلال الاتفاق على تعزيز أمن الطاقة، والسعي لإبرام مزيد من اتفاقيات التجارة الحرة، فضلاً عن الدعم المستمر لمسألة استعادة الاتفاق النووي الإيراني. وعند النظر في وجود مسؤولين اقتصاديين يقودون السباق لتولي مسؤولية رئاسة الوزراء، يمكن توقع تعزيز جهود بريطانيا لإبرام مفاوضات اتفاق التجارة الحرة مع دول الخليج. وأشارت ماكينون، إلى تأكيد تروس، على أن دول الخليج تعتبر سوقًا حرًا قويًا. وفي يونيو 2022، أوضحت أمام لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، أن دول مجلس التعاون، حلفاء مهمون للمملكة، يجب السعي إلى علاقة تجارية أوثق معهم. وبالمثل، دعت موردونت، لاتفاق تجارة حرة، مع واشنطن والمشاركة في شراكات تجارية على المستوى الرسمي، بالإضافة إلى زيادة الجهود بشأن اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ لتحفيز الصادرات. ومع ذلك، يجب أيضًا ملاحظة آراء المرشحين، فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية في الشرق الأوسط. وأشارت المجموعة، إلى أن موردونت، وتروس، أيدا باستمرار استخدام القوات العسكرية البريطانية في العمليات القتالية خارج البلاد، بما في ذلك الضربات الجوية في سوريا والعراق، بالإضافة إلى نشر قوات في أفغانستان قبل سيطرة طالبان على الموقف هناك. ووصفت أي نيوز، موردونت، بأنها الأكثر موالاة لجيش المملكة وقواته. وفيما يتعلق بالموقف تجاه إسرائيل. أشار بوب بلاكمان، المسؤول التنفيذي للجنة الأعضاء المحافظين لعام 1922، الى أنهم جميعًا مؤيدون لدولة إسرائيل، وأنه لا ينبغي أن يكون هناك مخاوف بشأن التغييرات التي قد تطرأ على السياسة الخارجية، بعد رحيل جونسون. وتأكيدًا على ذلك، أقرت تروس، في فبراير 2022، أن لندن تسعى إلى صفقة تجارية طموحة مع إسرائيل. وقبل انهيار الحكومة، تم الإعلان عن زيارة قامت بها تروس لإسرائيل، على الرغم من أنه من غير الواضح، ما إذا كانت ستستمر في تبني تلك السياسة.
مشاركة :