تونس/ علاء حمّودي/ الأناضول - الناصر الهرابي مدير مرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات": الحملة الدعائية متعثرة وباهتة وأداء هيئة الانتخابات كان مرتجلا ويثير مخاوف بشأن نزاهتها مقارنة بانتخابات 2014 و2019 - رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون": الدعاية ضعيفة وفاترة لغياب الأحزاب.. لاحظنا عدم حياد الإدارة (الحكومة) واستخدام منشآت (حكومية) في الدعاية وهيئة الانتخابات لم تطبق القانون - رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر: أداء الهيئة يوم الاستفتاء هو الذي سيحكم على حيادها من عدمه.. لم نتراخى ونوجه تنبيها لكل من يخرق القانون خلال حملة الدعاية تنتهي السبت الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي على مشروع دستور جديد لتونس وسط فتور في المشاركة وترقبٍ من التونسيين لما ستؤول إليه الأوضاع بعد استحقاق الإثنين 25 يوليو/ تموز الجاري. ودعا للاستفتاء الرئيس التونسي قيس سعيد ضمن إجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021 ومنها أيضا إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول القادم. وطرح سعيد، في 30 يونيو/ حزيران الماضي، مشروع دستور جديد، ثم أدخل عليه تعديلات شملت 64 مادة قال إن أخطاءً تسربت إليها، وسيصوت التونسيون على هذا المشروع بالقبول أو الرفض ("نعم" أو "لا") الإثنين المقبل. ومطلع يوليو/ تموز الجاري، انطلقت حملة الدعاية للاستفتاء وتنتهي السبت 23 من الشهر ذاته على أن يكون الأحد يوم صمتٍ انتخابي تُمنع فيه الدعاية بمختلف أشكالها. ومن الملاحظ غياب الاجتماعات الشّعبية وقلة الدّعاية في وسائل الإعلام وعلى منصات التّواصل الاجتماعي، وهو ما أعادته جمعيات رقابية إلى اقتصار المشاركة على أحزاب صغيرة مقارنة بثقل الأحزاب المقاطعة ومنها "النهضة" و"الدستوري الحر" و"الجمهوري" و"التيار". ووفق خبيرين، في حديث للأناضول، فإن حملة الدعاية متعثرة وفاترة وضعيفة، وقد مارست مؤسسات حكومية الدعاية لصالح مشروع الرئيس سعيد، وكان أداء هيئة الانتخابات مرتجلا ما يثير مخاوف بشأن نزاهتها. بينما اعتبر رئيس هيئة الانتخابات أن أداء الهيئة يوم الاستفتاء هو الذي سيحكم على حيادها من عدمه، مشددا على أنها لم تتراخى في عملها وتوجه تنبيها لكل من يخرق القانون خلال الدعاية. وتشهد تونس أزمة سياسية واستقطابا حادا منذ أن بدأ سعيد فرض إجراءاته الاستثنائية قبل نحو عام. وتعتبر قوى تونسية أن مشروع الدستور الجديد "يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق" ويمثل "انقلابا" على دستور 2014 الذي تم إقراره عقب ثورة شعبية أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011). بينما أعلنت قوى تونسية أخرى تأييدها لمشروع الدستور، ورأت أنه يحتوي على مكاسب عديدة مقارنة بدستور 2014، ويمثل مع بقية الإجراءات الاستثنائية تصحيحا لمسار ثورة 2011. ويقول سعيد، الذي بدأ عام 2019 فترة رئاسية تستمر خمس سنوات، إن إجراءاته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من انهيار شامل. ** غياب التنافسية وقال الناصر الهرابي المدير التنفيذي لمرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحولات الدّيمقراطية" (جمعية مستقلة) للأناضول إن "المرصد لاحظ أن الحملة الدعائية للاستفتاء كانت متعثرة منذ بدايتها بسبب تأخر نشر الهيئة المستقلة للانتخابات للرزنامة الانتخابية من 3 مايو/ أيار إلى 3 يونيو/ حزيران الماضيين". ورأى أن "أداء هيئة الانتخابات كان مرتجلا، وانطلاقة الحملة كانت باهته وتواصلت كذلك، فعدد المشاركين في الحملة أو المتحصلين على التّراخيص كان 148 شخصا، بينهم 8 فقط يعارضون مسار الاستفتاء". وتابع: "المنافسة بين مؤيدي الاستفتاء ومعارضيه لم تكن متوازنة عكس انتخابات العامين 2014 و2019". وأردف أن "أكثر الآراء في الشارع مؤيدة للاستفتاء بسبب مقاطعة الأحزاب التي لها وزنها السّياسي". وأعرب الهرابي عن "التّخوف من أن تهدر هيئة الانتخابات مكسب النزاهة الذي جمعته في انتخابات 2014 و2019 باتخاذها مواقف صمت في الوقت الذي يجب أن تكون فيه محايدة وعادلة في مهمتها". وأضاف أن "الإدارات العمومية (الحكومية) لم تكن محايدة ولاحظنا تسخير هذه المنشآت للدفع نحو إنجاح مشروع الرّئيس عبر تواصل وجود لافتات ومعلقات مؤيدة للاستفتاء". وشدد على أن "هيئة الانتخابات لم تتخذ الإجراءات القانونية التي توجب معاقبة المخالفين، وهو ما قد يتأكد يوم الاقتراع بتواصل عدم الحياد من المشرفين على مكاتب التّصويت في فروع 27 دائرة انتخابية". واتهم سعيد هيئة الانتخابات أكثر من مرة بعدم الاستقلالية، وأصدر في 22 أبريل/ نيسان الماضي مرسوما رئاسيا بتعديل القانون الأساسي وتركيبة الهيئة وبات يتم تعيين أعضاء مجلس الهيئة بأمر رئاسي. وأعلنت قوى سياسية عديدة، بينها حركة "النهضة" و"حزب العمال" (يسار)، رفضها لهذا المرسوم الرئاسي، معتبرة أنه يهدف إلى تعزيز سيطرة سعيد على واحدة من آخر الهيئات المستقلة في تونس. ** عدم حياد الحكومة متفقة مع الهرابي، قالت رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون" (جمعية مستقلة لمراقبة الانتخابات) إن الحملة الدعائية كانت "ضعيفة لأن المشاركين أشخاص طبيعيون وليسوا بأحزاب مهيكلة ومنظمة، ما يفسر غياب الأنشطة التّرويجية". وتابعت الجبري للأناضول: "لاحظنا بتنقلنا إلى عدد من الجهات (المناطق) غياب برامج ترويجية وأنشطة دعائية وفتورا طيلة الأسابيع الماضية حتى من المشاركين في الحملة، وهو ما يؤكد وجودا صوريا للمشاركين وغيابهم في الدعاية الحقيقية". وأضافت: "لاحظنا عدم حياد الإدارة في الحملة الدعائية، على غرار تصريح إذاعي لوزير الشباب والرياضة كمال دقيش دعا فيه إلى التّصويت بـ(نعم) وتأكيده أن المنشآت التابعة لوزارته ستكون في خدمة الحملة، عكس ما يضبطه القانون الإداري القاضي بحياد الإدارة". واستطردت: "رؤساء عدد من البلديات يشاركون في الحملة الدعائية ويغضون النظر عن تواصل وجود معلقات ولافتات مؤيدة لموقف ضد آخر، إضافة إلى صمت هيئة الانتخابات التي لم تقم بدورها في تطبيق القانون". واعتبرت الجبري أن "هيئة الانتخابات تراخت في القيام بدورها.. التجاوزات كانت موجودة.. يوجد قانون يضبط قواعد الحملة الدعائية لكن الهيئة لم تطبق ولم تتدخل في الوقت المناسب". ** أداء هيئة الانتخابات معلقا على الاتهامات لهيئة الانتخابات بعدم الحياد ودعم مشروع الرئيس سعيد، قال رئيسها فاروق بوعسكر إن "أداء الهيئة يوم الاستفتاء هو الذي سيحكم على حيادها من عدمه". وأضاف بوعسكر، في تصريح للإعلاميين بمحافظة القيروان (وسط) الإثنين، أن "الدعوة مفتوحة إلى جميع المنظمات الوطنية والأجنبية لإيفاد ملاحظين (مراقبين) بمختلف مراكز ومكاتب الاقتراع". وتابع أن "أهم عناصر النزاهة والشفافية للاستفتاء هي أن يكون تحت أنظار الجميع على غرار الصحفيين والملاحظين المحليين والأجانب وممثلي الأطراف المشاركة في الاستفتاء سواء كانت حزبية أو جمعيات مدنية أو أفراد". والثلاثاء، قال بوعسكر في تصريح إعلامي: "نواصل عملنا ويمكن مراقبة أدائنا، فالهيئات الفرعية للهيئة العليا للانتخابات لم تتراخى في عملها". وأردف أن هذه الهيئات "توجه تنبيها لكل من يخرق القانون، وفي صورة عدم الاستجابة وخلال 48 ساعة، تُلزم السلط المحلية والنيابة العمومية (الأمن) بتطبيق توصياتها في صورة تواصل هذه التجاوزات". وأفاد بأن "أبرز التجاوزات التي تم تسجيلها خلال الحملة هي استعمال علم وشعار الجمهورية في معلقات الاستفتاء، كما تلقت الهيئة شكايات في عدم حياد الإدارة وهي تتعامل بشكل يومي وروتيني مع مثل هذه التجاوزات". وقبل أسبوع، أعلنت هيئة الانتخابات تسجيل 9 ملايين و296 ألف ناخبا وناخبة للمشاركة في الاستفتاء. وينطلق الاستفتاء داخل تونس الساعة السادسة من صباح الإثنين بالتوقيت المحلي (07:00 ت.ع) وحتى الساعة العاشرة ليلا (11:00 ت.ع). أما خارج البلاد، فيُجرى الاستفتاء أيام 23 و24 و25 يوليو/ تموز الجاري من الساعة الثامنة صباحا حتى السادسة مساء حسب توقيت دول إقامة الناخبين. وسيتم إعلان النتائج في 26 يوليو/ تموز الجاري، ثم يتم فتح باب الطعون والنظر فيها وبعدها تُعلن النتائج النهائية في الثلث الأخير من شهر أغسطس/ آب المقبل على أن لا تتجاوز 27 من الشهر نفسه. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :