يدور النظام الشمسي الداخلي بشكل أبطأ بكثير مما تتنبأ به قوانين الفيزياء الحديثة، ويعتقد العلماء الآن أنهم توصلوا إلى تفسير يشرح هذا اللغز. وتحتوي الحلقة الداخلية للنظام الشمسي على طبقات رقيقة من الغاز والغبار، تُعرف باسم أقراص التراكم، والتي تدور حول النجوم الفتية وتتجه ببطء نحو الداخل. وعندما يحدث هذا بشكل حلزوني، يجب أن يدور الجزء الداخلي من القرص بشكل أسرع وفقا لقوانين الزخم الزاوي، على غرار الطريقة التي يدور بها المتزلجون على الجليد بشكل أسرع عندما يقربون أذرعهم من أجسامهم. ومع ذلك، أظهرت الملاحظات السابقة أن النظام الشمسي الداخلي، منطقة النظام الشمسي التي تمتد من الشمس إلى حزام الكويكبات وتشمل الكواكب الأرضية، لا تدور بالسرعة التي تنبأ بها قانون الحفاظ على الزخم الزاوي. وقدم العلماء العديد من التفسيرات المحتملة لهذا السلوك: سواء كان ذلك الاحتكاك بين الأجزاء الدوارة الداخلية والخارجية لقرص التراكم، أو المجالات المغناطيسية التي تولد "عدم استقرار مغناطيسي" ينتج عنه اضطراب غازي ومغناطيسي يؤدي إلى إبطاء سرعة دوران الغاز المتصاعد إلى الداخل. ولم يكن أي من هذه التفسيرات مقنعا لبول بيلان، أستاذ الفيزياء التطبيقية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، لأن الحسابات تظهر أن أقراص التراكم لها احتكاك داخلي ضئيل وأن الاضطراب كان "مثيرا للقلق". وبدأ البروفيسور بيلان في تحليل مسارات الذرات الفردية والإلكترونات والأيونات في الغاز الذي يتكون منه القرص، ليرى كيف تتصرف الجسيمات عند الاصطدام وكيف تتحرك بين الاصطدامات. وأوضح العلماء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) كيف تتفاعل الجسيمات في قرص التنامي، باستخدام عمليات محاكاة جديدة لقرص تراكم افتراضي شمل نحو 40 ألف جسيم محايد ونحو 1000 جسيم مشحون يمكن أن تصطدم ببعضها البعض، بالإضافة إلى الجاذبية والمغناطيسية. ويكشف البروفيسور بيلان: "كان هذا النموذج يحتوي على القدر المناسب من التفاصيل لالتقاط جميع الميزات الأساسية، لأنه كان كبيرا بما يكفي ليتصرف تماما مثل تريليونات فوق تريليونات من الجسيمات المحايدة المتصادمة والإلكترونات والأيونات التي تدور حول نجم في حقل مغناطيسي". وأظهرت المحاكاة أن الاصطدامات بين الذرات المحايدة والجسيمات المشحونة من شأنها أن تتسبب في اندفاع الأيونات الموجبة الشحنة (أو كاتيونات) إلى الداخل، بينما تتصاعد الإلكترونات سالبة الشحنة إلى الخارج. ووجدت عمليات المحاكاة الحاسوبية أنه بينما يتم فقد الزخم الزاوي، يتم الحفاظ على الزخم الزاوي الكنسي، وهو مجموع الزخم الزاوي العادي الأصلي بالإضافة إلى كمية إضافية تعتمد على شحنة الجسيم والمجال المغناطيسي، وفقا لبيان أصدره العلماء. وأوضح العلماء في البيان: "نظرا لأن الإلكترونات سالبة والكاتيونات موجبة، فإن الحركة الداخلية للأيونات والحركة الخارجية للإلكترونات، الناتجة عن الاصطدامات، تزيد من الزخم الزاوي الأساسي لكليهما. وتفقد الجسيمات المحايدة الزخم الزاوي نتيجة التصادم مع الجسيمات المشحونة وتتحرك إلى الداخل، ما يوازن الزيادة في الزخم الزاوي الأساسي للجسيمات المشحونة." وهذا التمييز الصغير له تأثير مضاعف ضخم على نطاق كبير مثل النظام الشمسي، حيث يحتاج واحد فقط من بين مليار جسيم إلى الشحن لشرح الخسارة الملحوظة للزخم الزاوي للجسيمات المحايدة. وتجعل هذه الحركة القرص أقرب إلى بطارية عملاقة، مع طرف موجب بالقرب من المركز وطرف سالب عند الحافة. وهذا يخلق تدفقا كهربائيا هائلا ويقوي نفاثات فيزيائية فلكية تنطلق في كلا الاتجاهين، وقع رصدها من قبل علماء الفلك لأكثر من قرن من الزمان، دون أن يعرفوا أبدا القوة الكامنة وراء أصلها. المصدر: إندبندنت تابعوا RT على
مشاركة :