تعتبر قضية توظيف السعوديين في الجامعات السعودية قضية تؤرق الجامعات بشكل عام والقائمين عليها بشكل خاص وكذلك طالبي الوظائف الأكاديمية منذ زمن طويل، وتخضع لقدرات وعقليات وثقافات القائمين على الجامعات أكثر مما تخضع للوائح والأنظمة، بين فترة وأخرى تظهر لنا مختلف الجامعات بإعلانات عن وظائف أكاديمية وبأرقام وأعداد فلكية وشروط شبه تعجيزية تحمل في ظاهرها الرحمة.في نهاية شهر ذي القعدة من العام الجاري أعلنت جامعة أم القرى عن حاجتها لشغل عدد (854) وظيفة من الوظائف الأكاديمية (معيد، محاضر، أستاذ مساعد، أستاذ مشارك، أستاذ) بالإحلال وذلك بنظام التعاقد بدوام كامل عن طريق المسابقة الوظيفية وذلك بمقر الجامعة الرئيس وفروعها كأكبر حملة توظيف أكاديمية في العالم؛ فلم يسبقها لهذا الرقم لا جامعة محلية ولا عربية ولا أجنبية، وحددت فترة التقديم خلال أسبوع واحد انتهى في السابع من شهر ذي الحجة للعام المنصرم 1443هـ.جاء ضمن إعلان الوظائف عن (150) وظيفة أستاذ دكتور «بروفيسور» و(156) وظيفة أستاذ مشارك وبقية الوظائف موزعة بين أستاذ مساعد ومحاضر ومعيد، وحددت الجامعة وبمعنى أصح (القائمون على الجامعة).. حتى لا نحمل الجامعة التي حباها الله شرف المكان واللسان فوق طاقتها.. حددت مجموعة من الشروط والضوابط أهمها ألا يتجاوز عمر المتقدم عن (45) سنة، وهنا نتوقف قليلا ونتساءل!، هل يوجد سعودي واحد على وجه الأرض بدرجة بروفيسور يبحث عن وظيفة بعقد مؤقت وعمره لم يتجاوز (45) سنة، أيضا هل يوجد سعودي بدرجة أستاذ مشارك هو الآخر يبحث عن وظيفة بعقد مؤقت وعمرة لم يتجاوز (45)؟ مفارقات عجيبة! في هذا الإعلان وغيرة من إعلانات الجامعات للوظائف الأكاديمية، أيضا من ضمن الشروط أن المتقدم على وظيفة محاضر يجب ألا يتعدى عمره (35) وهذا الشرط وضع في لائحة وزارة التعليم من أجل الوظائف الرسمية التي تتطلب ابتعاث وإيفاد المحاضرين لنيل الدكتوراه ولا ينطبق على الوظائف التي بعقود موقتة كما أعلنت الجامعة، ولا نعلم سر وجود هذه المفارقات الغريبة والعجيبة!! التي تقف عاجزة أمامها نظريات واجتهادات فلاسفة العقل القدماء سقراط وأرسطو!!من خلال تحليل مضمون إعلان الوظائف وشروطها ودرجاتها الأكاديمية يتضح أن الإعلان جاء في هذا الوقت في نهاية السنة الأكاديمية لسببين أحلاهما مر: الأول: هو رغبة الجامعة أقصد (القائمين على الجامعة) في تجديد التعاقد لأكبر عدد من المتعاقدين الأجانب المتواجدين حاليا بالجامعة من أصل (854) متعاقد أجنبي، حيث إن الشروط والضوابط التي وضعت للإحلال من المستحيل تحقيق بعضها خصوصا فيما يتعلق بدرجة بروفيسور وأستاذ مشارك والسن لا يتجاوز (45) سنة، بالإضافة إلى أنها وظائف بعقود مؤقتة، وليست وظائف رسمية وبهذا يكون الإعلان صوري فقط!!أما السبب الثاني: هو أن الجامعة نقصد (القائمين عليها)، يرغبون في استخراج تأشيرات والتي تتطلب عادة الإعلان عن الوظائف في الداخل، وإذا لم يتقدم لها، أو لم تنطبق الشروط والضوابط على المتقدمين يتم الرفع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لطلب تأشيرات بحجة عدم مطابقة الشروط والضوابط على المتقدين، ويبدو أن السبب الأول هو الأقرب نظرا لضيق الوقت وقرب العام الأكاديمي الجديد وتواجد الأجنبي حاليا.أما فيما يتعلق بوظيفة أستاذ مساعد والتي بها وفرة ويبحث عنها الكثير من المؤهلين من أبنائنا الذين حصلوا على درجة الدكتوراه من مختلف الجامعات العالمية التي صرفت الدولة على ابتعاثهم ملايين الريالات من أجل أن يتسلحوا بالعلم والمعرفة ويسهموا في بناء الوطن من خلال الالتحاق بالوظائف الأكاديمية والمساهمة في رقي وازدهار البحث العلمي، أو الذين حصلوا على الدكتوراه من الجامعات المحلية العريقة والناشئة التي معظمها دخلت أبواب التصنيفات العالمية، فأننا على ثقة في الله ثم في القائمين على الجامعة ولجان التوظيف في تحقيق مبدأ العدل والإنصاف، أن تتعامل لجان التوظيف والمقابلات الشخصية مع المتقدمين بنفس الأسلوب والطريقة والسهولة والمرونة التي ينتهجونها في لجان المقابلات عند التعاقد مع الأجانب أثناء رحلة التعاقدات التي تتخذ من الملحقيات الثقافية مقرا لها في مصر والجزائر وتونس وغيرها من البلدان العربية الشقيقة، وعدم التدقيق في الأمور الجانبية مثل المسار الأكاديمي، أو العمر فإذا زاد عمر المتقدم عن العمر المحدد بست ساعات أو ستة أيام من المفترض أن يتم التغاضي عنها مع أن هذه الشروط جميعها لا تطبق على الأجانب عند التعاقد، إضافة إلى أن إجراءات التعاقد مع الأجانب تتم خلال 5 دقائق فقط، وتفوض لجان التعاقدات بصلاحيات رئيس الجامعة، ولا تتطلب إجراءات مطولة بعكس تعيين السعوديين في الوظائف الأكاديمية الرسمية التي تستغرق من 6 أشهر إلى سنة ونصف، مع العلم بأن بعض المتعاقدين الأجانب الذين تزخر بهم جامعاتنا العريقة والجامعات الناشئة حاصلون على الدرجات العلمية من جامعات غير معترف بها وخارج قائمة وزارة التعليم للجامعات الموصي بها.ونظرا لأهمية هذا الملف الوطني فإننا نضعه بين يدي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور معدي آل مذهب الذي عرف بخبرته الإدارية والأكاديمية الناجحة في جامعة الملك سعود وفي جامعة المجمعة ثم في مجلس الشورى، فأبناؤنا يتطلعون إلى أن يلقى اهتمامه وتسهيل قبول المتقدمين، فأبناء الوطن أولى وأحق بهذه الوظائف، والرد على جميع طلبات المتقدمين المقبولين وغير المقبولين وإيضاح أسباب عدم القبول، وعرض بيانات وأسماء المقبولين وفق مبدأ الوضوح والشفافية، إضافة إلى إعادة تصنيف هذه الوظائف التي لم يتحقق إشغالها بأبناء الوطن وفق الواقع والاحتياج الفعلي بدلا من تدوير إعلان الوظائف وترحيل الاحتياج عاما بعد آخر بدون جدوى حقيقية تعود بالنفع والفائدة على الجامعة وأبناء الوطن المؤهلين.نقطة ضوء: لسان حال أبناء الوطن المتقدمين للوظائف الأكاديمية يقول: جامعة أم القرى وإن جارت عليّ عزيزة... وأهلي وأن بخلوا علي كرام.@DrAlzahrani11
مشاركة :