تشغيل معمل سكر بريف حماة يتسبب بكارثة بيئية في «العاصي»

  • 7/25/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في خضم الاحتفاء الرسمي بعودة معمل السكر في تل سلحب في ريف حماة الغربي إلى الإنتاج بعد ثماني سنوات من التوقف، تواردت أنباء من منطقة سهل الغاب عن تسبب تشغيل المعمل بكارثة بيئية أدت إلى تلوث مياه نهر العاصي والتربة المحيطة بالمنطقة، جراء رمي المخلفات في مجرى النهر. وأظهرت صور ومقاطع فيديو، نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في نهر العاصي، وتحدثت مصادر فلاحية في منطقة الغاب عن انتشار رائحة كريهة لعدة كيلومترات، وقالت المصادر: عانت المنطقة ومنذ إنشاء المعمل من التلوث الناجم عن التخلص من مخلفات المعمل في مجرى نهر العاصي الذي يروي 70 في المائة من الأراضي الزراعية في المنطقة، وعندما توقف المعمل خلال سنوات الحرب عادت الأسماك لتعيش في النهر، إلا أن إعادة تشغيل المعمل دون دراسة لما سيتسبب به من تلوث وتدمير للبيئة، أضافت لجملة الكوارث البيئية التي ترزح تحتها البلاد، كارثة جديدة، علماً بأن الحلول بسيطة ويمكن تخفيف الأثر الكارثي بحلول بدائية، مثال استخدام نبات ينبت على ضفاف نهر العاصي، فهو من أهم الوسائل الآمنة بيئياً التي تستخدم لإنشاء فلاتر تمنع تلوث مياه الأنهار، وبالتالي التربة الزراعية في محيط النهر. وعاد معمل سكر تل سلحب إلى الإنتاج الأسبوع الماضي، بعد توقف سنوات، وبعد خمس سنوات من توقيع المؤسسة العامة للسكر اتفاقية مع مجلس الأعمال السوري الإيراني، لإنشاء معمل خط تكرير سكر في شركة تل سلحب عبر الخط الائتماني الإيراني الثاني عام 2017. وما أن أقلع الإنتاج حتى تكشفت جملة من المشكلات، منها بطء تسلم محاصيل الشوندر السكري من الفلاحين، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تتلف الشوندر. وكشف مدير المؤسسة العامة للسكر سعد الدين العلي، في بيان صحافي، أن من أسباب البطء في تسلم المحاصيل «حدوث توقفات لبعض الآلات أثناء معايرتها ودخولها في العملية التصنيعية، خصوصاً ونحن نتحدث عن آلات توقفت منذ ثماني سنوات رغم صيانتها وتجريبها فإنها عند التحميل من الممكن أن يحدث توقف كهربائي أو ميكانيكي»، كما أثارت سياسة التسعير انتقادات الاقتصاديين لما تلحقه من خسارة تأتي على حساب المزارع، ناهيك عن الكارثة البيئية التي تحدث جراء إلقاء مخلفات المعمل في مجرى نهر العاصي. ويتعرض نهر العاصي الذي ينبع من الأراضي اللبنانية، جنوباً، ويقطع عشرين كم داخل الأراضي السورية شمالاً، لتعديات بيئية كارثية ترافقه من المنبع حتى المصب، حيث تتخلص القرى الواقعة عليه من مياه الصرف الصحي في مجرى النهر، كما تصرف المنشآت الصناعية والصناعات المتوسطة الواقعة على النهر مخلفاتها الصناعية في مياه النهر، كمعمل الأسمدة ومصفاة حمص ومعمل سكر حمص ومعمل سكر سلحب وغيرها، والتي تفتقر جميعها إلى محطات معالجة، وإن وجدت تكون غير فعالة في الحد من تدمير البيئة. وحذرت وسائل إعلام محلية يوم أمس من مصيبة كبيرة تحصل في سهل الغاب، وكتب الصحافي السوري معد عيسى مقالاً تداوله السوريون عبر صفحات التواصل الاجتماعي، قال فيه إن «معظم فلاحي سهل الغاب يسقون أراضيهم الزراعية من مجرى نهر العاصي، ولكن هذا المجرى أصبح ملوثاً اليوم ببقايا مياه معمل سكر سلحب، وعليه فإن المزروعات مهددة والخضراوات ملوثة بالإضافة إلى الرائحة الخانقة المنبعثة لعدة كيلومترات». وأضاف عيسى، أن «المصيبة لم تتوقف عند هذا الحد على حد تعبير المزارعين، فالمحصول خاسر، ومنهم من اضطر لبيع قسم منه علفاً لبعض مربي الثروة الحيوانية لتغطية الخسائر». كما نوه عيسى إلى مصيبة تحصل في حلب، وقال: «منذ أيام تمت إعادة إطلاق المياه في نهر قويق وهو لا شك مشروع حيوي لإرواء ٨٥٠٠ هكتار في سهول حلب الجنوبية بعد توقف لسنوات طويلة»، لكن ذلك تم دون إيجاد حل لمشكلة التلوث في منطقة الدباغات التي تلوث المياه والتي تم ضخها في نهر قويق والتي ستذهب لسهول حلب الجنوبية. يذكر أن الحرب أسهمت إلى حد بعيد في تعميق الكوارث البيئية التي حولت سوريا إلى «أرض مسمومة» نتيجة تلوث التربة، وتقلص الأراضي الزراعية وارتفاع نسب تلوث الهواء، وتشير الأرقام المتداولة إلى أن سوريا فقدت 20.4 في المائة من الغطاء الشجري في الفترة بين أعوام 2012 و2019 جراء الحرائق في غابات اللاذقية وطرطوس وإدلب، وغيرها من المناطق الحراجية. وفي عام 2020 تسببت الحرائق في القضاء على ما يزيد على 9 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، كما تسبب تسرُّب 20 ألف طن من الفيول ومن مصفاة تكرير النفط في بانياس على الساحل السوري، العام الماضي، بتلوث مياه البحر ببقعة نفطية عملاقة تعادل مساحتها مدينة نيويورك الأميركية، بحسب ما أفادت تقارير إعلامية غربية.

مشاركة :