كثفت القوات الانفصالية الموالية لروسيا التجنيد القسري للرجال، بمن فيهم حاملو جوازات السفر الأوكرانية، في المناطق المحتلة بإقليم دونباس، وسط أدلة متزايدة على حجم الخسائر بين صفوف القوات الغازية. وبحسب مصادر موثوقة من المنطقة، فإن التجنيد الإجباري، وهو أمر تفرضه السلطات الانفصالية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، قد انتعش مرة أخرى في يونيو من خلال انتشار نقاط التفتيش وتكثيف الدوريات، والتي يتواجد فيها مقاتلون شيشانيون متحالفون مع موسكو. وتسعى تلك الدوريات مع حواجز التفتيش إلى البحث عن رجال لتجنيدهم في القتال، وفي أحد مقاطع الفيديو التي تم تصويرها في أواخر يونيو، وثقت امرأة في ماكيفكا، في إقليم دونباس، جهودها لمنع المسؤولين من “مفوضية الحرب” من جر زوجها إلى سيارة لنقله إلى مكتب التجنيد. ويظهر في الفيديو تبادل للحديث بين المرأة التي لا تكشف عن وجهها واثنين من المسؤولين، كان أحدهما رجل ضخم الجثة يحمل مسدسا ويرتدي قميصا أسود، بينما يحمل الشخص الثاني وثائق منها جواز سفر زوجها. وتقول المرأة في المقطع المصور "من فضلكم أعيدوا جواز سفره.. لا توجد أحكام عرفية لتأخذوا زوجي بعيدا عني، ليرد عليها الرجل الأول ‘إنها تعبئة عامة للحرب"". وعندما تسأله المرأة مستهجنة "وماذا تفعل أنت هنا؟" بعيدا عن جبهات القتال، فيجيب أنه يخدم في مكتب التجنيد. ◙ التجنيد القسري أمر تفرضه السلطات الانفصالية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا وانتعش من خلال انتشار نقاط التفتيش وتعاود المرأة كلامها بقسوة وألم “لماذا لست في مقدمة الصفوف”، قبل أن تعلق على السوار الذهبي في معصمه، قائلة “يمكنك أن تذهب وتقاتل حيثما تريد، ولكن لا تأخذوا زوجي بعيدا عني". وهنا يتدخل رجل ثالث في الحديث بينما يقف عند باب أحد المتاجر، بالقول "أعلم إلى أين يأخذون جيراني”، فترد المرأة "القتال أمر تطوعي.. إنه تطوعي وزوجي لا يريد المشاركة فيه". ويرد آخر “لكنه قادر على القتال”، وهنا ترد الزوجة بحدة "لكن جواز سفره أوكراني وهو ليس مضطرا إلى القتال من أجلكم". وعقب ذلك يمكن سماع صوت ذكوري، على ما يبدو زوج المرأة، يقول "لماذا تحاولون زجي عنوة إلى داخل السيارة؟"، فيقول له أحد الرجلين "لأننا بحاجة إلى إحضارك إلى مكتب التجنيد والتحقق من مستنداتك". ومع استمرار الجدل، تصف المرأة كيف ذهب أقاربها الآخرون للقتال والموت، تقول "لا أحد يريد القتال! لقد سئمنا منكم ومن حربكم. لقد أخذتم كل الرجال!". وتتابع "كلهم شباب، ولقد دفنّا بالفعل نصف من ذهب للقتال مثل شقيقي زوجي وأخي.. بحق الجحيم. لم يتبق لدينا في البيت سوى ذكر واحد وهو طفل معاق". وأكدت أولكساندرا ماتفيتشوك، الناشطة في مجال حقوق الإنسان من مركز الحريات المدنية في أوكرانيا، صحة الفيديو الذي انتشر على أحد قنوات تطبيق تليغرام قبل أن تحظره السلطات الانفصالية على الأغلب، مشيرة إلى أن المشاجرة انتهت بمغادرة موظفي التجنيد بعد ما أمروا الرجل بالحضور إلى مكتب التجنيد في غضون ساعتين، دون أن يتضح ما حدث للزوجين. ◙ الأرقام تشير إلى وجود أكثر من نصف رجل معرضين للتجنيد الإجباري والقتال لصالح موسكو والقوات الانفصالية وقالت “إن التجنيد الإجباري في جيش ما يسمى بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفتصاليتين، وإن كنت أفضل القول إنه مفروض من قبل السلطات الروسية نفسها". وتابعت "رأينا رجالا يجري توقيفهم في الشوارع وسحب جوازات سفرهم قبل أن يرسلوا قسرا للخدمة في قوات الانفصاليين، وبعد الغزو في فبراير تلقينا الكثير من الرسائل التي تطلب العون والمساعدة من المدنيين لمنع إجبارهم على القتال". وكشفت ماتفيتشوك رسالة تلقتها من رجل في منطقة لوغانسك كان مختبئا في شقته لتجنب التجنيد الإجباري، ويقول فيها "كيف يمكنني أن أحاكم السلطات الروسية؟ هذا انتهاك لحقوقي.. منذ فبراير لم أتمكن من الخروج إلى الشارع بسبب الانتشار المكثف لسيارات دورية في بلدتي بحثا عن أي رجل قادر على القتال". ويضيف "إنهم يصطادوننا مثل القطط الضالة، ويساعدهم المقاتلون الشيشان في البحث عن الرجال الموجودين في قوائم المطلوبين". وفي وصف ملابسات الفيديو، قالت ماتفيتشوك إن تصويره تم على ما يبدو بعد فترة في يونيو عندما كانت فرق التجنيد غير نشطة نسبيا، وفي بداية موجة جديدة من التجنيد الإجباري. وقالت "يبدو أنهم بدأوا في البحث عن رجال مرة أخرى في حوالي الثالث والعشرين من يونيو، وأقاموا نقاط تفتيش عند مخارج المدن على الطرق السريعة"، مضيفة "ما حدث مع ذلك الرجل أمر قاس للغاية، فهو أوكراني ويطلبون منه أن يقاتل أبناء بلده". ونوهت تلك الناشطة بأن الأرقام تشير إلى وجود أكثر من نصف رجل معرضين للتجنيد الإجباري والقتال لصالح موسكو والقوات الانفصالية. وتأتي الأدلة المتجددة على التجنيد الإجباري وسط قضايا موثقة جيدا عن الخسائر الروسية في الحرب، وذلك بالتزامن مع بدء الكرملين في حشد كتائب متطوعة جديدة في جميع أنحاء روسيا.
مشاركة :