تمكن علماء فلك للمرة الأولى من الإمساك بثقب أسود بـ “الجرم المشهود”، حين رصدوا مشهداً، طالما كان مجرد فرضيات رياضية، تنبأ بها علماء الفيزياء في بداية القرن الماضي. المشهد التقطته أجهزة استشعار القمر الاصطناعي (TESS) التابع لوكالة الفضاء الأمريكية، لثقب أسود عملاق يبعد عنا بحوالي 375 مليون سنة ضوئية، وهو يلتهم نجماً بحجم شمسنا، بعد تمزيقه وتحويله إلى سحب مضيئة تتحرك بسرعة هائلة حول الثقب الأسود، ومن ثم إلى جوفه الغامض. ومقطع الفيديو هنا هو محاكاة رقمية نشرتها وكالة الفضاء الأمريكية لتوضيح المشهد، فعيون القمر TESS وأجهزة الاستشعار المزود بها ترى الفضاء بطريقة مختلفة، باستخدام القسم اللا مرئي من الطيف (الأشعة السينية وتحت الحمراء وفوق البنفسجية). العلم بين الفرضية والبرهان رغم ندرة هذه الظاهرة التي تنبأت بوجودها قوانين فيزياء وضعها عالم الفيزياء الألماني ألبرت آينشتاين في بدايات القرن المنصرم، وهي تحدث عندما يقترب نجم من ثقب أسود إلى مسافة كافية لتعريض جانبه القريب إلى جاذبية هائلة هي أقوى بأضعاف المرات من تلك التي يتعرض إليها جانبه البعيد، مما يسبب تمزق النجم وتحوله إلى أشلاء صغيرة تندفع بسرعة هائلة نحو الثقب الأسود بشكل سحب متألقة من المواد النجمية. وتلعب قوانين الفيزياء دوراً كبيراً في تحويل سحب النجم “عاثر الحظ” إلى قرص يدور حول الثقب الأسود، ليقترب ببطء وثبات من “أفق الحدث”، وهو الاسم الذي يطلقه العلماء على الخط الذي يتوقف عنه الزمن حرفيا، وتخطي أي شيء لهذا الأفق يعني ضياعه إلى الأبد، كما نقل موقع (يورو نيوز). لكن، في الوقت نفسه، ينفث الثقب الأسود كميات هائلة من الطاقة على شكل إشعاعات كونية، تم رصدها مؤخراً في مكان آخر مختلف من كوننا. ويعتبر العلماء رصد حدث من هذا النوع مهم للغاية، فهو يساعدهم من جهة على فهم سلوك الثقب الأسود، والذي ما يزال غامضاً بمعظمه، ومن جهة أخرى يمكنّهم من التوفيق والمقارنة بين ما كانت تتنبأ به قوانين الفيزياء من علوم نظرية والواقع الذي يتمثل في الأدلة الحقيقية على صحة تلك النظريات.
مشاركة :