قيس سعيّد يدعو إلى إنقاذ تونس مع انطلاق الاستفتاء على الدستور الجديد

  • 7/25/2022
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد الاثنين أن بلاده تتجه نحو جمهورية جديدة تقوم على الحرية والعدل والكرامة الوطنية، ودعا شعبه إلى عدم ترك البلاد "فريسة لمن يترصد لها بالداخل والخارج"، متوعدا من يختلقون الأزمات وصرف أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية، بـ"محاكمة عادلة". وقال سعيّد في تصريح بثته القناة التلفزيونية الوطنية "الوطنية الأولى"، صباح الاثنين عقب إدلائه بصوته في الاستفتاء الشعبي على دستور البلاد الجديد، "سنبني معا بسواعدنا وأفكارنا جمهورية جديدة تقوم على الحرية الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية". وأضاف "سنبدأ معا تاريخا جديدا يقوم على مسؤولية المسؤول أمام الشعب الذي اختاره، لا أن نشاهد ما شاهدناه في البرلمان... كانت كل يوم تتشكل كتل جديدة بل أحزاب لم تكن موجودة أبدا". وأكد في المقابل أن "الشعب مطالب اليوم (الاثنين) بأن يحسم الأمر ويصوت لما هو حر في اختياره، ولا يجب أن نترك تونس فريسة لمن يترصد لها بالداخل والخارج". واتهم في هذا الصدد أطرافا، لم يسمها، بمحاولة إفشال الاستفتاء وتحريض المواطنين على عدم التوجه إلى مراكز الاقتراع، وباختلاق الأزمات وصرف أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية. وكشف سعيّد أنه تم توقيف عدد من الأشخاص كانوا بصدد توزيع الأموال لحث المواطنين على عدم المشاركة في الاستفتاء، معتبرا أن المعارضة "تهاب لأن يعبر الشعب عن إرادته". وقال "يختلقون الأزمات والهدف هو ألا نهتم بالشأن والقضايا الحقيقية، ويعتقدون أنهم بمنأى عن المحاسبة والمحاكمات العادلة حتى تعود الأموال المنهوبة من الخارج... تونس عرفت خلال السنوات الأخيرة عشرية سوداء". وأكد سعيّد أنه سيعمل على تحقيق مطالب التونسيين، وأن بلاده قادرة على النهوض مجددا، متوعدا في نفس الوقت بـ"محاكمة عادلة" لكل من سعى إلى إيذاء الوطن. وشرع التونسيون الاثنين بالتصويت في استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس سعيّد، وسط ترقب وإجراءات أمنية مشددة. وفتح أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام المواطنين اعتبارا من الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش على أن تغلق عند الساعة 21:00. وقال طارق الجميعي (24 عاما) لوكالة فرانس برس وقد خرج من مركز تصويت في العاصمة تونس "بالنسبة لي الاستفتاء هو حماية لمستقبل بلادي". وبحسب هيئة الانتخابات، تسجّل 9.296.064 ناخبا بشكل طوعي أو تلقائي للمشاركة في الاستفتاء، الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356.291 الإدلاء بأصواتهم السبت ولديهم حتى الاثنين للاقتراع. وأعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر الاثنين أن عدد المقترعين بلغ 564 ألفا و753 ناخبا إلى حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، وهو ما يمثل نسبة 6.32 في المئة من إجمالي عدد الناخبين. وأوضح أن هذا العدد هام ومشجع، قائلا إن في نفس التوقيت من سنة 2019 بلغت نسبة الإقبال 1.6 في المئة. ويوم الاستفتاء يوم عطلة يلي عطلة نهاية الأسبوع مباشرة ويتزامن وفصل الصيف، الذي تختار فيه غالبية العائلات التونسية التوجه للاصطياف بالقرب من المناطق الساحلية. ويتواصل لليوم الثالث الاستفتاء خارج البلاد. وتشكل نسبة المشاركة الرهان الأبرز في هذا الاستفتاء الذي لا يتطلب حدّا أدنى من المشاركة. ويُتوقع أن يحظى الدستور الجديد بقبول شعبي، بينما دعت المعارضة بجزئها الأكبر إلى مقاطعة الاستفتاء. ويرى مراقبون أن من شأن التصويت بـ"نعم" على مشروع دستور الجمهورية الثالثة أن يغلق قوس الإسلام السياسي في تونس، وينهي منظومة السنوات العشر الماضية التي عبثت بالدولة ومصالح التونسيين. ويشير هؤلاء إلى أن في حال التصويت ضد مشروع الدستور ستكون تونس مفتوحة على عدة فرضيات، بينها العودة إلى الإطار الدستوري السابق، أي دستور 2014، أو تعديل الدستور المقترح والاستفتاء عليه من جديد، لكن في كل الأحوال فقد يكون ذلك مؤشرا على رفض للرئيس وليس للدستور بحد ذاته، لاسيما وأن سعيّد وضع كل ثقله السياسي على المحك. ومرحلة الاستفتاء هي الثانية ضمن خارطة طريق أقرها الرئيس سعيّد بعدما قام بتعليق البرلمان ثم حله، بالإضافة إلى تغيير قانون منظم للمجلس الأعلى للقضاء وهيئة الانتخابات. وينصّ الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويمكن أن يقيله إن شاء، من دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. وكذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من قبل نواب البرلمان. فضلا عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين "مجلس نواب الشعب" الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات، و"المجلس الوطني للجهات" ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة، على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهامه. وتتهم المعارضة الرئيس التونسي بالتأسيس لحكم فردي والاستحواذ على سلطات واسعة ونسف الديمقراطية ومبدأ التداول على الحكم، لكن سعيّد نفى أي نوايا للعودة إلى الدكتاتورية، مستندا إلى نص في مشروع الدستور الجديد يقيد البقاء في منصب الرئاسة لفترة لا تتجاوز عهدتين من خمس سنوات متصلتين أو منفصلتين، ولا يمكن تعديل الفصل. ودعت حركة النهضة الإسلامية وأبرز المعارضين للرئيس إلى مقاطعة الاستفتاء واعتباره "مسارا غير قانوني"، بينما ترك الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية، حرية القرار لأنصاره. ويعتبر سعيّد (64 عاما) مشروع الدستور الجديد امتدادا لعملية "تصحيح المسار". وقد بدأها بإجراءات في الخامس والعشرين من يوليو 2021 بتولي السلطات في البلاد وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ليحله بالكامل لاحقا. ومن المقرر أن تُنظم انتخابات نيابية في ديسمبر.

مشاركة :