طالب السكرتير العام للأمم المتحدة، انطونيو جوتيريس، الولايات المتحدة والصين بإصلاح ما وصفه بـ«العلاقات المختلة بشكل كامل» بين البلدين، محذرًا من أن تفاقم الخلافات بين أكبر قوتين بالعالم ينذر باندلاع حرب باردة جديدة. وطالب جوتيريس، اليوم الإثنين في تصريحات إلى وكالة «أسوشيتد برس»، القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم بإظهار تعاون أكبر بشأن المناخ، والتفاوض بشكل أوثق حول التجارة والتكنولوجيا، وحتى الخلافات السياسية القائمة حول حقوق الإنسان والأمن السيبراني والسيادة في بحر الصين الجنوبي. وقال: «للأسف، ما نجده اليوم هو المواجهة فقط. علينا إعادة بناء علاقة فعالة بين القوتين»، وهو ما وصفه بـ«الأمر الحيوي لنعالجة المشاكل التي تعتري عمليات التحصين، والتغير المناخي، وغيرها من التحديات الدولية التي لا يمكن حلها بدون علاقات بناء داخل الأسرة الدولية، وبشكل أساسي بين القوى العظمى». وتحدث جوتيريس قبيل الاجتماع السنوي للأمم المتحدة لزعماء وقادة العالم، المقرر هذا الأسبوع، والمتوقع أن يشهد جدلًا موسعًا بشأن حزمة من القضايا على رأسها جائحة «كوفيد-19» وأزمة المناخ ومستقبل أفغانستان في ظل حكم حركة «طالبان». وسبق وحذر السكرتير العام للأمم المتحدة، منذ عامين تقريبًا، من انقسام العالم إلى جزئين، مع الولايات المتحدة والصين على رأس كل جزء منهما، بمصالح متنافسة وعملة وتجارة وقواعد مالية مختلفة. وجدد جوتيريس التحذير نفسه، مضيفًا أن الاستراتيجيات السياسية والعسكرية المتنافسة للبلدين تمثل «خطرًا كبيرًا قد يؤدي إلى تقسيم العالم»، وبالتالي شدد على ضرورة تجديد وإصلاحات العلاقات بينهما في أسرع وقت ممكن. وقال: «علينا أن نتفادى بأي ثمن اندلاع حرب باردة جديدة ستكون مختلفة كليًا عن السابقة، وستكون على الأرجح أكثر خطوة وأصعب في احتوائها». وبالمقارنة مع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقًا، قال جوتيريس إن تلك الحرب كانت ذات قواعد واضحة، تدور حول خطر الدمار النووي، وأنتجت قنوات خلفية متعددة لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة. وأضاف: «لكن اليوم، الأمور أكثر غموضًا، وحتى الخبرات التي وُجدت في السابق لإدارة الأزمة لم تعد موجودة». وألمح جوتيريس في تصريحاته إلى الاتفاق الأمريكي، البريطاني الأخير الذي يمنح أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية؛ ليكون لها حرية الحركة في آسيا، معتبرًا أنه «مجرد جزء صغير في أحجية أكثر تعقيدًا وهي العلاقات المختلة تمامًا بين الولايات المتحدة والصين». وأثار الاتفاق السري غضب الصين وفرنسا، التي سبق ووقعت اتفاقًا مع استراليا بقيمة 66 مليار دولار على الأقل مقابل شراء درزينة من الغواصات الفرنسية التي تعمل بالديزل. وتحدث جوتيريس، في تصريحاته، عن الأزمة في أفغانستان والدور الذي قد تلعبه الأمم المتحدة هناك بعد سيطرة حركة «طالبان» على مقاليد الحكم بالبلاد، وقال إنه «سيكون من قبيل الخيال الاعتقاد بأن انخراط الأمم المتحدة سيسهم في إنتاج حكومة شاملة، وضمان احترام حقوق الإنسان أو ضمان وقف تجارة المخدرات أو تشكل المجموعات الإرهابية». لكنه أكد أن الأمم المتحدة، رغم القدرات والنفوذ الضئيل الذي تملكه في أفغانستان، تلعب دورًا رئيسيًا في قيادة جهود توفير المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، مع مخاطبة حركة «طالبان» لضمان تشكيل حكومة ممثلة لجميع الأطياف تحترم حقوق الإنسان، لا سيما حقوق النساء والفتيات.
مشاركة :