قتل فلسطينيان اليوم (الأحد) برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية في عملية لاقت تنديدا من جانب الفلسطينيين الذين اعتبروا أن ما جرى عملية "إعدام ميداني"، فيما قال الإسرائيليون في المقابل إنها جاءت في إطار "مكافحة الإرهاب". وشيع آلاف من الفلسطينيين في نابلس الشابين اللذين ينتميان لكتائب الأقصى، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها الرئيس محمود عباس. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان أن عبود صبح (29 عاما) ومحمد عزيز (22 عاما) قتلا بعد إصابتهما بنيران الجيش الإسرائيلي وأصيب 8 آخرون بجروح 3 منهم في حالة خطيرة خلال عملية "اقتحام" لمدينة نابلس. من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن قوات شرطية خاصة إلى جانب قوات من "لواء غفعاتي" تابعة للجيش قامت بالعمل داخل البلدة القديمة في نابلس حيث تعاملت مع مسلحين يشتبه في ضلوعهم "بأنشطة إرهابية". وأوضح أدرعي في بيان أن اشتباكات اندلعت في البلدة وتم القضاء على عدد من "المخربين"، مشيرا إلى أن القوات عثرت في إحدى شقق المطلوبين على وسائل قتالية شملت بنادق ومسدسات. وتسببت الاشتباكات باندلاع حريق في عدد من المحلات التجارية والمركبات وتضرر منازل في حارة "الياسمينة" بالبلدة القديمة، بحسب ما أفادت مصادر أمنية فلسطينية. ونعت كتائب الأقصى في بيان "الشهيدين صبح وعزيزي"، مؤكدة أن الفعل الجهادي "لمقاوميها سيزداد اشتعالا في كافة الضفة الغربية كتعبير أصيل عن إرادة الشعب الفلسطيني الذي "لا يقبل الاستسلام ولا يحبط من عزائمه". وانطلق موكب التشييع قبل ظهر اليوم من مستشفى "رفيديا" الحكومي الذي نقل إليه الشابان، باتجاه وسط مدينة نابلس وتقدم المشيعين عشرات من الملثمين المسلحين الذين أطلقوا الرصاص في الهواء تعبيرا عن الغضب. ورفع المشيعون العلم الفلسطيني ورايات كتائب الأقصى، فيما رددوا عبارات منددة بـ"الجريمة" وأخرى تدعو لمحاسبة إسرائيل. وعم إضراب شامل المدينة وأغلقت المحال التجارية أبوابها تلبية لدعوة وجهتها الفصائل الفلسطينية في نابلس حدادا على الشابين صبح وعزيزي. وقال منسق الفصائل في نابلس نصر أبو جيش لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن حالة من "الغضب والحزن تعم المدينة"، واصفا ما جرى بأنه "جريمة كبرى باتجاه المواطن الفلسطيني". وأدان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة "جريمة اغتيال الشابين صبح وعزيزي"، محملا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عنها. وقال أبو ردينة للصحفيين في رام الله إن مواصلة "العدوان على الفلسطينيين ليس غريبا على الحكومات الإسرائيلية، وإن المنطقة ستبقى في دوامة العنف حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل". ودعا أبو ردينة الإدارة الأمريكية للدفاع عن مصداقيتها وإجبار إسرائيل على الالتزام بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واحترام التفاهمات والاتفاقيات الثنائية. بدوره، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في بيان من المخاطر الناجمة عن تكرار مثل تلك "الجرائم التي ما كان لها أن تقع لولا شعور الجناة بأن بإمكانهم الإفلات من العقاب". وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في تغريدة عبر ((تويتر)) أن الحماية الدولية للشعب الفلسطيني هي الكفيلة بوضع حد "للجرائم التي ترتكب بحقه". واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن "التصعيد لن يوفر لإسرائيل هروبا آمنا من استحقاقات السلام"، متهمة إياها بتكريس المدخل الأمني في التعامل مع القضية الفلسطينية وإزاحة واستبعاد الحلول السياسية. وقالت الوزارة في بيان إن قتل صبح وعزيزي واقتحام مدينة نابلس يعد "خرقا فاضحا للاتفاقيات الموقعة والقانون الدولي واتفاقيات جنيف"، معتبرة إياها سياسة إسرائيلية رسمية "تتعمد ارتكاب الانتهاكات والجرائم والقتل خارج القانون". وأشار البيان إلى أن الوزارة ستتابع "الجريمة النكراء مع المحكمة الجنائية الدولية"، مطالبا إياها بتحمل مسؤولياتها تجاه الضحايا الفلسطينيين، والإسراع في إصدار مذكرات جلب واستدعاء وتوقيف للمشبوهين في ارتكاب هذه الجرائم. في المقابل، هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد القوات الأمنية على عملية وصفها بأنها "فعالة وناجحة". وقال لابيد في مستهل اجتماع حكومته الأسبوعي، إن الحكومة "لن تقف مكتوفة الأيدي وننتظر تعرض الإسرائيليين للأذى، سنخرج ونضرب الإرهابيين في منازلهم". كما أثنى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومير بارليف في تصريح للإذاعة الإسرائيلية العامة على القوات المشاركة في العملية. وقال بار ليف إن "الكفاح ضد الإرهابيين مستمر على مدار اليوم والساعة (..) في هذا الحدث كان هناك مطلوبون معروفون قاوموا محاولة اعتقالهم، وتبع ذلك تبادل لإطلاق النار وتم تصفيتهم في النهاية، ولحسن الحظ عادت القوات بسلام". واعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح في بيان أن سياسة "الإعدامات والاغتيالات بدم بارد للفلسطينيين محاولة إسرائيلية فاشلة لكسر إرادتهم وصمودهم والمقاومة الشعبية". وأكد المتحدث باسم حركة (فتح) منذر الحايك أن الشعب الفلسطيني مستمر في "نضاله حتى الحرية والاستقلال"، معتبرا أن سياسة الاقتحامات والاغتيالات "لن تحقق الأمن ولا الهدوء". ووصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة، ما جرى من اشتباكات مع القوات الإسرائيلية بأنه "عمل بطولي وشجاع". وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم إن المدن الفلسطينية في الضفة الغربية باتت "محرمة على الاحتلال الإسرائيلي بفضل المقاومة".
مشاركة :