يمثل التحول الرقمي للقطاع المالي والمصرفي داعما رئيسا لدخول المرحلة الجديدة للقطاع ومساعدة المستخدمين على إنجاز معاملاتهم المالية بسهولة، فمع التطور المتسارع لعجلة التحول الرقمي التي كانت واضحة خلال فترة جائحة كوفيد - 19، زادت الحاجة أكثر فأكثر إلى وجود خدمات وتقنيات مالية تساعد المستخدمين على إتمام أمورهم المالية بأنفسهم وبضغطة زر واحدة، حيث تتطلب المرحلة المقبلة من القطاع المصرفي بشكل عام وجود مرونة لتيسير إتمام المعاملات والأعمال، الأمر الذي جعل القطاع المالي اليوم، أحد أهم القطاعات التي يجب عليها مواكبة التغيرات الحاصلة. وكل يوم، يلمس المستخدمون وقطاع الأعمال التأثير الواضح للتحول الرقمي في جميع القطاعات وفي القطاع المالي خصوصا، ففي المملكة، أصبح التعامل والاعتماد على خدمات المدفوعات والبنوك الرقمية واعتمادها كبدائل للخدمات المالية التقليدية هو نمط الحياة السائد لدى عديد من المستهلكين، والمهيمن على الخدمات البنكية في المملكة والعالم. فعلى مستوى المملكة، وبحسب تقرير الرقمنة في السعودية الصادر من Hoot Suite، هناك 29.7 مليون مستهلك في المملكة يعتمدون على المدفوعات الرقمية وهو ما يمثل زيادة واسعة في عدد مستخدمي الخدمات المصرفية الإلكترونية، أسهمت في وجود عديد من الخيارات الرقمية لتقليص الفجوة بين الخدمات المصرفية الرقمية والتقليدية، في حين يبلغ إجمالي القيمة السنوية لمعاملات الدفع الرقمية في المملكة نحو 34.89 مليار دولار. رؤية المملكة 2030 منذ إطلاقها خططت إلى الوصول إلى أبعد من ذلك، عبر تطوير الخدمات المصرفية الرقمية من خلال إطلاق مبادرات، مثل برنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج التحول الوطني لرقمنة قطاع الخدمات المالية في المملكة. وفي حديث لـ”الاقتصادية” قال أحمد غندور، المدير الإقليمي للمملكة والكويت وبلاد الشام في Backbase، حول الاتجاهات المستقبلية لقطاع المدفوعات والبنوك الرقمية، “تشهد المملكة عديدا من التغييرات اليوم التي تشمل رقمنة العمليات الحكومية وبناء المدن الذكية باستخدام التقنيات المستدامة وغيرها، ويواكب قطاع الخدمات المصرفية الرقمية التطورات الحاصلة، حيث شهد مجال الخدمات المصرفية الرقمية التفاعلية في المملكة نموا كبيرا على مدار الأعوام، ولا شك بأن انتشار الوباء أسهم في دفع عجلة تطور القطاع بشكل متسارع، وعلى الرغم من أن القطاع استطاع أن يقطع شوطا طويلا في هذا المنحى، إلا أنه لا يزال هناك مجال كبير للتحسين في بنوك المملكة والمنطقة ككل، حيث يتطلع كثيرون إلى إدخال الاستراتيجيات المصرفية الرقمية في 2022. وتابع، يجب ألا تحل الخدمات المصرفية الرقمية أبدا محل الجانب الإنساني في أي صناعة، فضلا عن الصناعات التي تعتمد على التفاعل البشري مثل الخدمات المصرفية. من الممكن أن تحل محل بعض التفاعلات، لكن يبقى العنصر البشري هو العنصر الذي يضمن استمرار البنوك في تقديم تجارب مخصصة، ومع ذلك يمكننا دائما الاستفادة من التكنولوجيا لتحسين التفاعلات البشرية، وجعل التجربة ممتعة وشخصية قدر الإمكان. وحول المشهد التقني الرقمي الحالي في المملكة، قال غندور إن المملكة حققت قفزة نوعية في مجال التحول الرقمي، ما أدى إلى تعزيز قوة المشهد المالي في الشرق الأوسط على مدار العامين الماضيين. وتعد المملكة حاليا مركزا قويا للتحول الرقمي، وتعمل على وضع إطار استراتيجي للنمو والتنويع، ويعد التحول الرقمي أحد الأهداف الضخمة لدى المملكة في رؤية 2030، ونشهد بالفعل تطورا قويا في المشهد التقني اليوم، حيث تقود المملكة التحول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتمتلك ما يزيد على 31 في المائة من حصة السوق مقارنة بـ2019 قبل تفشي الوباء، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو نتيجة للاستثمارات الضخمة في رقمنة قطاع الطاقة وكذلك الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وبناء المشاريع الضخمة. وأشار إلى أن نمو الخدمات المصرفية الرقمية في المملكة والمنطقة بدأ قبل فترة طويلة من تفشي الوباء. وما كان الوباء إلا حافزا إضافيا لهذا النمو، ونتوقع أن نشهد مزيدا من التحسينات خلال الأعوام المقبلة. وأظهرت الأبحاث الخاصة بالإقبال على الخدمات المصرفية الرقمية التي أجريناها العام الماضي نتائج واعدة، حيث أشار 88 في المائة من سكان المملكة إلى أنهم سيختارون الخدمات الرقمية بدلا من زيارة البنوك، ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح من خلال مشاهدة عدد البنوك المالية الجديدة والبنوك الرقمية الجديدة التي تدخل السوق السعودية أو تخطط للقيام بذلك.
مشاركة :